يوحي الوضع الاقتصادي الراهن في الجزائر أن الحكومة الجزائرية تتجه نحو الإبقاء على سياسية التقشف التي ظهرت بوادرها عام 2015, ومن المرتقب أن تواصل حكومة عبد المجيد تبون الجديدة وقف التشغيل الحكومي وتجميد المشاريع الكبرى، بالنظر إلى الوضع المالي الصعب الذي تتخبط فيه البلاد جراء تهاوي أسعار النفط واستمرار تآكل احتياطي الصرف والعجز المستمر الذي تعاني منه الخزينة العمومية.
وتكشف التسريبات الحالية عن مسودة قانون الموازنة لعام 2018, أن الحكومة الجزائرية لن تتخلى عن سياسية التقشف، وستفرض إجراءات جديدة لترشيد الإنفاق العام وتقليص النفقات العمومية للحفاظ على التوازنات الكبرى للبلاد, ويتوقع خبراء في الاقتصاد أن توسع من الضرائب لإنقاذ خزينتها العمومية, وستمس هذه الضرائب أسعار المواد والمنتجات ذات الاستهلاك الواسع.
وتلقي هذه القرارات بظلالها على الجبهة الاجتماعية، التي تشهد حراكًا ملحوظًا يقوده ما يسمى بـ " التكتل النقابي المستقل, ونظم الكثير من الحركات الاحتجاجية, تعبيرًا عن رفضه لقانون التقاعد ومشروع قانون العمل الذي سيحال على البرلمان الجزائري خلال الدورة المقبلة, والدفاع عن القدرة الشرائية للعمال التي تشهد تدهورًا ملحوظًا, وما سيزيد الوضع تعقيدًا هو توقيف التشغيل الحكومي التي تعتبر المصدر الأول للعمل في البلاد, وسبق للوزير الأول السابق عبد المالك سلال, وأن شدد على عدم فتح فرص جديدة للوظيفة العمومية.
وتؤكد التسريبات الحالية أن حجم الإنفاق سيبلغ في قانون الموازنة لعام 2018نحو 68 مليار دولار, فيما سيرتفع السعر المرجعي للبترول إلى 55 دولار, وأكد وزير الطاقة السابق نور الدين بوطرفة, في تصريحات صحافية أن، السعر المرجعي لبرميل النفط في موازنة 2018 سيرتفع إلى 55 دولار، بعد أن حدد بـ 50 دولارًا في موازنة 2017, وتابع المتحدث قائلًا إن أسعار النفط لن تتجاوز الـ 55 دولارًا للبرميل بفعل تراجع المخزونات, قائلًا كلما زاد السعر كان أفضل لأن الميزانية مرتكزة على 50 دولارًا للبرميل في 2017 وعلى 55 دولارًا في 2018", لذا فإن " سعر بين 55 إلى 60 دولارًا للبرميل قد يكون سعرًا مقبولًا للجزائر".
ويعتقد الخبير الاقتصادي, البروفيسور فرحات آيت علي أن الجزائر تعاني أزمة تسيير، بسبب افتقاد الجهاز التنفيذي لرؤية استراتيجية استشرافية واضحة المعالم, مشيرًا إلى أن الحكومة مطالبة في الظرف الراهن بالتخلي عن الاقتصاد الريعي، وبعث الاستثمارات في مجال الفلاحة والسياحة والصناعة وغيرها.
وأكد أن اعتماد الحكومة على 55 دولارًا كسعر مرجعي لبرميل النفط في موازنة 2018, هو قرار غير صائب ومدروس كما أن الحديث عنه سابق لأوانه, مستدلًا بخيار الحكومة الجزائرية في قانون الموازنة لعام 2017 حيث اعتمد 50 دولارًا للبرميل في موازنة 2017، موضحًا أن هذه القرارات غير المدروسة صعبت من مهام الحكومة في تسيير الأزمة الاقتصادية وتفاقمت الصعوبات المالية, وأكد أن احتياطي الصرف يتآكل بمعدل مليارين دولار كل عام منذ بداية العام الجاري, وتوقع المتحدث تواصل العجز في الميزانية الداخلية للبلاد وكذا تقليص قيمة الدينار.
ويرى الخبير الاقتصادي اسماعيل لالماس, أن ملف إعداد الموازنة لعام 2018 سيكشف عن خيارات وتوجهات حكومة الوافد الجديد على مبنى قصر الدكتور تبون من الناحية الاقتصادية والاجتماعية سواءً من خلال تقليص الميزانية والرفع من الضرائب أو تلينها قليلًا.
أرسل تعليقك