جاء إعلان وزير المال اللبناني، عن توقف المفاوضات بين بلاده وصندوق النقد الدولي لتعمق الجراح الاقتصادية في لبنان، في ظل أزمة قوية انهارت على أثرها العملة المحلية، ووسط اضطرابات وتظاهرات مستمرة، حيث قال وزير المال، غازي وزني، أمس الجمعة، إن المفاوضات الرسمية بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي معلقة حتى بدء لبنان تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه دوليا. ونقلت وكالة "النشرة" اللبنانية تصريحات الوزير وزني الذي قال: "المفاوضات مع صندوق النقد الدولي معلقة بانتظار بدء لبنان تنفيذ الاصلاحات بأسرع وقت ممكن، والتوافق على مقاربة الأرقام بشكل موحّد. ولكن إلى حين استئناف جولات المفاوضات سأبقى في تشاور وتواصل مستمر مع الصندوق".
تحديد الخسائر
ولفت وزني، قائلا إن "ما يعمل عليه اليوم هو تحديد الخسائر وحجمها بكل القطاعات"، وتابع قائلا: "علينا الخروج بمقاربة موحدة متفق عليها مع كافة القوى السياسية وبالتنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، لأن الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة ويجب أن نتفق بأسرع ما يمكن"، حيث كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قد أكدت في وقت مضى، أنه لا يوجد سبب حتى الآن لتوقع حدوث انفراجة للأزمة الاقتصادية في لبنان.
تحركات دولية
من جانبه، قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن "تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي جاء نتيجة لعدة أسباب يأتي في مقدمتها عدم الاتفاق بين اللبنانيين على حجم الخسائر التي يعاني منها القطاع المصرفي اللبناني، ومن ثم موضوع الإصلاحات التي يصعب على الحكومة اللبنانية أن تقوم بها". وأضاف أن "هذه الإصلاحات تأتي في مقدمتها موضوع الكهرباء وهي المشكلة المتشعبة والتي يستحيل أن يعالجها لبنان بالكامل لأسباب داخلية، منها انخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني والذي يمنع الحكومة من رفع أسعار الكهرباء بدرجة كبيرة يمكن أن تصل إلى حدود الكلفة الحقيقية، وأسباب دولية تتعلق بتحصيل الكهرباء من مخيمات النازحين واللاجئين".
وتابع: "من ناحية أخرى فإن صندوق النقد الدولي اليوم يطرح فكرة الإصلاح المالي والاقتصادي في حين تفرض على لبنان عقوبات جديدة وتمنع بالتالي تعامله مع سوريا الرئة الاقتصادية الوحيدة للبنان، وبالتالي تمنع حركة الاستيراد والتصدير عبر سوريا إلى كل الدول العربية، كما تمنع لبنان من التزود بالكهرباء من سوريا؛ فكيف سيتحرك الاقتصاد في ظل حاجة لبنان الإضافية نتيجة لتواجد أكثر من مليون ونصف سوري على أراضيه".
وأكد أن "صندوق النقد الدولي يطالب بتعويم سعر الصرف فيما لبنان يخضع لضغط من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية لدعم السلع الأساسية للحفاظ على تواجد النازحين واللاجئين على أراضيه وتبلغ الكلفة التي يدفعها لبنان سنويا نتيجة لهذا الدعم حوالي 4 مليار دولار"، متسائلًا: "فكيف ستوفق الحكومة بين ضغط هذه الدول وبين مطالب صندوق النقد الدولي بتعويم سعر الصرف ورفع الدعم". وأنهى عكوش حديثه قائلا: "المشكلة في لبنان ليست مجرد إصلاحات، المشكلة هي دولية وسياسية والحل هو بقرارات جريئة تقوم باتخاذها الحكومة اللبنانية وهي التي تملك كل أوراق القوة وهي ليست بحاجة للصندوق الدولي، هي بحاجة فقط لجرأة في اتخاذ القرار المناسب".
ارتباك حكومي
من جانبه، قال الناشط اللبناني، أسامة وهبي، إن "المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي تمر بصعوبات كبيرة، خاصة بعد استقالة عضوين من الوفد اللبناني، ما شكل إرباكًا إضافيًا، في ظل اختلاف وجهات النظر، والتخبط التي تعيشه الحكومة منذ بداية المفاوضات". وأضاف أن "البنك الدولي ينظر إلى الإصلاحات كمرر أساسي لإعطاء الأموال للبنان، والحكومة اللبنانية السابقة والحالية عاجزة عن تطبيق أي إصلاحات، فالحكومة الموجودة والتي تعد حكومة إنقاذ لم تتخذ أي تدبير أو إجراء يعطي الثقة للداخل أو الخارج".
وتابع: "صندوق النقد الدولي يطلب تغييرات جذرية في بنية الاقتصاد اللبناني، والحكومة عاجزة بشكل كامل في إصلاح أي مرفق من المرافق التي يتم فيها الهدر، مثل المطار الجمارك الكهرباء، وكل الملفات الحساسة التي تهدر الأموال، والتي كانت سببا في الديون المتراكمة على لبنان منذ عشرات السنين".
واستطرد: "بالتالي تجميد المفاوصات واستقالة الأعضاء والاشتباك بين مكونات الحكومة جعل لبنان يقف أمام حائط سد لا يمكن للحكومة فعل أي شيء لاختراقه، ما دفع البعض ومنهم قوى سياسية مؤيدة للحكومة للحديث بشأن إمكانية استقالة او إقالة الحكومة، أو تغييرات جذرية بها".
وأنهى حديثه قائلا: "الواقع في لبنان يؤشر إلى انفجار الشارع، وسقوط الحكومة، خاصة في ظل ملامسة الدولار الأمريكي لحاجز الـ 10 آلاف ليرة، والأسعار باتت خارج قدرة المواطنين اللبنانيين".
وبدأ لبنان محادثات مع الصندوق في مايو/أيار،على أمل تدبير مساعدة لمعالجة الأزمة المالية التي تعتبر أكبر تهديد للبلاد منذالحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، لكن العملية تعثرت بسبب نزاع بشأن حجم الخسائر المالية التي نشأ حولها اختلاف بين الحكوم ةوالبنك المركزي والبنوك التجارية ونواب في البرلمان من أحزاب سياسية رئيسية في لبنان.
قد يهمك ايضـــًا :
فتح "شبه كلي" للاقتصاد في مصر و"صندوق النقد" يتجه لإقراضها 5.2 مليار دولار
"النقد الدولي" يوافق على صرف ملياري دولار إلى مصر من قرضها الجديد
أرسل تعليقك