اكتشاف مكامن غاز مهمة جديدة في الجزائر يعزز التوقعات بتقدم مرتبتها كدولة مُصدّرة

أعلنت الجزائر قبل أيام عن اكتشافات "كبيرة" و"مهمة جدا" في قطاع المحروقات بمواقع جديدة بصحرائها، مما عزز التوقعات بتقدم مكانتها كدولة مصدّرة في هذا المجال.فقد أعلن وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب مساء الأربعاء الماضي عن اكتشاف ثمانية مكامن كبيرة منذ بداية العام أكد أنها ستضيف احتياطيات كبيرة للبلاد في مجال الطاقة وخاصة الغاز الطبيعي.

وقال في مقابلة مع التلفزيون الجزائري "الاكتشافات الجديدة كلها في مواقع جديدة، وقامت بها شركة سوناطراك بمفردها وستعطي إضافة للاحتياطي الوطني وخاصة الغاز الطبيعي".

وتقع الاكتشافات الجديدة لمكامن المحروقات بكل من شمال ورقلة على بعد 800 كيلومتر جنوبي العاصمة، وبشار على بُعد نفس المسافة جنوب غربي العاصمة، وجنوب عين صالح على مسافة 2000 كيلومتر جنوبي الجزائر العاصمة، وشمال جانت الواقعة على بعد 2300 كيلومتر عن العاصمة، وجنوب إليزي على مبعدة 1830 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة.

وذكر عرقاب أن بلاده لديها اكتفاء ذاتي وإنتاج وافر من الطاقة بقدرة 25 ألف ميغاوات، وأنها تسعى إلى الاستمرار في تلبية حاجيات شركائها من الغاز. وأكد أن السلطات الجزائرية عازمة على مواصلة مجهوداتها لتزويد شركائها بكميات كبيرة من الغاز.

زيادة الإنتاج.. والبيئة

تستهدف الجزائر زيادة وتكثيف إنتاج الغاز، وقال عرقاب إنها تملك الإمكانيات لرفع إنتاجها من الغاز إلى 200 مليار متر مكعب سنويا على المدى المتوسط، مقابل 137 مليار متر مكعب حاليا.

وخصصت الجزائر 3.5 مليار دولار بين عامي 2024 و2028 لزيادة احتياطيات البلاد النفطية وزيادة الإنتاج الأوَّلي عبر تكثيف جهود البحث والاستكشاف وتحسين عمليات استغلال مكامن المحروقات.

وقال الخبير الدولي في الطاقات المتجددة علي شقنان في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن الاستثمارات تهدف لضمان إمدادات مستدامة على المدى الطويل من خلال الحد من التأثير على النظم الإيكولوجية عن طريق الجمع بين إنتاج الطاقة التقليدية وتطوير الطاقات المتجددة.

وأضاف شقنان، وهو عميد كلية التكنولوجيا بجامعة الأغواط جنوب الجزائر، أن البلاد "أخذت على عاتقها التزاما كبيرا بتحقيق نسبة 30 في المئة من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني بحلول عام 2035 ضمن خطة قدرة إنتاجية قدرها 15 ألف ميغاوات".

يضاف إلى ذلك مشروع الهيدروجين الأخضر الذي تسعى الجزائر إلى استعماله داخليا وإلى تصديره إلى الاتحاد الأوروبي عبر تونس.

وخلال جلسة لمجلس الأمة، قال عرقاب إن البرنامج التطويري لشركة سوناطراك الوطنية للنفط والغاز خصص 416 مليون دولار للمشاريع المتعلقة بالبيئة، منها 67 مليون دولار للطاقة الشمسية و68 مليون دولار لمشاريع الهيدروجين.

وشدد الوزير على التزام الجزائر بخفض الانبعاثات الملوثة للبيئة والناجمة عن نشاط قطاع المحروقات عبر عدة مشاريع استثمارية تعمل على خفض حجم الغاز المحترق بمنشآت الطاقة أو عبر مشاريع كبرى في مجال التشجير، ستنفذها شركة سوناطراك.

وتابع "الجزائر وعلى غرار الدول المصدرة الأخرى تسعى لخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة 7 إلى 22 بالمئة بحلول عام 2030، وخفض الحجم الإجمالي للغاز المحترق إلى أقل من واحد بالمئة".

اتفاقات وتفاهمات

خطت شركة سوناطراك "خطوات عملاقة" في مجال الاستكشافات خاصة في قطاع الغاز الطبيعي من أجل توسيع قاعدة احتياطات البلاد من المحروقات، بحسب وصف علي شقنان.

وقال إن الجزائر تهدف إلى زيادة الإنتاج من خلال البحث والاستكشاف وتحسين عمليات الاستغلال عبر استخدام تقنيات حديثة، مضيفا أن مجهوداتها والاكتشافات الجديدة ربما ترفع مرتبتها في هذا القطاع مستقبلا.

إلى جانب ذلك، أبرمت الجزائر اتفاقات ومذكرات تفاهم مع شركات عالمية، مثل (إيني) الإيطالية و(أوكسيدنتال بتروليوم) الأميركية و(إكينور) النرويجية، في خطوة توقَّع شقنان أن تعطي إضافة كبيرة لإنتاج الغاز الطبيعي بالبلاد.

وكشف الوزير عرقاب في حديثه للتلفزيون الجزائري عن قرب توقيع اتفاق بين سوناطراك وعملاق المحروقات (شيفرون)، وقال إن هذا الاتفاق سيساعد في زيادة الإنتاج الوطني وتطوير منجم كبير، لم يحدده.

ويأتي هذا الاتفاق بعد أن وقعت سوناطراك في الآونة الأخيرة على مذكرة تفاهم مع (إكسون موبيل) الأميركية ستُتوج بعقود تطوير قبل نهاية السنة، بحسب عرقاب، وتعطي إضافة كبيرة جدا لإنتاج الغاز الطبيعي بالجزائر.

الكهرباء.. ربط داخلي وتوجه لأفريقيا وأوروبا

قال شقنان إن الجزائر "لها مرتبة مشرفة" في إنتاج الطاقة الكهربائية، وهي تطمح إلى الربط الداخلي للشبكة الكهربائية عبر ربط شبكة الجنوب بشبكة الشمال.

وأضاف أن هذا المشروع سوف تكون له قيمة مضافة، خاصة فيما يتعلق بربط القطاع الفلاحي والمحيطات الفلاحية في الجنوب، وهو ما من شأنه دفع التنمية في البلاد.

وفي هذا الشأن قال عرقاب إنه تم ربط 64 ألف محيط فلاحي في الجزائر بالشبكة الكهربائية، وإن من المستهدف بلوغ 100 ألف محيط فلاحي، بالشراكة مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية.

كما تسعى الجزائر إلى ربط الشبكة الوطنية للكهرباء بالشبكة الأفريقية، وإلى دخول السوق الأفريقية. ويعيش حوالي 700 مليون أفريقي دون كهرباء وفق تقديرات وزير الطاقة الجزائري.

ويفكر المسؤولون الأفارقة، حسب ما قاله وزير الطاقة الجزائري، في كيفية إنشاء شبكة كهربائية أفريقية موحدة ومترابطة، مشيرا إلى أنه بحث خلال لقاءاته مع مسؤولين أفارقة سبل وكيفية نقل الخبرة الجزائرية في مجال الكهرباء.

وبحث عرقاب هذا الشهر مع وزير المحروقات بجمهورية الكونغو برونو جان ريتشارد إيتوا نقل الخبرة الجزائرية في مجال البحث والتنقيب عن النفط والغاز إلى بلاده. وطرق الجانبان إلى نقل الخبرة أيضا في مجالات تطوير الحقول والتكرير وإنتاج ونقل الغاز الطبيعي والغاز المسال ونقل وتوزيع المواد البترولية.

ولا تستهدف الجزائر السوق الأفريقية فحسب، بل لديها مشروع آخر متجه نحو أوروبا ويتمثل في خط عبر إيطاليا لتصدير الكهرباء للسوق الأوروبية.

وبحث عرقاب في منتصف شهر مايو أيار الحالي مع الرئيس التنفيذي لشركة (إديسون) الإيطالية نيكولا مونتي التعاون في مجال تصدير الغاز وإمكانية الربط الكهربائي مع إيطاليا.

وفي أواخر أبريل نيسان، وقّعت سوناطراك مذكرة تفاهم مع شركة هيكاتي جلوبال رنيوبالز إنرجي (إتش.جي.آر إنرجي) الأميركية تتيح لهما إجراء دراسة جدوى لبحث سبل تنفيذ مشروع للطاقة المتجددة في الجزائر، تليها مرحلة ثانية تتضمن دراسة جدوى استعمال هذه الطاقة في مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر.

قد يهمك أيضًا:

"سوناطراك" تطرح كميات إضافية من الغاز في السوق الحرة

سوناطراك الجزائرية توقع عقد مع إنجي الفرنسية لتوريد الغاز بسعر جديد