وصف سهيل المزروعي، وزير الطاقة الإماراتي، عوامل أسواق النفط في نهاية العام الماضي بالإيجابية، مشيراً إلى أن الأسواق في حالة تصحيح مستمر خلال العام الجاري، مبدياً تفاؤله حيال اتزان الأسواق خلال العام الجاري في ظل ارتفاع الطلب وتحسن اقتصادات الدول.
وأكد المزروعي أن العوامل الجيوسياسية تؤثر في عملية العرض والطلب، مما ينعكس على الأسعار بشكل مباشر، مضيفاً أن ارتفاع أسعار النفط الحالي، وسط نمو الطلب وتراجع فائض المعروض، تأتي نتيجة اتفاق "أوبك" وخفض الإمدادات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن أوبك ستجتمع في يونيو/حزيران المقبل، وتتخذ عدداً من القرارات التي تصب في صالح الأسواق.
وجاء حديث المزروعي خلال كلمة له في النسخة الثانية من منتدى الطاقة العالمي السنوي في أبوظبي، الذي يسبق انطلاق أسبوع أبوظبي للاستدامة، حيث يجمع المنتدى الذي يمتد ليومين عدداً من القادة الدوليين والإقليميين في قطاع الطاقة بالعاصمة الإماراتية، ويتطرق للتحديات الجيوسياسية التي تواجه قطاع الطاقة والاستدامة والفرص المستقبلية المتاحة، ويشارك في الفعاليات أكثر من 350 متحدثاً من كبريات الشركات والمؤسسات الفاعلة في قطاع الطاقة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وأكد المزروعي أن أوبك ملتزمة بما قررته في اجتماعها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو مواصلة هذا العمل لعام كامل، مضيفاً أن تحقيق التوازن الكامل بين العرض والطلب على النفط يتطلب مزيداً من الوقت. ومع توقعاته لتحقق توازن السوق في 2018، أشار إلى أن تصريف فائض المعروض يستلزم المزيد من الوقت، وبين المزروعي، وهو الرئيس الحالي لـ"أوبك"، أنه غير قلق من حدوث صدمة في المعروض بسبب تراجعات إنتاج الخام في فنزويلا والاضطرابات السياسية في إيران.
وقال: "تماشياً مع استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، يوفر منتدى الطاقة العالمي - الذي ينظمه المجلس الأطلسي - منصة تمكن القادة وصناع السياسات في قطاع الطاقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي من وضع جدول الأعمال الخاص بالطاقة لعام 2018".
وأضاف أنه في ظل التزايد المستمر للطلب، بات من الضروري ضمان استدامة موارد الطاقة من أجل تحقيق نمو اقتصادي قوي، وتوفير بيئة صحية في المستقبل. ولا شك في أن الرؤية المشتركة التي نتجت عن منتدى الطاقة العالمي تسهم بشكل إيجابي ودائم في مستقبل القطاع على الصعيد العالمي.
ولفت إلى بلاده تقدم نموذجاً متكاملاً بين الطاقة الأحفورية والمتجددة، من خلال استراتيجية متزنة للطاقة تتماشي مع خطط الدول الأوروبية التي تؤكد دائماً نجاح هذه الاستراتيجيات طويلة الأمد، وقال إن أبوظبي بما تمتلكه من رؤية مستقبلية أصبحت عاصمة الطاقة المتجددة على مستوى العالم، حيث تستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70 في المائة.
من جهته، قال فاتح بيرول، مدير وكالة الطاقة الدولية: إن أسعار النفط بين 65 و70 دولاراً للبرميل جيدة للمنتجين حالياً، متوقعاً استمرا الخام الفنزويلي بالانخفاض خلال العام الحالي، في ظل العوامل الجيوسياسية.
إلى ذلك، قال عدنان أمين، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، في كلمته بالمؤتمر: "ندخل مرحلة جديدة لإعادة تشكيل قطاع الطاقة باستخدام الطاقة المتجددة، حيث تمت إضافة 161 غيغاواط من الطاقة النظيفة خلال العام الماضي، بقيمة 271 مليار دولار"، مشيراً إلى أن الإمارات قدمت خير مثال للعالم، من خلال الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وجهودها في مكافحة التغير المناخي، إضافة إلى استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، مضيفاً أن تكلفة وكفاءة مصادر الطاقة المتجددة تحسنت بشكل كبير، حيث ظهرت نماذج جديدة تهدف إلى تحقيق المنفعة للجميع، ومن بينها الكهرباء اللامركزية والخلايا الشمسية الحديثة والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تحسين أداء أنظمة الطاقة المتجددة.
وشهدت فعاليات اليوم الأول للمنتدى وضع صناع القرار على الصعيدين العالمي والإقليمي جدول الأعمال الخاص بسياسة الطاقة لعام 2018، وتحديد إطار العمل المنوط بها، ومناقشة الدور الذي سيضطلع به صناع السياسات في مسيرة التحول في قطاع الطاقة، والحاجة إلى أطر مالية جديدة للحقبة المقبلة التي سيشهدها القطاع.
وتتضمن أعمال اليوم الثاني من المنتدى حواراً حول الابتكار في الإمارات، كما يتضمن جلسات عامة تتناول مستقبل منظمة "أوبك" وأسواق النفط ومستقبل قطاع النقل والطاقة النووية، إضافة إلى إطلاق المجلس الأطلسي مجموعة من التقارير التي تم إعدادها أخيراً بعنوان "صياغة مستقبل النفط والغاز في العراق" و"الطاقة: القوة الكامنة وراء زيادة مشاركة المرأة في دول الخليج" و"الاستثمار في الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة".
من ناحيته، قال الدكتور سلطان الجابر، وزير دولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ومجموعة شركاتها، أن النمو المتوقع في الاقتصاد العالمي، ولا سيما في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سيؤدي إلى رفع الطلب على الطاقة إلى مستويات لا يمكن تلبيتها عبر مصدر واحد، بل من خلال مزيج متنوع من المصادر.
وقال الجابر خلال الكلمة التي ألقاها في الدورة الثانية من منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي إن الهدف الأساسي لقطاع الطاقة العالمي هو توفير إمدادات آمنة وموثوقة ومستقرة، خصوصاً مع التغيرات التي تشهدها الأسواق، وزيادة معدلات استهلاك الطاقة المتوقع أن ترتفع بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2040.
وأضاف: "نجتمع في دورة هذا العام من المنتدى بالتزامن مع انتعاش الاقتصاد العالمي إلى مستويات هي الأفضل خلال العقد الماضي، وسيسهم هذا النمو الاقتصادي في زيادة الطلب على الطاقة، والمتوقع أن يرتفع بنسبة لا تقل عن 25 بحلول عام 2040، وهذا يعني أنه لا يمكن تلبية هذا الطلب من خلال مصدر واحد، وإنما سيتم الاعتماد على مزيج متنوع من مصادر الطاقة... وستستمر الموارد الهيدروكربونية في القيام بدور حيوي في تلبية هذا الطلب، حيث من المتوقع أن يتجاوز الطلب العالمي على النفط وحده مع نهاية العام الحالي 100 مليون برميل يومياً".
وأشار الدكتور الجابر إلى أن استجابة أدنوك للمتغيرات التي تشهدها أسواق الطاقة جاءت من خلال استراتيجية جديدة تركز على الاستفادة من نموذج عمل الشركة المرن، والبناء عليه وتطويره لتعزيز الأداء، وإحداث نقلة نوعية قائمة على النمو الذكي وتعزيز القيمة وتحسين هيكلية رأس المال، حيث أصبحت تقدم نموذجاً جديداً في منهجية عمل شركات النفط الوطنية.
وبين أن استراتيجية أدنوك 2030 للنمو الذكي تهدف إلى الاستفادة من النمو الاقتصادي العالمي المتوقع، وارتفاع الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية، ولا سيما في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، موضحاً أنه في الوقت الذي تستجيب فيه الشركة لديناميكيات السوق المتغيرة، ستواصل أدنوك توسيع شراكاتها الاستراتيجية، وتعزيز العائد الاقتصادي، والسعي إلى زيادة الوصول إلى الأسواق الحالية والجديدة.
أرسل تعليقك