برزت أولى نتائج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، عبر وضع "خريطة طريق" لتعميق التنسيق السياسي والتعاون الثنائي في المجالات المختلفة، وبالتوازي مع المحادثات في الكرملين، انطلقت أعمال منتدى الاستثمار السعودي – الروسي، بمشاركة حوالي 200 شركة من البلدين، حيث حضر حفل افتتاح وزراء الطاقة والتجارة ومسؤولين، بالإضافة إلى كبار رجال الأعمال ورؤساء الشركات الذين يمثلون مختلف القطاعات الاستثمارية في البلدين، وأكّد مشاركون في المنتدى أنّ "المناقشات تهدف إلى فتح مجالات جديدة، للتعاون في مجالات الطاقة والاستثمار ومشاريع البنى التحتية وغيرها، ورسم ملامح "خريطة طريق" لتنفيذ الرؤية المشتركة لتعزيز العلاقات، التّي حدّدها الملك سلمان وبوتين خلال القمة، كما تمّ الاتفاق على تأسيس مجموعة عمل، لمتابعة المشاريع لتجاوز الإجراءات البيروقراطية وتعزيز الاستثمارات".
وأشار وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إلى احتمال التوصل إلى اتفاق لتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط، بقوله "إنّ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها بين روسيا والمملكة سابقًا، ساعدت على الاستقرار في أسواق النفط"، مشددًا على أن المملكة "ترغب في تطوير علاقاتها مع روسيا، تحديدًا في القطاع الخاص".
وأكّد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أنّ روسيا والسعودية "تدرسان إمكان الاستثمار في 25 مشروعًا في مجالات متنوعة، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية"، كاشفًا عن "إبرام صفقات استثمارية بقيمة بليون دولار، في إطار الصندوق الاستثماري المشترك والبالغة قيمته 10 بلايين دولار".
ولفت وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي، إلى "توقيع 7 اتفاقات بين شركات القطاع الخاص في البلدين، إضافة إلى منح 3 تراخيص إلى شركات روسية لمزاولة نشاطاتها على أراضي المملكة"، معتبرًا أنّ "روسيا شريك مهم للمملكة"، موضحًا أنّ "زيارة خادم الحرمين التاريخية أكبر دليل على أن العلاقات بين البلدين تعيش تطورًا ملحوظًا".
ويُتوقع إبرام اتفاقات على هامش الزيارة، كتأسيس صندوق بقيمة بليون دولار للاستثمار في مجال التكنولوجيا، وصندوق بالقيمة ذاتها للاستثمار في مشاريع طاقة، واستثمار سعودي في شق الطرق في موسكو، كما يُنتظر الإعلان عن إبرام صفقات استثمارية في مجال الطاقة بقيمة تتجاوز 3 بلايين دولار، منها اتفاق بين شركة "سيبور" للبتروكيماويات الروسية و"أرامكو" السعودية، لبناء مصنع في المملكة لإنتاج الكيماويات من الغاز بقيمة 1.1 بليون دولار.
يشار إلى أنّ رئيس الهيئة العامة للاستثمار في السعودية المهندس إبراهيم العمر، سلّم أربعة تراخيص عمل لشركات روسية للاستثمار في المملكة.
وشدّد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، في كلمته على أهمية الزيارة التاريخية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا الاتحادية، مؤكدًا أثرها الإيجابي في دعم علاقات الشراكة الدبلوماسية والاقتصادية بين المملكة وروسيا، ورفعها إلى مستويات أرحب في ظلّ اهتمام الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى الكثير من الشراكات بين رجال الأعمال السعوديين والروس في مجالات استثمارية عدة، لافتًا إلى أنّ الوقت حان من خلال هذا المنتدى الاستثماري لرفع مستوى هذه الشراكات وتوسيعها وتفعيلها من خلال عقد اتفاقيات تعاون مثمرة بشكل يزيد حجم العلاقات الثنائية بين البلدين نحو الأفضل.
وأكّد وزير الطاقة الروسي أنّ مجالات التعاون بين السعودية وروسيا تسير وفق المخطط له وتتنوع في قطاعات الصناعة، والصحة، والبنية التحتية، والزراعة، والسياحة، والتقنية، والطاقة النووية، وتحلية المياه، إضافة إلى التعاون في مجالي النفط والغاز، لافتًا إلى أن البلدين يسعيان حاليًا إلى تنفيذ 25 مشروعًا اقتصاديا مشتركًا تزيد من التعاون الإيجابي بين البلدين، موضحًا أن الجانبين السعودي والروسي مهتمان بتعزيز التفاهم المشترك بينهما في مجال الاستثمار ومعالجة ما يعتري هذه المسيرة من معوقات لتحقيق النجاح في العلاقات المشتركة بين المملكة وروسيا، مشيرًا إلى الاهتمام الثنائي بمجال التقنية، والطاقة النووية لتطوير إنتاج الكهرباء في المملكة، ولتحقيق كل ما يخدم مصالح البلدين.
وأعلن وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي، عن وجود آمال واسعة لتنمية التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، مشيرًا إلى أنّ المنتدى يشكّل إحدى آليات دعم وتطوير التجارة والاستثمار بين البلدين الصديقين وأحد ممكنات اللجنة السعودية الروسية المشتركة ومجلس الأعمال السعودي الروسي لتحقيق المصالح المشتركة، موضحًا أنّ السعودية في ظلّ "رؤيتها 2030" حريصة على تنمية وتشجيع الاستثمار وإسهام القطاع الخاص في تذليل التحديات التي تواجهه لنفاذ السلع والخدمات في ظلّ انفتاح الأسواق ووجود الأنظمة التي تحمي المستثمرين لتعزيز وتنمية علاقاتها التجارية والاستثمارية التي تتلاقى مع التوجهات الحالية والمستقبلية للاقتصاد الروسي.
وألقى رئيس صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة كيريل ديمترييف، كلمة في المنتدى، نوّه فيها بأهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين متطلعًا إلى تطويرها من خلال المنتدى واللقاءات التي تجمع رجال الأعمال لتفعيل التعاون في مجالات الاستثمار التي تعود بالنفع لصالح البلدين.
وشدّد محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر، على أهمية تعزيز سبل الشراكة وفتح مجالات وفرص واعدة للتعاون في مختلف المجالات ورفع مستويات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة لتحقيق التطلعات المنشودة بين البلدين الصديقين، مؤكّدًا أنّ "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" جاءت لإيجاد فرص واعدة للاستثمار والتنمية، ومن أهم أهدافها الاقتصادية رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتكون 5.7% من إجمالي الناتج المحلي، والوصول بإسهام القطاع الخاص من 40 إلى 65% من إجمالي الناتج المحلي، وأن تكون السعودية من بين أفضل عشر دول في مؤشر التنافسية العالمي، مشيرًأ إلى أنّ هذه الأهداف ستحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة للسعودية، موضحًا بقوله "لهذا فإننا نشجع الشركات الروسية على التعرف على الفرص المتاحة أمامها في السوق السعودية، حيث تستهدف هذه الرؤية الطموح استثمارات في قطاعات عدة تمثل فرصا واعدة للاستثمار، ومن بين هذه القطاعات قطاع النقل، وقطاع البترول والغاز، وقطاع الزراعة، وقطاع أبحاث الفضاء، وقطاع الطاقة المتجددة وتوطين الصناعة، وغيرها من الفرص"، مضيفًا أن موقع المملكة الاستراتيجي يمثل منصة انطلاق للمنتجات الروسية نحو أفريقيا وغيرها من مناطق العالم.
وأشار رئيس مجلس الأعمال الروسي العربي، فلاديمير تيكنشوف، إلى أهمية العلاقات بين البلدين، ودور المجلس في تفعيلها في ظل اهتمام قيادتي البلدين، مثنيًا على زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا.
وتناول رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس أحمد الراجحي، دور العلاقات الثنائية السعودية الروسية في تعزيز التعاون المشترك بين البلدين من خلال تقوية أسسها المتينة للتمهيد نحو بناء مستقبل اقتصادي زاهر، معلّقًا بقوله "إنّ السعودية إلى جانب الأمن الغذائي، تستهدف تطوير القطاع الصناعي والتجاري والسياحي، وتعمل على الاستفادة من المقومات التي تمتاز بها بوصفها العمق العربي والإسلامي وقوة استثمارية رائدة ومحور ربط قارات العالم الثلاث، ولديها الكثير من الفرص الاستثمارية التي يضمن تفعيلها القيادة التي تبنت "رؤية المملكة 2030" و"برنامج التحوّل الوطني 2020"، حيث يمكن للجانب الروسي المشاركة فيه".
وأعرب الراجحي عن أمله أن يخرج المنتدى بتفاهم كبير بين رجال الأعمال السعوديين والروس نحو الارتقاء بمستوى حجم التجارة والاستثمار بين البلدين وتعزيزها على المستوى العالمي في ظل دعم قيادتي البلدين لها، مشيرًا إلى اهتمام خادم الحرمين الشريفين ونائبه بتنويع الاقتصاد السعودي وتطويره، وإعادة هيكلته بما ينسجم مع "رؤية المملكة 2030" وبرامجها المرحلية، ويدعمها على المستوى الخارجي الزيارات التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين ونائبه إلى عدد من الدول الصديقة التي لها ثقلها ومكانتها الاقتصادية من أجل تعزيز التعاون معها بما يخدم مصالح المملكة من جهة والدول الصديقة من جهة أخرى.
أرسل تعليقك