عمان ـ العرب اليوم
أصبحت البطالة قضية اقتصادية مقلقة للأردن، إذ ارتفعت نسبتها في شكل كبير أخيراً، في حين تعتبر المملكة دولة صغيرة نامية بموارد اقتصادية وثروات طبيعية محدودة، وبالتالي فارتفاع نسبة البطالة يهدد النمو ويساهم في انتشار الكثير من الأمراض الاجتماعية پين العاطلين من العمل. وكشف المدير العام لدائرة الإحصاءات العامة قاسم الزعبي أن معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الحالي ارتفع إلى 18.2 في المئة، أي 3.6 في المئة مقارنة بالربع الأول عام 2016، في حين بلغ بين الذكور 13.9 في المئة، في مقابل 33 في المئة يبن الإناث.
وقال في مقابلة مع "الحياة": "طوّرت دائرة الإحصاءات العامة منهجية عملية المسح، لتتماشى مع التوصيات الجديدة لمنظمة العمل الدولية، وأبرزها تضييق مفهوم العمل من خلال استثناء العاملين من دون أجر، بعدما كانوا يعتبرون في المنهجية السابقة من ضمن الأيدي العاملة، وزيادة حجم العينة إلى 16 ألف أسرة بدلاً من 13 ألفاً بالاعتماد على الإطار الجديد الذي وفره التعداد العام للسكان لعام 2015، ما ساهم في زيادة دقة مؤشرات سوق العمل". وأشار إلى أسباب عدة ساهمت في ارتفاع نسبة البطالة، منها الاختلالات الكبيرة في سوق العمل ووجود عمّال وافدين نافسوا الأردنيين، خصوصاً في قطاع الإنشاءات والعقارات والتجارة والزراعة، موضحاً أن عدداً كبيراً من العمال الأجانب يعملون في شكل غير قانوني ومن دون تصاريح ويضيّعون فرصاً اقتصادية وموارد مالية من أمام الأردنيين، إذ إن نسبة الأجانب الحاصلين على تصاريح عمل لا تتجاوز 30 في المئة من الإجمالي.
وشدد الزعبي على أن الأزمة السورية لعبت دوراً بارزاً في ارتفاع نسبة البطالة، إذ أدت إلى إغلاق الحدود مع سورية والعراق، حيث كان يعمل عدد كبير من الأردنيين من خلال التجارة ونقل البضائع، كما ساهمت الأزمة في تراجع الصادرات والاستثمارات الأجنبية، وبالتالي تراجع فرص العمل، إلى جانب عدم المواءمة بين مخرجات النظام التدريبي والتعليمي وحاجات السوق. ولفت إلى أن أعداد الخريجين سنوياً مرتفع جداً، وفرص العمل قليلة، وعدد كبير من الجامعات الخاصة يعمل على تدريس بعض التخصصات التي لا تناسب سوق العمل.
واعتبر وزير العمل علي الغزاوي أن «سوق العمل الأردنية شهدت خلال السنوات الماضية انفتاحاً على استقدام العمال الأجانب حتى تجاوز عددهم المليون، علماً أن عدد العمال الحاصلين على تصاريح عمل عام 2016 بلغ 353344 عاملاً». وأوضح أن الوزارة أعدّت برامج التشغيل الذاتي وخصصت له 80 مليون دينار (112.9 مليون دولار) ولتنظيم سوق العمل من خلال الحملات التفتيشية المستمرة وتقويمها وإعادة تنظيمها وتوحيد رسوم تصاريح العمل، إضافة إلى تنظيم التدريب المهني التقني والفني والتوسع في الفروع الإنتاجية الموزعة على محافظات المملكة. وأكد أن أبرز التحديات التي تواجه الوزارة تتمثل بتعدد الجهات المعنية بالقطاع وضعف التنسيق بينها وتعدد مصادر التمويل المحلية والدولية لمشاريع التعليم والتدريب المهني من دون قياس للنتائج والأثر وضعف المواءمة بين البرامج ومتطلبات السوق.
واعتبر الخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن كل المعطيات الاقتصادية والسياسية في المنطقة، وتباطؤ الاقتصاد إلى مستويات متدنية، وتنامي أعداد اللاجئين، يؤكد أن البطالة باتت كابوساً حقيقياً على المجتمع وتتجاوز ما يُعلن رسمياً. وأوضح أن الاقتصاد يمر بظروف استثنائية فريدة، إذ إن الحصار الاقتصادي يحيط به من كل حدب وصوب، فالحدود العراقية مغلقة منذ أكثر من سنتين، وكذلك الحدود السورية، والأوضاع غير الآمنة في المنطقة لا تشجع على تدفق الاستثمارات إليها، وكذلك السياحة، إلى جانب تراجع أسعار النفط وتوقف عدد كبير من المشاريع في دول الخليج العربي، ما فرض على الشركات إعادة هيكلة أعمالها وتسريح موظفين، اذ يشكل العمال الأردنيون جزءاً كبيراً في تلك الدول. ولفت إلى إن عدد الأردنيين المغتربين يقدر بحوالى 680 ألفاً، ولكن جزءاً كبيراً منهم بدأ يعود، مشيراً إلى أن النمو الاقتصادي في الأردن في أضعف مستوياته حالياً ويراوح بين 2 و2.5 في المئة.
وأكد أن القطاعات الاقتصادية الإنتاجية الخاصة تشهد حالة تخبط وتعاني أوضاعاً مالية صعبة وتراجعاً ملموساً في أدائها وإنتاجيتها، ولجأ الكثير منها إلى وقف التوظيف، كما الحال بالنسبة إلى القطاع العام، فهناك تشبع كامل في أعداد العاملين والدولة لا توظف منذ سنوات، وقانون الموازنة يمنع التوظيف نهائياً، إلا في حالات استثنائية لغايات تكاد تكون محصورة في وزارتي التربية والصحة. ولفت إلى أن أكثر من 88 ألف خريج سنوياً من الجامعات وكليات المجتمع يدخلون سوق العمل الأردنية، غالبيتهم لا يجدون فرصة عمل.
يشار إلى أن قيمة القروض التي مولها "صندوق التنمية والتشغيل" عام 2016 بلغت نحو 29.4 مليون دينار، موزعة على كل محافظات المملكة، بينما بلغ عدد المشاريع الممولة من الصندوق 3972 مشروعاً، خلقت 5458 فرصة عمل.
أرسل تعليقك