قد تصبح الإمارات أول دولة تحدد هدفاً للوصول لصافي انبعاثات كربونية صفرية بين أعضاء منظمة "أوبك"، وهي خطوة قد تسعد الدول الغربية، التي تضغط لأجل التزامات مناخية أقوى، لكن لن يكون لها تأثير كبير على الأرجح على صناعة البترول الهائلة بالبلاد.بحسب مصادر مطلعة، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها لسرية المداولات، فإن الإمارات تدرس جعل عام 2050 هدفاً، بما يتماشى مع المبادرة العالمية لمنع درجات الحرارة من الارتفاع أكثر من 1.5 درجة من مستويات ما قبل الحركة الصناعية، وتستهدف الإعلان عن الأمر قبل قمة الأمم المتحدة للمناخ في غلاسكو بشهر نوفمبر.
أهداف متناقضة
إذا اتخذت الإمارات قراراً نهائياً بشأن تحديد عام 2050 كهدف للوصول لصافي انبعاثات كربونية صفرية، فستكون أول دولة بترولية رئيسية تضع مثل هذا الهدف المناخي الطموح. لكن الانبعاثات من حرق الوقود الأحفوري بعد شحنه للخارج لا تحتسب في أهداف المناخ على مستوى الدول، ما يعني أن الإمارات قد تصل فنياً إلى صافي انبعاثات صفرية، بينما تواصل خططها لاستثمار مليارات في استخراج البترول.
بدأت الإمارات بتصدير البترول في ستينيات القرن الماضي، وذلك قبل ان تتحول لدولة اتحادية، وجعلت إيرادات النفط المتزايدة البلاد من بين الدول الأكثر ثراءً في العالم.، وارتفع استهلاك الوقود الأحفوري وتوليد انبعاثات الغازات الدفيئة بالتوازي، وولّدت الإمارات، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة، 190 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2019، وفقاً لمشروع الكربون العالمي، ولديها واحدةً من أعلى نسب الانبعاثات للفرد في العالم، متفوقةً على أستراليا والولايات المتحدة.
خريطة مصادر الطاقة
تلحظ خطة الطاقة طويلة الأجل الحالية للإمارات أن يكون نصف إنتاج الطاقة فقط خالٍ من الانبعاثات بحلول 2050، وأن يتكون من المصادر المتجددة والنووية، بينما تخطط الدولة للحصول على بقية احتياجاتها من الطاقة من الغاز والفحم. ووصفت "كلايمت أكشن تراكر" (Climate Action Tracker)، وهي منظمة غير ربحية تحلل أهداف المناخ، سياسات الإمارات بأنها "غير كافية بشكلٍ كبير"، وتخطط شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، عملاقة الطاقة الحكومية، لزيادة قدرتها الإنتاجية من حوالي 4 ملايين برميل يومياً إلى 5 ملايين خلال العقد المقبل.
وبينما تعمل الدولة على تنويع اقتصادها منذ ثمانينات القرن الماضي، لا يزال الوقود الأحفوري أكبر مصدر للدخل إذ يساهم بحوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك، اتخذت الدولة خطوات لتحسين سجلها الأخضر، فأسست "مصدر"، ذراع الطاقة المتجددة في صندوق أبوظبي السيادي الذي يدير أصولاً بقيمة 240 مليار دولار، في العقد الأول من القرن الحالي لبناء مشروعات طاقة نظيفة، كما تستضيف المدينة أيضاً مقرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
هدف لجماعات الضغط
يقود مهمة الوصول لصافي انبعاثات صفرية سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، وهو أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك" وكان يدير "مصدر" سابقاً. وسيرته الذاتية ومنصبه الحالي في الحكومة يجعلانه شخصية مؤثرة عندما يتعلق الأمر بصياغة سياسات المناخ، إلاّ أن القرار النهائي سيقع على عاتق ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.
وصرحت هناء الهاشمي، مديرة مكتب الجابر، في مكالمة استضافها مجلس الأعمال الأمريكي الإماراتي، يوم الأربعاء: "نحن بالتأكيد نعمل على نهج يشمل الحكومة بأكملها لنرى عند أي مرحلة سيكون من الممكن تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية.. وأحثكم على ترقب الأمر".
شكّلت الإمارات هدفاً لجماعات ضغط أمريكية من أجل التزامات بيئية أقوى، وهي من بين الدول القليلة التي استضافت مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للمناخ، جون كيري، مرتين منذ أن تولى منصبه في وقت سابق من العام الحالي، حيث شدّد كيري على أن أحد أهدافه، هو حث الدول الأخرى على خفض الانبعاثات بسرعة أكبر خلال العقد المقبل، لضمان بقاء العالم على المسار الصحيح للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
قد يؤدي تحديد هدف صافي انبعاثات صفرية من قِبل الإمارات إلى زيادة الضغط على دول الشرق الأوسط الأخرى لفعل الشيء نفسه، وأعرب كيري عن تفاؤله بأن السعودية ستوافق على عام 2050 تقريباً كموعد لتحقيق مثل هذا الهدف، بعد زيارته للمملكة خلال رحلته الأخيرة للمنطقة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ارتفاع أسعار النفط بفضل مؤشرات على تعافٍ قوي للطلب على الوقود
لبنان يتلقى تأكيدا عراقيا بمضاعفة كمية النفط المقررة له من 500 ألف إلى مليون طن سنويا
أرسل تعليقك