كشف البنك المركزي الأوروبي، أمس الخميس، أنه سينهي برنامجه غير المسبوق لشراء السندات أو "التسهيل الكمّي" بنهاية العام، ليتخذ بذلك أكبر خطوة في تفكيك برنامج التحفيز بعد 10 سنوات من بدء التباطؤ الاقتصادي بمنطقة اليورو، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) عن رؤيته الاقتصادية التي تضمنت إشارته إلى اعتزامه رفع الفائدة بوتيرة أسرع هذا العام.
وبرنامج التسهيل الكمي أُسس بغرض تعزيز النمو الاقتصادي والتضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة. ويهدف البنك إلى ضخ الأموال النقدية من خلال النظام المالي في أيدي الشركات والمستهلكين بشكل يعزز النمو ويرفع التضخم ليصل إلى هدفه بأقل من اثنين في المائة، كما لمّح إلى أن هذه الخطوة لا تعني تشديدا سريعا للسياسة النقدية في الأشهر المقبلة، قائلا إن أسعار الفائدة ستظل عند مستويات قياسية منخفضة، على الأقل حتى صيف 2019، مما يشير إلى دعم ممتد للاقتصاد وإن كان عند مستوى أقل.
ويعد إعلان البنك تاريخًا لإنهاء التسهيل الكمي إظهارًا واضحًا للثقة في انتعاش منطقة اليورو، ويسمح للبنك بتقليص إجراءات التحفيز التي أطلقت وقت الأزمة.
خفض برنامج شراء السندات
وأعلن المركزي الأوروبي، ومقره فرنكفورت، أنه يعتزم خفض برنامج شراء السندات بمقدار النصف من مستواه الحالي عند 30 مليار يورو (35.5 مليار دولار) شهريا، وأوضح: "سيتم خفض الوتيرة الشهرية لصافي مشتريات الأصول إلى 15 مليار يورو حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018، وستنتهي المشتريات الصافية بعد ذلك".
ويؤكد القرار توقعات السوق بانتهاء مشتريات السندات بنهاية العام بعد تقليصها لفترة قصيرة، ويشير إلى أن أسعار الفائدة ستصبح من جديد الأداة الرئيسية لسياسة البنك النقدية، فيما تأتي تلك الخطوات متزامنة ما إبقاء البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي عند مستواه التاريخي المنخفض وهو "صفر في المائة".
وقال "المركزي" الأوروبي "يتوقع مجلس المحافظين أن تظل أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي عند مستوياتها الحالية، على الأقل حتى صيف 2019، وما دامت الضرورة تقتضي ذلك، لضمان تماشي تغيرات التضخم مع التوقعات الحالية لمسار تعديل مستدام".
تراجع معدل البطالة
وجاء البيان عقب ساعات قليلة من انتهاء اجتماع لا يقل أهمية أعلن خلاله مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) مساء الأربعاء زيادة أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس (ربع نقطة مئوية) لتتراوح بين 1.75 واثنين في المائة، وهو ما جاء متفقا مع توقعات الأسواق، حيث قال إن معدل البطالة يتراجع والتضخم يتحرك نحو المستوى المستهدف والإنفاق يزداد.
ورفع أسعار الفائدة هو الثاني هذا العام، وتوقع "المركزي" الأميركي رفعها مرتين أخريين في النصف الثاني من 2018. وأكد البنك أن سوق العمل "واصلت التحسن" وإن مكاسب الوظائف "قوية"، كما قال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إن "المحدد الأساسي هو أن الاقتصاد يؤدي بطريقة جيدة للغاية، وأغلب الناس الذين يريدون وظيفة يجدونها، ومُعَدَّلَيْ البطالة والتضخم منخفضان".
وكان سعر الفائدة الأميركية قد ظل لسنوات قريبا من صفر في المائة، ثم ظل منخفضا نسبيا منذ الأزمة المالية التي تفجرت في خريف 2008، في حين كان الاقتصاد يتعافى.
العودة التدريجية لأسعار الفائدة الطبيعية
وأوضح باول أن العودة التدريجية لأسعار الفائدة الطبيعية مع ازدياد قوة الاقتصاد هي "أفضل طريقة يمكن للمجلس أن يساعد بها في ضمان بيئة مستدامة يمكن فيها للأسر والشركات الأميركية النمو"، حيث كان باول يتحدث في مؤتمر صحافي بعد إعلان زيادة سعر الفائدة، وقال إن لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي تتابع باستمرار ما يحدث قبل اتخاذ قراراتها بشأن أسعار الفائدة، وتابع "التاريخ يقول لنا إن تحريك أسعار الفائدة - سواء بسرعة بالغة أو ببطء شديد - يمكن أن يؤدي إلى نتائج اقتصادية سيئة".
وأشار المجلس في بيان إلى اعتزامه زيادة أسعار الفائدة مجددا خلال العام الحالي، وهي الخطوة التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى. وأضاف المجلس في بيانه أن "السياسة النقدية ما زالت تكيفية، وبالتالي تدعم أحوال سوق العمل القوية والعودة إلى معدل التضخم عند اثنين في المائة"، فيما يتوقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الحالي، ثم بمعدل 2.4 في المائة خلال العام المقبل، واثنين في المائة عام 2020.
انخفاض عدد طلبات إعانة البطالة
وفي سياق متصل، انخفض عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة في الولايات المتحدة على غير المتوقع الأسبوع الماضي، وتراجع عدد الأميركيين المسجلين على قوائم العاطلين إلى أدنى مستوياته في نحو 44 عاما ونصف العام، مما يشير إلى تحسن سريع في سوق العمل، وقالت وزارة العمل الأميركية أمس إن طلبات الإعانة الجديدة انخفضت 4 آلاف طلب إلى مستوى معدل في ضوء العوامل الموسمية بلغ 218 ألفًا للأسبوع المنتهي في 9 يونيو (حزيران) الحالي.
وانخفض متوسط 4 أسابيع، الذي يعد مقياسا أدق لسوق العمل، 1250 طلبًا إلى 224 ألفًا و250 طلبًا الأسبوع الماضي. ويبدو أن سوق العمل قد بلغت حد التوظيف الكامل أو قريبا منه، مع تراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوياته في 18 عاما عند 3.8 في المائة، كما نزل معدل البطالة 0.3 نقطة مئوية هذا العام، وهو قريب من المستوى الذي يتوقعه مجلس "الفيدرالي" بنهاية العام الحالي، والبالغ 3.6 في المائة.
وأظهر تقرير إعانة البطالة أيضا أن عدد من استمروا في تلقي الإعانة بعد الأسبوع الأول انخفض 49 ألفًا إلى 1.70 مليون في الأسبوع المنتهي في 2 يونيو/حزيران الجاري، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 1973. وتراجع متوسط ما يعرف باسم الطلبات المستمرة 3750 إلى 1.73 مليون، وهو أيضا أدنى مستوى منذ كانون الأول 1973.
أرسل تعليقك