تونس -حياة الغانمي
تعتبر 65% من السلع في الأسواق العربية مقلدة أو مزورة، وأن قائمة السلع تتعدد وتتشعب من الأدوات المكتبية والبرمجيات والأدوية وقطع غيار السيارات، وأدوات التجميل والأجهزة الكهربائية والمواد الغذائية ومواد أخرى. ومع التقدم العلمي صار التقليد أسهل وأكثر وفرة وأكثر ربحية أيضا. وتنتشر في الأسواق التونسية مواد وسلع في مختلف أصنافها واستعمالاتها، وهذه المواد تعرض عادة في الأسواق الموازية باعتبار أن أغلبها يتأتى من مسالك توزيع غير منظمة أو عن طريق التهريب وهي في متناول الأطفال والكهول على حد السواء وعلى الرغم من علم أغلب مستعملي هذه المواد بأنها مهربة، إلا أن استعمالها قد يشكل خطرا على صحة الإنسان علاوة عن الأضرار التي يلحقها بالاقتصاد.
فعديدة هي السلع والمواد التي تم حجزها من قبل فرق المراقبة المختصة، وكلما تم التثبت في المواد المحجوزة الفاسدة يتبين أنها أما مجهولة المصدرة أو موردة بطريقة غير شرعية. ويحيلنا هذا الأمر على أن هناك عصابات تعمل على إغراق السوق بشتّى أنواع السلع المورّدة وأخرى يتمّ إنتاجها في المنازل دون احترام القواعد الصحية والشروط الدنيا التي تفرضها المواصفات. عصابات لا هم لها إلا تكوين ثروة ولو على حساب صحة المستهلكين، عصابات استغلت الأوضاع الأمنية غير المستقرة واستغلت انشغال الأمنيين بالإرهاب، وبمحاربة المارقين عن الدولة لتدخل إلى بلادنا مواد في حجم السموم.
وتتعدد الأضرار التي تتسبب فيها السلع المقلدة ومجهولة المصدر، إذ أن البضائع المهربة لا تحتكم إلى النظام الضريبي وبالتالي تكلف الاقتصاد الوطني أموالا طائلة بحكم أنها تدخل إلى أسواقنا عبر التهريب. ولقد ثبت في العديد من الفترات أن المواد المقلدة ومجهولة المصدر كانت سببا في أضرار وأمراض خاصة أمراض البشرة بالنسبة إلى مواد التجميل والتسبب في أنواع كثيرة من الحساسية التي يؤكدها الأطباء، ومن بينها الأمراض الخبيثة التي تظهر بعد سنوات، نتيجة تراكمات متكررة لبعض المواد السامة ولو بكميات ضئيلة جدا.
وللحد من انتشارها في أسواقنا تقوم وحدات المراقبة بعمليات حجز من نقاط مختلفة وبكل مناطق الجمهورية. وأن كان الحجز لا يعني في حد ذاته القضاء على انتشار هذه السلع، إلا أنه عند الاطلاع على الحجم الذي تمثله فانه يعكس ضخامة السلع الموجودة والتي قد لا يتمكن أي كان من تحديد حجمها . وقد تمكنت وحدات المراقبة حسب ما صرح به عبد القادر التيمومي مدير إدارة المراقبة الاقتصادية من حجز 100 ألف قطعة من مواد التنظيف والصحة الجسمية و160 ألف قطعة من المواد الغذائية و20 ألف فانوس وعشرات الآلاف من علب التبغ. هذه المواد إما أن تكون مواد مجهولة المصدر أو مواد مقلدة.
والثابت والأكيد أن عددًا كبيرًا من أنواع المستحضرات ومواد التجميل يأتي عبر عمليات التهريب من البلدان المجاورة وأنواع أخرى من دول أوروبا عن طريق عمالنا بالخارج، دون الحديث عن المواد المنسوخة أو المقلدة التي غزت الأسواق.
وهذه المواد أغلبها إن لم نقل كلها منتهية صلاحيتها بعد سنوات عديدة تصل أو تفوق العشر سنوات، مما يجعلها تفقد فعاليتها بل تتحول إلى مواد سامة وخطيرة على صحة مستعمليها أو مستهلكيها. عدد كبير من هذه المواد يصنف في خانة الأدوية وتباع لدى الصيدليات، تعرض بطريقة فوضوية وعشوائية على أرصفة الطرقات، في الساحات والأسواق في ظروف غير مناسبة ولا صحية كالكريمات والمراهم والدهون التي يجب أن تحفظ في درجة مئوية لا تتعدى 6 درجات، بعيدة عن حرارة أشعة الشمس والهواء الطلق والغبار المتطاير وعمليات التجريب وغيرها من الأوضاع والأفعال والأعمال التي تفسدها وتساهم في تحلل المواد الكيماوية المركبة منه، إن المواد الأولية لهذه المنتجات الذي يصنف بعضها في خانة الأدوية، يتحلل في هذه الظروف، ويصبح مادة غير صالحة للاستعمال، بل تصبح ضارة بالبشرة وتسبب جميع الأمراض الجلدية كالإكزيما، بمجرد أول اتصال وملامسة مع البشرة، حيث يتحول ذلك إلى حساسية.
ولعل الأدهى والأمر في كل هذا هو المصانع العشوائية التي انتشرت وتكاثرت في البلاد. ومصانع دون ترخيص، تصنع مواد مسمومة وتروجها دون حسيب أو رقيب. ولعل حجز السلع وإتلافها لم يعد يخيف المتجاوزين ولا يردعهم. فهم يعودون إلى صنيعهم سريعا ولا يتعضون. وقد يدفعنا هذا إلى المطالبة بتشديد العقوبات والخطايا على المخالفين، وجعلهم يعتبرون. فالتسممات كثرت والأمراض انتشرت ومافيا المواد الغذائية الفاسدة لا يعبؤون.
أرسل تعليقك