أشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس (السبت)، بالتوقيع على اتفاقات تجاوزت قيمتها 64 مليار دولار خلال قمة «مبادرة الحزام والطريق» بالصين، وذلك مع سعيه لطمأنة المتشككين بأن مشروع البنية التحتية الهائل سيركز على «تنمية مفتوحة ونظيفة وصديقة للبيئة» مع الأطراف المختلفة التي تُجري «مشاورات على قدم المساواة»، مؤكداً أن مزيداً من الدول ستنضم إلى هذا المشروع الضخم لإنشاء بنى تحتية تربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.
واختتم شي ورؤساء دول وحكومات 37 بلداً، السبت، المنتدى الذي استمر ثلاثة أيام في بكين، مع تعهدات بأن مشاريع «طرق الحرير الجديدة» صديقة للبيئة ومستدامة مالياً، بعد إبداء قلق بشأن أضرار بيئية أو ديون يمكن أن تتسبب بها. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصفقات وُقِّعت في قمة للمديرين التنفيذيين خلال المنتدى، من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وتتهم الولايات المتحدة مبادرة «الحزام والطريق» وهي مشروع تصل قيمته إلى تريليون دولار لإقامة طرق وجسور وخطوط أنابيب وموانئ حول العالم وربطها بالسوق الصينية، بإيقاع الدول النامية في ديون بعرض تمويل رخيص لا يمكنها تحمله... غير أن خطب شي وكذلك تغطية وسائل الإعلام الصينية الدولية للفعالية، حاولت تبديد هذه المخاوف. وقال شي أيضاً: «هذا العام، يرسل المنتدى رسالة واضحة: المزيد من الأصدقاء والشركاء سينضمون إلى دائرة الحزام والطريق»، في إشارة إلى مشروع طرق الحرير الجديدة. كما أكد أن مبادرة «الحزام والطريق» ستواصل رفض «الحمائية»، في انتقاد للولايات المتحدة التي تبنت سياسات أكثر حمائية في عهد الرئيس دونالد ترمب.
أقرأ أيضا :
ارتفاع استهلاك الكهرباء يجبر الصين على الاتجاه لطاقة الرياح
وأكد شي أن مبادئ السوق ستطبق في جميع مشروعات التعاون التي تتضمنها المبادرة التي تهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم الذي كان يربط بين الصين وآسيا وأوروبا. مشيراً إلى أن الشركات هي المحرك الأساسي لكل مشاريع «الحزام والطريق» التي ستطبق عليها كل مبادئ السوق، فيما تلعب الدول دوراً داعماً. وأوضح أن ذلك «سيجعل المشاريع أكثر استدامة ويخلق جواً خالياً من التمييز تجاه المستثمرين الأجانب».
وأضاف أن المبادرة ستحقق تنمية ذات مستوى مرتفع وصديقة للبيئة. وقال في تصريحات خلال الجلسة الختامية للقمة «سينضم المزيد والمزيد من الأصدقاء والشركاء للتعاون في مبادرة الحزام والطريق... هذا التعاون سيحقق آفاقاً أفضل وأكثر إشراقاً».
وسعى شي وكبار المسؤولين الصينيين مراراً هذا الأسبوع إلى طمأنة الشركاء والأطراف الأخرى التي يُحتمل أن تشارك في المبادرة، بأن بكين لا تعتزم تحميلهم ديوناً ضخمة، وتريد أن تعود المبادرة بالفائدة على كل الأطراف المشاركة. وقال البيان الختامي المشترك الصادر عن القمة إن الزعماء اتفقوا على أن يحترم تمويل المشروعات الأهداف العالمية المتعلقة بالديون، وعلى الترويج للنمو الاقتصادي الصديق للبيئة.
وقالت الصين في بيان منفصل إنها وقّعت مذكرة تفاهم مع عدة دول من بينها إيطاليا وبيرو وباربادوس ولوكسمبورغ وجاميكا. وقال شي، أمس: «كل ذلك يثبت أن التعاون في مبادرة الحزام والطريق يأتي بالتوافق مع الأوقات الراهنة ويحظى بدعم واسع النطاق ويركز على مصالح الشعوب ويعود بالنفع على الجميع».
وتُظهر بيانات من شركة «ريفينتيف» المتخصصة في نشر بيانات الأسواق المالية، أن القيمة الإجمالية للمشروعات في المبادرة تقدّر بنحو 3.67 تريليون دولار، وتمتد في دول في آسيا وأوروبا وأفريقيا وأوقيانوسيا وأميركا الجنوبية.
وشكا بعض الدول من ارتفاع تكلفة المشروعات في المبادرة التي بدأت في 2013، فيما يرى بعض الحكومات الغربية أن المبادرة وسيلة لنشر النفوذ الصيني في الخارج وستؤدي إلى إثقال كاهل دول فقيرة بديون لا يمكن أن تتحملها.
وفي بيان صدر في ختام اللقاء، شجع القادة المشاركون المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية على دعم المشاريع بـ«وسائل مستدامة مالياً» وتشغيل رأس المال الخاص بما يتوافق مع الحاجات الداخلية. وجاء في البيان: «نؤكد أهمية الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والضريبية والمالية والبيئية لهذه المشاريع». وحسب المسودة، فإن مبادرة الحزام والطريق ترحب بمشاركة دول نامية ومستثمرين دوليين في المشاريع.
من جانبه، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الدول المشاركة في المنتدى للانضمام إلى مشروعي الطريق البحري الشمالي وطريق الحرير، طبقاً لما ذكره موقع «روسيا اليوم» أمس. وقال في كلمته خلال المنتدى: «نولي اهتماماً كبيراً لتطوير الطريق البحري الشمالي... نحن نفكر في إمكانية ربطه بطريق الحرير الصيني، وبالتالي إقامة طريق نقل عالمي وتنافسي، يربط شمال شرق، وشرق وجنوب شرقي آسيا بأوروبا».
وأضاف بوتين أن هذا المشروع الضخم يعني قيام تعاون وثيق بين دول أورآسيا لزيادة حركة الترانزيت وبناء محطات استقبال البضائع والحاويات في الموانئ وكذلك المراكز اللوجيستية، وقال: «ندعو الدول الممثلة هنا للالتحاق بهذا المشروع».
والطريق البحري الشمالي هو وجهة نقل تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ على طول سواحل شمالي روسيا في الدائرة القطبية الشمالية. ويعبر هذا الطريق بحور الشمال بمحاذاة سيبيريا إلى الشرق الأقصى الروسي على الحدود مع اليابان وكوريا، وصار متاحاً أمام حركة الملاحة البحرية مع ذوبان الجليد في القطب الشمالي.
وقد يهمك أيضاً :
"ملامح اتفاق" من أجل إنهاء الحرب التجارية بين واشنطن وبكين
ترامب يؤكد الاقتصاد الأميركي ينمو بسرعة ويتفوق على كل الاقتصادات
أرسل تعليقك