يُحاول الخبراء الألمان تحليل تأثير التكلفة الضخمة لحوادث السّير على موازنة حكومة برلين، ومع أنه مِن الصعب التأكد بدقة مِن الحسابات النهائية التي تدفعها ألمانيا سنويا إلا أنه مِن المؤكد أن المبلغ الإجمالي لحوادث السير سواء كانت بسبب الدراجات الهوائية أو الدراجات النارية أو وسائل النقل بمختلف أنواعها، يصل إلى مليارات اليوروات كل عام.
وفي هذا الصدد تقول فيرونيكا تمبلمان، خبيرة حوادث السير ومسبباتها، إن عدد وفيات حوادث السير في تراجع مستمر، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى البنية التحتية للطرق التي أضحت أكثر أمانا وتطورا بفضل التكنولوجيا التي يتم اعتمادها اليوم، ففي العام الماضي مثلا حصدت حوادث السير 3214 ضحية، أي بتراجع نسبته 1.9 في المائة مقارنة بعام 2016، لكن في المقابل زاد عدد الجرحى الذين تراوحت إصاباتهم بين إصابات بليغة وإعاقة وإصابات بسيطة، ليناهز عددهم نحو 400 ألف شخص، بنسبة زيادة 0.8 في المائة عن العام الأسبق.
وخلال العام الماضي، سجلت الشرطة المختصة 2.6 ملايينن حادثة سير على وجه العموم، بارتفاع بنسبة 2.8 في المائة عن العام الأسبق. وكان من بين تلك الحوادث نحو 2.3 ملايينن حالة اقتصرت فيه الخسائر على أضرار مادية فقط.
وفي حال وجود خسائر بشرية، بين وفيات أو إصابات، فإن كلفة التعويضات المادية تكون أعلى إذا كانت الضحية يدا عاملة خبيرة من الصعب استبدالها سريعا في مكان العمل، فضلا عن أعباء خدمة الإسعافات والعلاجات في المستشفيات وكل ما يحيط بها من جلسات علاجية نفسية وفيسيولوجية وتكاليف قانونية. هذا، وتتفاوت تكلفة موت الضحية وفق الفئة العمرية والكفاءة وسنوات الخبرة في مجال العمل.
وتضيف الخبيرة تمبلمان أن معهد الأبحاث التقني العلمي التابع لوزارة النقل والبنى التحتية الرقمية "بي إي إس تي" يقدر الخسائر المالية الناجمة عن كل ضحية حادث سير في ألمانيا بما يتراوح بين 0.6 إلى 1.2 مليون يورو، وفقا للمعايير السابقة.
وعلى سبيل المقارنة، وحسب تقديرات توماس فوستر، الخبير في هذا المعهد، فإنّ التكاليف الكاملة التي تدفعها وزارة النقل الأميركية لكل ضحية حادث سير في الولايات المتحدة تناهز نحو 1.25 مليون دولار. وهذا تقريبا يعادل المبلغ نفسه الذي تدفعه حكومة برلين لكل ضحية. في حين وصلت هذه التكلفة في نيوزيلندا العام الماضي إلى 4.18 مليون دولار نيوزلندي أي 2.47 مليون دولار. أما في سويسرا فحصدت حوادث السير في العام الماضي 216 ضحية، أي 15 في المائة أقل مقارنة بالعام الأسبق، مما نجمت عنها خسائر مالية قدر إجماليها ما بين 270 و540 مليون يورو.
وتبقى ألمانيا وفق أقوال هذا الخبير من بين الدول التي دفعت أعلى تكلفة مالية واقتصادية أوروبيا بما أن حوادث السير لديها تسببت في مقتل نحو 3214 شخصا عام 2017، إضافة إلى حالات الإصابة المختلفة والخسائر المادية، أي أن إجمالي الخسائر المالية تتجاوز السبعة مليارات يورو.
وحسب قول كلاوديا راي، من وزارة النقل الاتحادية، فإن تكلفة حوادث السير التي تتضمن الخسائر البشرية والمادية، في منطقة الاتحاد الأوروبية وصلت إلى مائة مليار يورو خلال العام الماضي، ومن بين مليون مواطن هناك تحصد حوادث السير 52 قتيلا سنويا مقارنة بمعدلات تصل إلى 106 قتلى في الولايات المتحدة الأميركية، و174 قتيلا سنويا في المتوسط في باقي دول العالم.
وتعتبر مالطا والسويد بين الدول التي تشهد أدنى نسبة حوادث سير أوروبيا، إذ تسجل مالطا 26 ضحية من بين مليون مواطن سنويا، والسويد 27 ضحية فقط كل عام.
وبالعودة للوضع في ألمانيا فإن 46 في المائة من القتلى ناجم عن حوادث عربات ووسائل نقل مختلفة، و17 في المائة من حوادث دراجات نارية، و8 في المائة من حوادث دراجات هوائية.
وبرأي هذه الخبيرة فإن الأجهزة الطبية والقضائية وشركات التأمين هي المستفيد الرئيسي من حوادث السير. وبما أن موضة العربات الكهربائية التي تتمتع بسرعة أقل من تلك الكلاسيكية تتفشى بسرعة في أوروبا، تتوقع الخبيرة تراجعا في عدد ضحايا حوادث السير بأكثر من 30 في المائة هذا العام، وهذا خبر مفرح جدا للحكومة الألمانية.
أرسل تعليقك