أصبح بإمكان رئيس مجموعتي "نيسان" و"رينو" السابق كارلوس غصن مغادرة مركز احتجازه في طوكيو عمليًا للمرة الأولى منذ أكثر من 100 يوم، بعدما رفضت محكمة طوكيو الجزئية الثلاثاء دعوى استئناف قدّمها الادعاء العام ضد قرار الإفراج عنه بكفالة.
وأعلنت محكمة طوكيو، صباح الثلاثاء، موافقتها على الإفراج بكفالة عن غصن، لكن مكتب النيابة العامة اليابانية استأنف القرار لإبقاء الرئيس السابق لمجموعتي «نيسان» و«رينو» موقوفًا, لكن المحكمة الجزئية رفضت الطلب في وقت لاحق الثلاثاء.
وحددت المحكمة قيمة الكفالة المالية بمليار ين (8 ملايين يورو). ونظريًا، يمكن للنيابة العامة توقيف غصن مجددًا لاتهامات أخرى.
وأوضح محامي غصن، جونيشيرو هيرونيكا، لوسائل الإعلام، أنه بسبب مواعيد عمل المصارف التي تغلق أبوابها عند الساعة 15:00 06:00 بتوقيت غرينتش لا يمكننا جمع قيمة الكفالة ، وهذا ما يؤجل ذلك إلى الأربعاء.
وعبّر فرنسوا زيمري، محامي عائلة غصن، عن ارتياحه لقرار "يضع حدًا لتوقيف في غاية القساوة ووصف القرار بأنه "نبأ سارّ". وإخلاء سبيل غصن يعني أنه سيلتقي بمحاميه بوتيرة أكبر لوضع أسس الدفاع قبل بدء محاكمته.
أقرا أيضًا: غصن يُؤكِّد أنّه ضحية خيانة مِن قادة "نيسان"
ورأت المحكمة، الثلاثاء، أن خطر هرب غصن أو التلاعب بالأدلة ضعيف. لكنها أرفقت قرارها بشروط تقييدية، هي إلزامه بالإقامة في اليابان، ومنعه من مغادرة البلاد ولو لفترة قصيرة، وإجراءات لتجنب هربه أو إتلاف أدلة.
و اقترح هيروناكا المحامي الرئيسي الجديد لغصن، الذي حل محل نائبًا عامًا سابقًا هو موناري أوتسورو، وضْع غصن تحت مراقبة كاميرات ووضع وسائل محدودة للاتصال مع الخارج بتصرفه وذلك لانتزاع قرار المحكمة،. وقال المحامي الذي يوصف بأنه «المبرّئ» لأنه تمكن من الحصول على تبرئة متهمين في قضايا مهمة: «اقترحنا إجراءات تجعل الهرب أو إتلاف معلومات مستحيلًا».
وامتنعت "نيسان" عن التعليق على قرار إخلاء سبيل غصن بكفالة، الذي يأتي بعد يوم من تصريح هيروناكا بأنه متفائل من إمكانية حصول موكله على إفراج بكفالة مع تعهد بخضوعه للمراقبة.
وتُلقي القضية بالضوء على نظام العدالة الجنائية في اليابان، الذي يسمح باحتجاز المشتبه بهم فترات طويلة، ويحظر على محامي الدفاع حضور الاستجوابات التي يمكن أن تمتد 8 ساعات في اليوم.
وقال المحامي شين أوشيغيما، ممثل الادعاء السابق، إن الرأي العام على الأرجح لعب دورًا في قرار المحكمة إخلاء سبيل غصن بكفالة، مع تأكيدات من محامي غصن على استعداد موكله للخضوع للمراقبة. وقال: «المحكمة تأثرت نوعًا ما برأي العالم أجمع... الناس بوجه عام يعتقدون (أن فترة الاعتقال) طويلة جدًا. سيغير هذا إجراءات اليابان الجنائية».
وكان هناك وجود إعلامي مكثف خارج مركز الاعتقال الذي يقبع فيه غصن، كما وضعت مجموعة من الصحافيين سلالم لإلقاء نظرة من فوق السياج المرتفع. وحلقت طائرة هليكوبتر لفترة قصيرة في الأجواء.
وكان محامو غصن المتمركزون في فرنسا صرّحوا الاثنين بأنهم اشتكوا للأمم المتحدة من أن حقوق موكلهم انتهكت خلال فترة اعتقاله في اليابان. ويواجه غصن نظامًا للعدالة الجنائية لا يُحكم فيه بالبراءة إلا لصالح 3 فقط من بين كل 100 مدعٍ عليهم، يدفعون ببراءتهم من التهم الموجهة إليهم. وليست هناك أيضًا آلية يتم بمقتضاها التوصل لاتفاق مع المدعى عليه للاعتراف بالجريمة مقابل الحصول على حكم مخفف.
وقرّر رجل الأعمال اللبناني الفرنسي البرازيلي في منتصف فبراير /شباط تغيير فريق الدفاع الياباني مع بدء مرحلة الإعداد لمحاكمته التي لن تجري قبل أشهر. وقال حينذاك: «أنتظر بفارغ الصبر التمكن من الدفاع عن نفسي بقوة، وهذا الخيار يمثل بالنسبة لي المرحلة الأولى من عملية لا تهدف فقط إلى إثبات براءتي؛ بل إلى إلقاء الضوء على كل الظروف التي أدت إلى اعتقالي غير العادل».
وقرار الإفراج عن غصن بكفالة، يأتي في إطار ثالث طلب للإفراج عن غصن بكفالة، إذ إن القضاء رفض أول طلبين. وكان غصن أوقف في 19 نوفمبر /تشرين الثاني الماضي عند وصوله إلى طوكيو، ووضع في مركز الاحتجاز في كوسوغي شمال العاصمة؛ حيث بقي في الأيام المائة الأخيرة.
وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه "ليس من حقي التدخل في قضاء اليابان». وأضافت: «أقول فقط إنه من المهم أن يحظى كارلوس غصن بمحاكمة عادلة، وفي حال أفرج عنه، وامتلك هذه القدرة، سيكون ذلك نبأ سارًا. وغصن متهم بعدم التصريح الكامل عن مداخيله بين عامي 2010 و2018 لمبلغ 9.23 مليار ين "74 مليون يورو) في التقارير التي سلمتها "نيسان" إلى سلطات البورصة. وهو متهم أيضًا باستغلال الثقة.
و أدان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في نهاية يناير /كانون الثاني الماضي توقيفه لفترة طويلة، معتبرًا أنه إجراء "ليس عاديًا" في «أي ديمقراطية أخرى». ورأى أنه ضحية «مؤامرة» دبرتها «نيسان» لإفشال مشروع تقاربه مع «رينو». وردت «نيسان» بسرعة. وقالت في رسالة سلمت إلى وسائل الإعلام إنها «لا تلعب أي دور في القرارات التي اتخذتها المحاكم أو المدعون، وليست في موقع التعليق عليها». وأضافت المجموعة التي بدأ غصن عمله فيها في 1999 لإنقاذها من الإفلاس، أن «التحقيقات الداخلية لـ(نيسان) كشفت سلوكًا مخالفًا للمبادئ والأخلاقيات (من قبل غصن) على ما يبدو وما زالت تظهر وقائع أخرى».
وقد يهمك أيضًا:
كارلوس غصن يتعهّد بالبقاء في اليابان في حال إطلاق سراحه بكفالة
كارلوس غصن يواجه تهمة تقليل راتبه بنحو 35,5 مليون دولار
أرسل تعليقك