إيران في وضع صعب اقتصادياً لكنها لا تزال متمسكة بسياسة تصعيديّة قد تنقلب عليها
آخر تحديث GMT18:30:59
 العرب اليوم -

إيران في وضع صعب اقتصادياً لكنها لا تزال متمسكة بسياسة تصعيديّة قد تنقلب عليها

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - إيران في وضع صعب اقتصادياً لكنها لا تزال متمسكة بسياسة تصعيديّة قد تنقلب عليها

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
طهران - العرب اليوم

تخشى مصادر مطلعة غربية من أن تكون إيران، تحت إدارة جديدة برئاسة إبراهيم رئيسي، تسعى الى تصعيد الوضع بهدف الضغط على واشنطن من أجل رفع العقوبات وعدم الإصرار على تغيير بنود الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه عام 2015 وانسحب الرئيس دونالد ترامب منه عام 2018. وتعتقد هذه المصادر أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين، وتحديداً المرشد الأعلى علي خامنئي، توحي بأن هناك اتجاهاً لممارسة التشدد وتحمية جبهات المواجهة مع أميركا وحلفائها، اعتقاداً منهم أن إدارة الرئيس جو بايدن ضعيفة ومترددة، وبالتالي يمكن ممارسة سياسة الابتزاز معها والحصول على تنازلات كما كانت الحال خلال إدارة الرئيس باراك أوباما. وتعتبر هذه المصادر ما جرى في بحر عمان من اعتداءات على ناقلات نفط وتسخين للحدود اللبنانية مع إسرائيل ومهاجمة لقواعد أميركية في العراق، مؤشرات أو رسائل الى الغرب عن استعداد طهران لممارسة التفاوض السياسي عبر وسائل العنف للوصول الى أهدافها.
 
ويبدو بحسب هذه المصادر، أن انسحاب أميركا من أفغانستان وتقليص عدد جنودها في العراق ومناطق أخرى في الخليج، واستمرار الانقسام الأفقي على الساحة الأميركية بين المحافظين والليبراليين، وصعود النفوذ الصيني عالمياً هي من بين أهم العوامل التي قد تدفع طهران للاستنتاج أن واشنطن تعاني من وهن كبير، ويمكن الضغط عليها لإجبارها على التراجع. كما أن هناك قناعة متزايدة لدى طهران وحلفائها في محور الممانعة بأن الحكومة الإسرائيلية المكونة من ائتلاف هش هي في موقف ضعيف يمنعها من أن تشكل أي تهديد جدي في هذه المرحلة. قد تكون هذه الحسبة صحيحة، ولكن إن كانت مبنية على حسابات خاطئة فإن عواقبها وخيمة. ولعلها بدأت تأتي بنتائج عكسية.
 
فبعدما كانت إدارة بايدن قد أخذت في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) بعض الخطوات بالسماح لبعض الجهات بتحويل أموال مجمدة بسبب العقوبات الى إيران كبادرة حسن نية، نراها اليوم وقد عادت الى التصعيد وسياسة فرض العقوبات على محور الممانعة. وبحسب مصادر أميركية عسكرية، فإن واشنطن أعادت تموضع جزء كبير من قواتها في الشرق الأوسط ولم تسحبها الى أميركا كما أوحت بعض وسائل الإعلام. فمثلاً، ما تم سحبه من جنود وعتاد من قاعدة السيليا في قطر أعيد نشره في الأردن. وهدف ذلك بحسب بعض المحللين تقليص عدد الأهداف الأميركية الكبيرة القريبة من الحدود مع إيران. كما أن أميركا لا تزال تحتفظ بعدد القطع البحرية نفسه المنتشرة في منطقة الخليج والتي تشمل حاملة طائرات. وعليه، فإن أميركا ليست بوارد الانسحاب من منطقة استراتيجية كالخليج العربي، بخاصة مع اشتداد التنافس مع الصين والذي يتحول يوماً بعد يوم الى حرب باردة.
 
تقوم فرنسا اليوم بمحاولة التقريب بين إيران وأميركا، بخاصة أنها الدولة الأوروبية الوحيدة من بين الموقعين على الاتفاق النووي التي لم تقطع علاقاتها مع أعضاء محور الممانعة، إذ لا يزال رئيسها وسياسيوها يتواصلون مع قيادات "حزب الله" ومجموعات أخرى مدعومة من إيران. ففيما انضمت ألمانيا وبريطانيا الى أميركا باعتبار "حزب الله"، بشقيه السياسي والعسكري، تنظيماً إرهابياً، لا تزال فرنسا تحافظ على "شعرة معاوية،" ربما لإدراكها أهمية وجود قناة تواصل في هذه الأوقات الصعبة. بالرغم من تراجع مكانتها في الشرق الأوسط، لا تزال فرنسا تحظى بموقع مميز وشبكة كبيرة من العلاقات تستطيع تسخيرها عند الحاجة لخدمة أهدافها السياسية. والتواصل الأخير بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيسي مؤشر الى السعي الفرنسي لتفعيل لغة الحوار والتواصل لتخفيف الاحتقان على محاور عدة، والدفع لعودة المفاوضات في فيينا من أجل إعادة إحياء الاتفاق النووي.
 
إحدى النقاط المهمة التي قد لا تكون إيران تعيرها اهتماماً هو أن الضغوط الداخلية في كل من أميركا وإسرائيل قد تأتي بنتائج معاكسة للتوقعات. فالرئيس بايدن متّهم من الجمهوريين بالضعف وبتساهله مع إيران، وهي تهمة يحاول بايدن والعديد من أعضاء الكونغرس الديموقراطيين نفيها عبر أخذهم إجراءات متشددة مثل فرض عقوبات إضافية والدفع باتجاه ردود صارمة ضد التهديدات العسكرية لمحور الممانعة. الأمر ذاته ينطبق على الحكومة الإسرائيلية التي يتعرّض زعيمها اليميني نفتالي بينيت لحملة تشنها المعارضة بقيادة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو تتهمه بالضعف أمام إيران و"حزب الله" وبتعريض أمن إسرائيل للخطر. هذه التهم تدفع بينيت لأخذ خطوات متشددة، وقد تدفع به الى حد الذهاب لشن عمليات عسكرية كبيرة أو حتى الحرب، معتمداً على أصوات الأحزاب اليمينية في الكنيست لدعم قراراته وإبقائه في السلطة. وعليه، فإن سياسة إيران التصعيدية بهدف الابتزاز السياسي هي سيف ذو حدين وقد تنقلب عليها بأي لحظة.
 
لكن بالرغم من التهديد والوعيد، يبقى الواقع بالنسبة الى القيادة الإيرانية صعباً جداً. فالعقوبات الأميركية أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني كثيراً، فالتضخم يزداد مع تدهور قيمة العملة الوطنية وتقلص حجم الاحتياط من العملة الصعبة. فالبنوك الإيرانية تقنن التعاملات بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى، ما يؤثر في عمل الشركات. كما أن تراجع الإنفاق على تحسين البنية التحتية أدى الى انقطاع الكهرباء والماء عن أجزاء واسعة من البلاد الغنية بالنفط والغاز. تدهور الوضع الاقتصادي - الاجتماعي يزيد من التحركات الشعبية التي تنتفض كل بضعة أشهر ضد النظام وتنتشر التظاهرات في أرجاء الدولة. ويبدو أن طهران تتوقع أن تزداد الأمور سوءاً نتيجة سياساتها التصعيدية مع الغرب، ما يفسر إقدامها أخيراً على إعداد تشريعات للسيطرة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
 
فالسؤال الذي يفرض نفسه هو: الى متى تستطيع القيادة الإيرانية أن تصمد في وجه العقوبات الأميركية؟ لا أحد يملك جواباً محدداً، لكن الواضح أن الأمور تزداد صعوبة، والذهاب باتجاه العنف هو دليل على فقدان النظام الإيراني خيارات أخرى فاعلة. الخيار الموجود اليوم هو العودة الى مفاوضات فيينا لمحاولة تحسين الشروط الجديدة التي فرضتها واشنطن عليه، وتحديداً أن يوافق النظام الإيراني على الدخول في مفاوضات حول سياسته التوسعية الإقليمية وحول ملف صواريخه البالستية. باريس ودول أخرى تدفع اليوم باتجاه إحياء المفاوضات التي من شأنها تقليص العمل العسكري، لأنه ما دامت محادثات فيينا متوقفة فالأرجح أن تشهد المنطقة مزيداً من الحوادث ضمن حرب الظل الحالية. ولبنان يقع اليوم ضمن نطاق ساحة المواجهة الإيرانية مع إسرائيل والغرب.      

قد يهمك ايضا 

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يؤدي القسم ويرسل إشارات متناقضة

رئيسي يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لإيران ويطالب برفع العقوبات المفروضة على بلاده فوراً

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران في وضع صعب اقتصادياً لكنها لا تزال متمسكة بسياسة تصعيديّة قد تنقلب عليها إيران في وضع صعب اقتصادياً لكنها لا تزال متمسكة بسياسة تصعيديّة قد تنقلب عليها



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
 العرب اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 02:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
 العرب اليوم - غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 01:10 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل
 العرب اليوم - دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab