أعلن وزير الطاقة والصناعة الإماراتي رئيس الدورة الحالية لمنظمة “أوبك” سهيل المزروعي، السعي خلال رئاسته المنظمة هذه السنة، الى “التوصل إلى اتفاق إطاري” يكون بموجبه اتفاق خفض الإنتاج “للأبد”، علماً أن اتفاق خفض الإنتاج الذي وقعته 24 دولة من “أوبك” وخارجها يستمر حتى نهاية هذه السنة.
وكشف المزروعي في جلسة مع الصحافيين في أبو ظبي لمناسبة تولّي الإمارات رئاسة “أوبك” للدورة الحالية، أن خطة “أوبك” لهذه السنة “تتركز في مراقبة الإنتاج وإزالة الكميات الإضافية في المخزون العالمي، ورؤية مزيد من الاستثمارات التي تتّجه إلى قطاع الصناعة النفطية”. وأبدى تفاؤله بأن “تتعافى السوق البترولية هذه السنة لجهة التوازن بين العرض والطلب”. وقال: “يجب علينا استشراف المستقبل ووضع المبادرات والحلول الاستباقية المشتركة، والتي تعزز التعاون والتواصل البناء، لا سيما في السنة الأولى من إعلان التعاون بين الدول الأعضاء في “أوبك” وشركائها من الدول خارج المنظمة، والتي جاءت لتحقيق التنمية المستدامة”.
وأكد المزروعي أن “تميزنا بالمرونة يعطينا القدرة على التكيف ودعم بعضنا البعض بين دول أعضاء “أوبك” وكذلك البلدان خارجها، وسنواصل مراقبة السوق عن كثب، وسنسعى جاهدين من خلال جهودنا المشتركة إلى تحقيق الاستقرار الذي يرغب فيه كل من المنتجين والمستهلكين”. ولفت إلى أن “اتفاق تمديد خفض الإنتاج إلى 1.8 مليون برميل يومياً حتى نهاية هذه السنة، في الاجتماعات الوزارية المنعقدة في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، حظي بدعم كامل من الدول الـ24 الأعضاء في منظمة “أوبك” والدول غير الأعضاء فيها للمشاركة في هذا الاتفاق”. وشدد على أن “نسبه التزام خفض الإنتاج بلغت 129 في المئة في كانون الأول (ديسمبر) 2017، فيما بلغ معدل الالتزام للسنة الأولى 107 في المئة”.
واعتبر أن “هذا التعاون غير المسبوق ساهم في إحراز تقدم كبير في إعادة مستويات المخزون إلى متوسط السنوات الخمس السابقة، وإعادة التوازن في العرض والطلب، ما يساعد على عودة الاستقرار المستدام إلى السوق على الآماد القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل، والمساعدة في تعزيز استدامة النمو الاقتصادي الإيجابي العالمي”.
وأوضح المزروعي أن “جهودنا الجوهرية ساهمت في تقليص كميات كبيرة من المخزون النفطي العالمي، إذ انخفض المخزون التجاري العالمي لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكثر من 220 مليون برميل منذ بداية عام 2017، مقارنة بمعدل السنوات الخمس السابقة”. وأكد “الاستمرار في التزامنا خفض الإنتاج، إذ لا يزال لدينا أكثر من 100 مليون برميل، ويجب علينا إزالتها من السوق للوصول إلى متوسط المخزون العالمي للسنوات الخمس المستهدفة”.
ولم يغفل المزروعي ضرورة أن “نأخذ أيضاً الخطوة التالية للبناء على تقدمنا الموحد والنظر إلى أبعد من عملية إعادة التوازن في السوق، والسعي إلى إضفاء الطابع المؤسسي المشترك على “إعلان التعاون”. وتابع: “كما يجب أن يظل صوتنا الجماعي واضحاً وموجزاً ومتسقاً، لأن لا فائدة من الارتباكات والتكهنات في عالم النفط وقطاع الطاقة الحيوي عموماً، ولا نريد العودة إلى تقلّب السوق وإلى التراجع ذاته الذي شهدناه في الأعوام 2014 و2015 و2016 “. ونوّه المزروعي بـ “الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية في الوصول إلى اتفاق خفض الإنتاج”.
وأعلن في رده على سؤال لــ “الحياة”، “ثقته في استمرار روسيا التزام خفض الإنتاج، وهو الأمر الذي أكده وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك خلال زيارته الأخيرة للرياض”.
وكشف المزروعي عن اجتماعات عقدها مع نوفاك في سلطنة عمان الأسبوع الماضي، وقال إن “الاجتماعات بيننا قائمة ومستمرة على غير صعيد ومن خلال وسائل كثيرة، وتجري هذه الاتصالات في شكل يومي تقريباً مع روسيا وغيرها من الدول في “أوبك” وخارجها، بهدف دعم اتفاق خفض الإنتاج وتحقيق التوازن في السوق البترولية”. ولفت إلى أن “أوبك” تجري أيضاً اتصالات مع منتجي النفط الصخري وتبادل المعلومات والبيانات معهم”. وشدد على أن “النفط الصخري لا يخيفنا على رغم تأثيره أحياناً في أسعار النفط، فهو محدود في كل الأحوال خصوصاً مع ارتفاع الطلب العالمي على النفط سنوياً بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً، نتيجة توقعات بارتفاع معدل النمو في الاقتصاد العالمي والبالغ 3.7 في المئة”.
وأضاف المزروعي أن أسعار النفط “تحددها السوق وحدها”، لكنه أمل بأن “تستقر على مستويات أكثر ملاءمة لتشجيع الاستثمارات التي تحتاج إليها الصناعة، ويشمل ذلك تخفيف الضغوط المالية والتشغيلية على الشركات، وكذلك الضغط المتزايد لإلغاء المشاريع أو تأجيلها”.
وأردف المزروعي أن “خفض النفقات الرأسمالية لأكثر من تريليون دولار في السنوات الأخيرة، قلَّلَ من الاكتشافات وعمليات الإنتاج المستقبلية، في وقت تتوقع منظمة “أوبك” أن يزيد الطلب على النفط على المدى الطويل بمقدار 15.8 مليون برميل يومياً، وبزيادة من 95.4 مليون برميل يومياً عام 2016 إلى 111.1 مليون برميل يومياً عام 2040”.
وخلُص المزروعي إلى أن “النفط جزء أساس من مستقبلنا، كما كان جزءاً أساساً من ماضينا، ويلعب مزيج الطاقة العالمي دوراً محورياً”، مشيراً إلى أن “دولاً أعضاء في “أوبك” تستثمر أيضاً وبكثافة في مصادر الطاقة المتجددة”.
وقلّل رئيس “أوبك” من تأثير توجّه صناعة السيارات إلى إنتاج السيارات الكهربائية في مستقبل صناعة النفط، موضحاً أن “أكثر من 35 في المئة من قطع هذه السيارات تُصنّع من مواد هيدروكربونية، وسيظل النفط والغاز مصدرين رئيسيين للطاقة في السنوات المقبلة، وسيشكلان ما يعادل 52 المئة من مزيج الطاقة العالمي في عام، وأن استمرار التزام الخفض هذه السنة، يشكل محور استراتيجية “أوبك”.
أرسل تعليقك