تتجه أنظار المهتمين بصناعات الطيران والصناعات الدفاعية إلى دبي التي تستضيف أحد أكبر معارض الطيران في العالم بداية من اليوم الأحد، وعلى الرغم من أن المعارض الكبيرة الأخرى في فارنبره وباريس قد تجتذب مشاركين وزوارا أكثر، إلا أن دبي باتت في السنوات الأخيرة موقع عقد أكبر الصفقات في هذا الصدد.
ومثل منافسيها الأوربيين، سيكون معرض هذه الإمارة الخليجية، الذي سيتواصل على مدى خمسة أيام، موضعا للتنافس على مبيعات الطائرات التجارية بين شركات كبرى مثل إيرباص وبوينغ وشركات تصنيع أخرى من الدرجة الثانية، بيد أن دبي تمثل أيضا موقعا لصفقات الأسلحة أيضا. ولعل حساسية العقود الدفاعية تعني أن العديدين يتفاوضون هناك بشكل غير علني.
ويحرص أغلبية مصنعي الأسلحة على حضور المعرض آخذين بنظر الاعتبار حجم الميزانيات المخصصة للشؤون الدفاعية في الشرق الأوسط.
وكل الشركات الكبرى ستكون ممثلة وسط نحو 1300 جهة ستعرض صناعاتها في المعرض هذا الأسبوع، من بينها شركة بي أيه إي سيستمز البريطانية وشركة داسو الفرنسية وأكبر شركات الصناعات الدفاعية على الإطلاق لوكهيد مارتن الأميركية.
قلق أمني إقليمي
يقول آخر تقرير عن التوازن العسكري صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية إن سبعة من أكبر عشرة منفقين على الشؤون العسكرية بالقياس إلى مجمل الناتج المحلي أو حجم الاقتصاد، هم من دول من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتقف عُمان في المقدمة بتخصيصها نسبة 11 في المئة من إجمالي الناتج المحلي فيها للإنفاق الدفاعي، وتليها المملكة العربية السعودية بنسبة 10.8 في المئة.
وفي العام الماضي، شكلت الميزانية الدفاعية في الولايات المتحدة نسبة 3.1 من إجمالي الناتج المحلي الأميركي، وفي أوروبا، التي اعتاد الرئيس الأميركي انتقادها باستمرار في هذا الصدد، فشل العديد من الدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي (ناتو) في الوصول إلى تحقيق هدف نسبة 2 في المئة.
ويعني تزايد القلق الأمني في المنطقة ارتفاعا حتميا في الإنفاق الدفاعي، كما يقول تشارلز فورستر، المحلل في مجموعة جين للشؤون المعلوماتية والاستخباراتية.
ويقول :إن "الأحداث خلال السنوات الأخيرة، التي أصبحت فيها إيران عدوانية بشكل مطرد، أظهرت أن ثمة حاجة قوية لتطوير قدرات رقابية لضمان الحفاظ على البنى التحتية الوطنية المهمة آمنة، ولأن تمتلك الحكومات المعلومات الصحيحة التي تمكنها من الرد".
ولا يمثل المعرض مجرد فرصة لشراء المعدات، فدبي والإمارة الأكبر أبو ظبي فضلا عن المملكة العربية السعودية تطور بإطراد قدراتها في صناعة الطيران وعمليات الصيانة والإدامة في المجالين المدني والعسكري.
وقد قررت القوة الجوية الملكية البريطانية، إرسال طائرة تايفون المقاتلة، التي تصنعها شركة بي أي أي سيستمز وشركاؤها الأوروبيون، وستعرض القوة الجوية الفرنسية طائرة رافال المقاتلة المنافسة، مُثيرة تكهنات باحتمال أن تكون هناك عقود مطروحة لشراء كلا المقاتلتين.
وتعرض في دبي لأول مرة طائرة أف 35 لايتننغ 2 المقاتلة، التي كلف تطويرها مبلغا يقدر 1.5 ترليون دولار ضمن برنامج طويل المدى امتد لعقود، وعند الأخذ بنظر الاعتبار الطبيعة الجيوسياسية للصناعة الدفاعية، قد يؤثر عرض أف 35 على روسيا التي قد ترسل المقاتلة المنافسة التي تنتجها: سوخوي أس يو -57.
بوينغ ضد إيرباص
وإلى جانب هذه المعدات والأجهزة والطائرات التي تفوق سرعة الصوت، ثمة طيف متعدد من أجهزة المراقبة الإلكترونية، والطائرات الحربية والصواريخ والطائرات من دون طيار وأنظمة البنى التحتية وابتكارات أخرى، يصنف الكثير منها بأنه بالغ السرية.
وبالنسبة للجيش الإماراتي، يمثل معرض دبي فرصة "لاكتشاف معدات وتقنيات جديدة، ومد شبكة علاقات مع اللاعبين الصناعيين الأساسيين في عموم العالم"، بحسب وكيل وزير الدفاع الإماراتي اللواء عبد الله الهاشمي، وأضاف الهاشمي إن المعرض يمثل فرصة لعرض قدرات الإمارات الوطنية في هذا المجال.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتضمن برنامج التوازن الاقتصادي الإماراتي خططا طموحة لجعل الإمارات مركزا في مجالات الطباعة المجسمة (ثلاثية الأبعاد)، وبرامج بلوكتشين المعلوماتية (أو ما يعرف بنظام سلسلة الكتل في قواعد البيانات)، أو أدوات الاستشعار الذكية والعمليات الحسابية (الكومبيوترية) التي تعتمد على ميكانيك الكم، وقد توحدت الشهر الماضي 25 شركة تابعة للدولة ومستقلة في الإمارات تحت لافتة شركة صناعات دفاعية واحدة تدعى "أيدج".
ويقول فورستر إن "الإمارات ستكون في موضع جيد بوصفها مستثمرة ومصنعة في مجال صناعة الطيران العالمية"، وبالطبع، لا يقتصر المعرض على الدفاع، فمبيعات الطائرات المدنية ستهيمن على عناوين الأخبار.
وفي معرض دبي عام 2013، كان هناك ما قيمته 206 مليار دولار من الطلبات والاختيارات في مجال طائرات نقل المسافرين، تشاركت بوينغ وإيرباص في معظمها. وفي عام 2017 كانت هناك مبيعات بقيمة 114 مليار دولار.
ولن يصل الأمر إلى هذه المستويات المرتفعة هذا الأسبوع، ويرجع ذلك، في جزء منه، إلى الوضع المالي المهزوز لشركات الطيران الكبرى في الشرق الأوسط، والجزء الثاني إلى أن شركات الطيران لها العديد من الطلبات من الخطوط الإنتاجية في بوينغ وإيرباص قد أبرمت في السنوات الماضية، بيد أن التوقعات الأخيرة لشركة بوينغ للطائرات التجارية تشير إلى أن سوق الطائرات وخدماتها في الشرق الأوسط ستصل قيمتها إلى 1.5 ترليون دولار خلال العشرين عاما القادمة.
مساومات اللحظة الأخيرة
قد يكون معرض دبي ذا أهمية خاصة لشركة بوينغ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار الضرر في المبيعات والسمعة الذي أصابها في أعقاب حوادث تحطم طائرات 737 ماكس، وإيقاف تشغيل العديد من أساطيلها. إذ تلقت الشركة طلبات إلغاء شراء طائرات أكثر من طلبات الشراء حتى الآن خلال هذا العام، وسيكون هناك تركيز على شركة الطيران الإماراتية التي مقرها في دبي، التي تفضل دائما أن تحقق سبقا على مستوى السوق المحلية.
وفي وقت سابق هذا العام، ألغت الشركة الإماراتية طلبات شراء طائرة إيرباص أيه 380 سوبرجامبو، مشيرة إلى أنها ستتحول إلى طائرات أيه 330 أس و أيه 350 أس. كما وعدت الشركة بشراء بوينغ 787 دريملاينرز. على الرغم من أن إيرباص أو بوينغ لم تتما صفقات هذه الطلبات.
ويعتقد أن الخطوط الجوية التركية ستكون حاضرة في السوق لشراء طائرات، وكذلك الحال مع شركة الطيران الإماراتية النامية بسرعة "العربية للطيران". وينبغي الانتباه إلى أى إعلانات أخرى تأتي أيضا من شركات طيران آسيوية، حيث ينمو قطاع النقل الجوي بإطراد.
ويمثل معرض دبي للطيران موقعا للتسويق والترويج لصفقات ضخمة، إذا تمكنت الشركات من إبرام عقودها في الوقت المناسب، إذ ينشغل المدراء التنفيذيون بمساومات اللحظة الأخيرة المكثفة خلف أبواب مغلقة لشاليهات وغرف اجتماعات قرب مطار آل مكتوم الدولي في دبي.
قد يهمك أيضًا
نشاطات الدمج والتملك في المنطقة العربية تنخفض في النصف الأول من السنة 23 %
7.7 مليارات درهم إيرادات دبي لصناعات الطيران
أرسل تعليقك