أفلتت إيطاليا من خفض ثان لتصنيفها الائتماني خلال الأسبوع الجاري، حيث قررت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني الاكتفاء بتخفيض النظرة المستقبلية لإيطاليا، في ظل توتر أسواق المال.
ورحب رئيس الوزراء الإيطالي بتقرير الوكالة، لكن التحليل الذي قدمته الوكالة انطوى على الكثير من أوجه النقد لسياسات الحكومة الشعبوية، ولا تزال البلاد معرضة لتخفيضات مستقبلية في تصنيفها قد يكون لها انعكاسات متعددة على الوضع المالي في البلاد.
وتخالف الموازنة الجديدة القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، لكن الحكومة، المكونة من ائتلاف حزب حركة خمس نجوم وائتلاف أحزاب الشمال، تتمسك بتطبيقها للوفاء بتعهداتها بشأن ضمان دخل أدنى لكل مواطن مقداره 700 دولار شهريًا وخفض الضرائب وإلغاء القانون التقاعدي الساري، وتنفيذ مشاريع ضخمة للبنى التحتية.
واستبعد الائتلاف الحاكم في إيطالي، الأسبوع الماضي، تعديل ميزانية العام 2019، رغم رفض المفوضية الأوروبية لها في قرار غير مسبوق في تاريخ الاتحاد الأوروبي.
وقالت "إس أند بي" إن التصنيف الائتماني للديون السيادية الإيطالية، ظل عند مستوى «بي.بي.بي» مع نظرة مستقبلية سلبية.
وجاء قرار "إس أند بي" أفضل من التوقعات، رغم أنه يبقي على التصنيف الائتماني للديون السيادية الإيطالية في دائرة خطر الخفض، حيث إن خفض المؤسسة الدولية نظرتها المستقبلية للديون الإيطالية إلى سلبية، يعني إمكانية خفض التصنيف خلال ستة أشهر مقبلة.
ويأتي إعلان "إس أند بي" بعد أقل من أسبوع، من إعلان مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني، خفض تصنيف إيطاليا درجة واحدة مع نظرة مستقبلية «مستقرة».
ونقلت وكالة "بلومبرغ" للأنباء عن تقرير لبنك "آي.إن.جي غروب" قبل صدور بيانات "إس أند بي"، القول إنه يتوقع تقليص الفارق بين سعر العائد على سندات الخزانة العشرية، وهي السندات القياسية، لإيطاليا والسندات العشرية الألمانية إلى 250 نقطة أساس مقابل الفارق اليوم والبالغ نحو 310 نقاط أساس، إذا ما توصلت إيطاليا إلى حل وسط بشأن موازنتها للعام المالي المقبل مع المفوضية الأوروبية.
ورحب رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، السبت، بقرار الوكالة تثبيت التصنيف الائتماني، معتبرًا أنه قرار صائب في ضوء صلابة اقتصاد البلاد.
لكن تقرير "إس أند بي" كان محملًا بالنقد لسياسات الحكومة الشعبوية، وجاء في التقرير،" أنه مع ضعف الاستثمار في القطاع الخاص والخطط الاقتصادية والمالية للحكومة، تتزايد مخاطر ضعف النمو الاقتصادي لإيطاليا، وتمثل خطة الموازنة الإيطالية تراجعًا عن مسار ضغط الإنفاق المالي الذي سارت فيه إيطاليا سابقًا وعن الإصلاح الجزئي غير المكتمل لنظام التقاعد".
ورجحت الوكالة أن نسبة الديون الحكومية للناتج المحلي لن تستمر في مسار من الانخفاض، نظرًا إلى أن سياساتها الراهنة تمثل خروجًا عن السياسات المستدامة السابقة للضبط المالي، وتوقعت الوكالة أن يصل عجز الموازنة إلى 2.7 في المائة في 2019، مقابل المستهدفات الحكومية بتحقيق عجز نسبته 2.4 في المائة.
وتقول صحيفة "الفايننشال تايم"، إن الوكالتين الأخريين للتصنيف، "فيتش"و"دي بي أر إس"، ليست لديهما مخططات لتحديث تصنيفهما للبلاد قبل العام المقبل. وتضع "فيتش" تصنيف البلاد بدرجتين فوق مستوى "junk" مع رؤية سلبية، بينما تضعها وكالة "دي بي أر إس"، الأقل شهرة والتي لا يأخذ البنك المركزي الأوروبي تقييماتها في الاعتبار، بثلاث درجات فوق مستوى ""junk مع رؤية مستقرة.
وتنبع أهمية التصنيف الائتماني لإيطاليا من كون اقتصاد البلاد هو ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو والأكبر في طرح الديون السيادية، وتخفيض تصنيفها قد يؤدي إلى خروج قوي لرؤوس الأموال، وفقًا للصحيفة البريطانية.
ومن مخاطر نزول تصنيف البلاد لمستوى "junk" أن البنك المركزي الأوروبي لا يستطيع شراء سندات تحمل هذا التصنيف ضمن برنامجه للتيسير الكمي.
وسيؤدي تخفيض تصنيف السندات الإيطالية إلى التأثير على القاعدة الرأسمالية للبنوك أيضًا، حيث إن السندات التي تحملها البنوك قد تصبح غير صالحة كضمان للحصول على التمويل التقليدي من النظام الأوروبي، كما جاء في تقرير "الفايننشال تايمز".
أرسل تعليقك