التدابير الصحّية ضد كورونا وقرارات الضمّ تُعمّق أزمة المعيشة في فلسطين
آخر تحديث GMT11:48:45
 العرب اليوم -

انكماش الاقتصاد وارتفاع نسبة البطالة يهددان بزيادة رقعة الفقر الفترة المقبلة

التدابير الصحّية ضد "كورونا" وقرارات "الضمّ" تُعمّق أزمة المعيشة في فلسطين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - التدابير الصحّية ضد "كورونا" وقرارات "الضمّ" تُعمّق أزمة المعيشة في فلسطين

وزارة الاقتصاد الفلسطينية
غزه - العرب اليوم

وسط بيت لحم التي سجلت أول حالة إصابة بفيروس كورونا قبل نحو 3 أشهر، وقف موسى معلا (30 عامًا) إلى جانب عمال وموظفين آخرين في وضح النهار وتحت أشعة الشمس، يشتكون انقطاع مصدر رزقهم الوحيد وتراجع مستوى الدخل لديهم بعدما رزحت المدينة تحت وطأة الإغلاق 80 يومًا، وتكبد الاقتصاد المنهك أصلًا خسائر غير متوقعة.

وقال معلا، الذي يدير مكتبة متوسطة في المدينة، إن عمله تضرر بشكل غير قابل للإصلاح في المدى المنظور، بسبب الإغلاق الطويل الذي تسعى السلطة لوضع بدائل وبرامج لتعويضه. مضيفًا بيأس: "المبيعات توقفت، الشيكات رجعت، وتراكمت الديون، بدون حلول. وهذا يندرج على الأغلبية التي تحتاج إلى وقت طويل للتعافي".

إلى جانب معلا، كان يقف العشرات ممن فقدوا مصدر دخلهم الوحيد، بعدما أنهت الفنادق ومحلات التحف عقودهم، ومثلهم آخرون تلقوا بلاغات من شركات كبيرة أو محلات متوسطة وصغيرة، بوقف عقودهم.

وقال معلا، الذي أسس "حراك بيت لحم العمالي"، وهو أول وأهم حراك بعد انتهاء جائحة كورونا: "نتحدث عن آلاف فقدوا عملهم في بيت لحم فقط". مضيفًا: "نحن أمام مرحلة صعبة. انظر للمحامين، انظر للمحاكم، كلها قضايا مالية".

وبخلاف موظفي الحكومة الفلسطينية الذي تقاضوا رواتبهم "كما يجب" خلال الفترة الماضية، وبخلاف عمال الداخل في إسرائيل الذي كان ضررهم جزئيًا، دفع العمال في الأراضي الفلسطينية ثمنًا باهظًا، ترجمه المعتصمون في لافتات تطالب بإعادتهم للعمل وإلغاء جميع إجراءات المخالصة مع أرباب العمل، وتعويضهم عن الفترة الماضية ماليًا ومعنويًا.

وقال عاصف دعامسة (26 عامًا) إن أصحاب الفندق الذي كان يعمل به عرضوا عليه نصف راتب فقط، الشهر الماضي، مقابل توقيعه على مخالصة لإنهاء عمله. وأضاف: "بعد عمل سنوات طويلة في القطاع الأقوى في بيت لحم، يريدون إلقاءنا في الشارع بسبب تعطيل 3 أشهر".

وتابع: "قلت لصاحب العمل التزم بما قررته الحكومة، فردّ الحكومة لا تلزمني".

وكانت الحكومة قد أجبرت أصحاب العمل بدفع نصف راتب على الأقل عن فترة الإغلاق، وإبقاء العمال على رأس عملهم، لكن على الأرض لم يتحقق هذا الأمر. وتم فصل كثيرين من عملهم في الضفة الغربية، وكذلك في قطاع غزة، ما عمّق من أزمة الاقتصاد الفلسطيني.

وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إن نحو نصف مليون عامل فلسطيني تضرروا جراء جائحة كورونا، ما يعني تسجيل خسائر بمئات ملايين الدولارات. ويقدر الجهاز عدد العاملين في دولة فلسطين بأكثر من مليون عامل، منهم نحو 210 آلاف عامل في القطاع الحكومي، و668 ألف عامل في القطاع الخاص، و133 ألف عامل في إسرائيل والمستعمرات، وفق معطيات عام 2019.

وأكد نقيب عمال فلسطين في قطاع غزة، سامي العمصي، أن خسائر العمال المتضررين بسبب جائحة كورونا في الضفة الغربية، بلغت 180 مليون دولار، وفاقت 50 مليون دولار في قطاع غزة، وذلك منذ مارس (آذار) الماضي.

وهذه الأرقام جاءت بحكم الوضع المعيشي المتردي أصلًا في قطاع غزة المحاصر منذ 13 عامًا. لكن الخسائر لا تنحصر فقط في العمال، إذ تضررت معظم القطاعات.

يقول سامر النشاش (50 عامًا)، الذي يملك محلًا لبيع الأدوات الصحية ومواد البناء في بيت لحم، إنه توقف عن العمل لمدة 3 أشهر، لأن كل شيء توقف، سوى المطالبات بدفع المستحقات التي عليه. وأضاف: "الحياة شلت". حتى مع عودة الحياة إلى طبيعتها، يقف كثيرون أمام محلاتهم يحدقون في المارة. ويقول آدهم الأزرق (35 عامًا)، الذي يدير أحد محلات الملابس الشبابية، إن الإقبال على شراء الملابس انخفض إلى أدنى مستوى بسبب القلق من "كورونا"، وباعتبار أن ذلك شيء يمكن تأجيله في ظل الظروف المعقدة.

وحتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة لحجم الخسائر الاقتصادية، لكن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية قدّرها بـ3.8 مليار دولار، وقال إنه يتوقع ارتفاع عجز الموازنة إلى 1.4 مليار دولار وفق التوقعات، بفعل انخفاض الإيرادات لأكثر من 50 في المائة.

ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من قبل جائحة كورونا. وأظهرت تقارير سلطة النقد في العامين الماضيين، استمرار التباطؤ في الاقتصاد الفلسطيني؛ حيث وصلت نسبة النمو إلى 0.7 في المائة بالقياس إلى 3.1 في المائة في العام 2017. وذلك على خلفية استمرار انكماش الاقتصاد في قطاع غزة وتراجع زخم النمو في الضفة الغربية.

وأمام ذلك، حذّر البنك الدولي، أمس (الاثنين)، من أن الفقر قد يتضاعف في الضفة الغربية المحتلة هذا العام، بسبب التداعيات الاقتصادية جراء وباء "كوفيد 19"، قبل أسابيع فقط من الموعد الذي حدّدته إسرائيل لبدء تنفيذ مخطط الضم.

وقال البنك الدولي في تقرير: "حتّى قبل تفشّي وباء (كوفيد - 19). كان نحو ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خطّ الفقر، 53 في المائة من سكان غزة، و14 في المائة في الضفّة الغربيّة. وبحسب التقديرات الأوّليّة، سيرتفع عدد الأسر الفقيرة إلى 30 في المائة في الضفة الغربية، وإلى 64 في المائة في غزة". كما أنه "من المتوقع أن يزداد وضع الموارد المالية العامة للسلطة الفلسطينية صعوبة، لأن دعمها هو الأدنى هذا العام، منذ عقدين، وبسبب الزيادة الملموسة في الإنفاق العام على احتياجات المواطنين الطبية والاجتماعية والاقتصادية".

وتعتمد الحكومة الفلسطينية بشكل كبير على دعم المانحين للعمل لأنها غير قادرة على تنفيذ تدابير التحفيز التي تستخدمها الدول في أماكن أخرى، مثل تغيير أسعار الفائدة أو الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية.

وسيلجأ أشتية اليوم إلى تقديم تقرير شامل للوضع الاقتصادي والمالي للاجتماع الافتراضي الذي تعقده الدول المانحة، برئاسة النرويج، وبمشاركة 40 دولة ومؤسسة، وسيكون على مستوى الوزراء، لدعم الاقتصاد والمؤسسات الفلسطينية.

وتسعى السلطة لتأمين دفع رواتب موظفيها وتقديم دعم آخر للقطاعات الاقتصادية خشية الانهيار. وقالت الأمم المتحدة، الأحد: "إن الأمر يتطلب إجراءات مختلفة وجريئة لتجنب الانهيار الاقتصادي".

ولكن في الوقت نفسه فإن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه على ضم أجزاء من الضفة الغربية يمكن أن يزعزع الاستقرار.

وحذّر تقرير الأمم المتحدة من أن مثل هذه الخطوة "من المرجح أن تؤجج الصراع وتضرّ أيضًا بالتدفقات المالية، لأن الضم يمكن أن يعقد بشكل خطير تسليم المساعدات".

وقالت الأمم المتحدة: "إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فسوف تتلاشى إنجازات الحكومة الفلسطينية خلال ربع القرن الأخير، وسيزداد وضع السلام والأمن سوءًا، وستؤدي حتمًا إلى سياسات متشددة وأكثر تطرفًا من الجانبين". ولا يُمكن معرفة الوقت الذي سيستغرقه الاقتصاد الفلسطيني للتعافي من تدابير الاحتواء. وقال البنك الدولي إن الاقتصاد قد ينكمش بنسبة 7.6 في المائة على الأقل إذا عادت الأوضاع الطبيعية تدريجيًا بعد حالة الاحتواء، وبنسبة تصل إلى 11 في المائة إذا كان الانتعاش الاقتصادي أبطأ أو فُرضت قيود إضافية.

على مواقع التوصل الاجتماعي، تنتشر فكاهة تعكس واقع الحال ردًا على إطلاق السلطة اسم "حواجز المحبة" على الحواجز العسكرية التي انتشرت لفرض الإغلاق وقت "كورونا"، ومفادها "بكرة بتفتح محاكم المحبة واللي عنده شيكات محبة (راجعة)، راح تيجي شرطة المحبة وتوخده على سجن المحبة، وهناك ما راح يزهق، لأنه راح يلاقي كل الأحبة"!

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي يؤكد أن المخزون التمويني يلبي احتياج المواطن لأشهر

إسرائيل تُنذر بانهيار الاقتصاد الفلسطيني خلال شهرين وتستبعد قبول "ورشة المنامة"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدابير الصحّية ضد كورونا وقرارات الضمّ تُعمّق أزمة المعيشة في فلسطين التدابير الصحّية ضد كورونا وقرارات الضمّ تُعمّق أزمة المعيشة في فلسطين



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 03:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

11 قتيلا وعشرات الجرحى إثر حادث دهس في سوق بألمانيا

GMT 08:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:03 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مدحت صالح يروى صفحات من قصة نجاحه على المسرح الكبير

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab