الخرطوم – محمد إبراهيم
إنتقد خبراء اقتصاديون موازنة العام 2017م في السودان ووصفوها بأنها ميزانية "صرف حكومي" باعتبار أن الصرف التنموي يكاد يكون معدومًا، مشيرين إلى أنها غير متعلقة بحياة الناس وليس لها تأثير إيجابي على حياة المواطن ورهنوا تحقيقها إلى معدلات نمو إيجابية بتخفيض الإنفاق الحكومي المترهّل والاهتمام بالقطاعات الإنتاجية.
وتوقّع مراقبون إرتفاع عجز الموازنة خلال الفترة المُقبلة باعتبار أن الإيرادات تعتمد بصورة كبيرة على الضرائب وتحديداً المفروضة على الجمارك والتي انخفضت بصورة كبيرة خلال الأشهر الماضية ما يدعو إلى القلق تجاه تحقيق بنود الإيرادات الضريبية والمقدرة بحوالي 77% في الإيرادات العامة لموازنة الدولة، وانتقد كثيرون فرض ضريبة قيمة مضافة على قطاع الاتصالات لتأثيرها المباشر على المواطن وقالوا إنه كان من الأجدى فرض ضريبة أرباح أعمال على قطاع الاتصالات، ويرون أن العجز سيزداد في هذه الحالة خاصة وأن الحكومة ستتجه إلى طباعة المزيد من النقد ما قد يفاقم من التضخم ويؤثر على إرتفاع أسعار السلع.
ويرى الخبير الاقتصادي البروفيسر ميرغني أبنعوف، أن الميزانية الجديدة لم تتعد مرحلة التقديرات، لافتاً إلى أنها تقديرات قد تصيب وقد لا تصيب وإن إستدامة الإستقرار الإقتصادي رهين بإنفاذ برامج وخطط تعزيز القطاعات المنتجة خاصة القطاع الصناعي والزراعي بشقيه لتغطية العجز الكبير فيها وإن تحقيق معدل نمو في الناتج المحلي بنسبة أكثر من 6% يلزمه دعم قطاع الزراعة بشكل أساسي ورفع الإنتاجية أولاً، ما يضمن تدفق المزيد من العملة الصعبة وتحقيق فوائد مزدوجة تتمثل في تحقيق اتزان في الجهاز المصرفي، وتوفير مبالغ كافية لمقابلة حجم الواردات، وقلل من جزئية تخفيف معدلات ونوه إلى أن التحدي الأساسي يتمثّل في خفض الإنفاق الحكومي وتوجيه الدعم نحو قطاع التنمية الاقتصادية بمفهومه الواسع الذي يشمل المشاريع الإنتاجية وصغار المنتجين علاوة على تعزيز ميزانية الخدمات ومنها الصحة والتعليم.
وترى الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم إن الموازنة لا غبار عليها وشددت على أن نجاحها يتمثل في كيفية تنزيلها على أرض الواقع، وأشارت إلى أن أهم مقومات فعالية الموازنة أن تتضمن تقليل الصرف الإداري لسلبياته الكبرى والاستفادة من الأموال المخصصة للصرف غير المنتج واعتبرت أن دعم المشاريع المنتجة أكثر جدوى من الصرف الإداري غير المنتج واستبعدت تحقيق الموازنة لنتائج إيجابية للمواطن في ظل عدم تقليل الصرف الإداري.
وتوقع خبراء أن تتجه الحكومة إلى زيادة إيراداتها لسد العجز بزيادة التعرفة الجمركية وزيادة الضرائب برغم من أنها غير واضحة المعالم في الموازنة، ونوهوا إلي إن كل ما ورد في الموازنة تقديرات فقط غير مبنية على حقائق، ولن تستطيع وزارة المالية أن تؤكد ذلك لاعتبارات الإضطرابات الأمنية التي تحدث في السودان بين الفترة والأخرى وتستنزف ما تم البناء عليه، وتركز الموازنة بحسب تقديرات وزارة المالية بصورة أساسية على زيادة الإنتاج في قطاعات النفط والتعدين بجانب الصناعة والسياحة والخدمات لدعم الصادرات وزيادة القدرات التنافسية مع توجيه التمويل المصرفي في القطاع الخاص، وتفعيل آليات التمويل الأصغر وخفض حدة الفقر وتشغيل الخريجين، وتوقع وزير المال بدر الدين محمود أن يكون الناتج المحلي الإجمالي حوالي 872 مليار جنيه بنسبة 5.3% خلال العام 2017م، ويأمل الوزير أن يشهد العام المقبل 2017م التوقيع على عدد من الاتفاقيات والقروض والمنح بحوالي 938 مليون دولار منها 178 مليون دولار منح و760 مليون دولار قروض.
أرسل تعليقك