الجزائر - العرب اليوم
تتجه الجزائر لتسليط عقوبة قصوى تصل إلى 30 سنة سجنا والمؤبد، على المتورطين في جريمة المضاربة، وقد جاء القرار ضمن توصيات الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء. وقد أمر الرئيس عبد المجيد تبون، بمراجعة قانون العقوبات مع تكثيف حملات تحسيس التجار والمجتمع المدني حول قانون مكافحة المضاربة. ارتفاع رهيب للأسعار وتأتي هذه الخطوة لمواجهة الانتشار الرهيب لظاهرة المضاربة في الأسواق الجزائرية، ووضع حد لتوجه عدد من التجار لتخزين المواد الأساسية بغرض إحداث الندرة، ورفع الأسعار. وتشهد الأسواق ارتفاعا جنونيا لأسعار المواد الأساسية خاصة الخضر والبقوليات، وذلك بنسبة زيادة يقدرها الخبراء بأنها تتجاوز أحيانا 500 بالمئة مقارنة بين سعر المنتوج عند الفلاح وصولا إلى المستهلك. وفي السياق ذاته، فتحت الظاهرة الطريق أمام الباعة المتنقلين للسيطرة على مساحات كبيرة من تجارة المواد الأساسية، والملاحظ أن سعر الجزر في أسواق الجملة يبلغ 30 دج، بينما يصل السعر إلى 80 دج في أسواق التجزئة وهو ما يعني أن هامش الربح يتجاوز 130 بالمئة، في وقت الذي يشدد الخبراء على ضرورة أن لا يتجاوز هامش الربح 30 بالمئة.
قرارات أخرى لحماية السوق وقبل التوجه نحو تعديل قانون العقوبات، أصدرت وزارة التجارة عدة قرارات من أجل القضاء على ظاهرة المضاربة في الأسواق، وقد أعطت الضوء الأخضر للفلاحين ببيع منتجاتهم مباشرة إلى المواطن، ولكن هذه الخطوة تعثرت ولم تحقق الغرض المنشود. ويرى الخبراء أن المضاربة أصبحت تشكل هاجسا للاقتصاد الوطني، وقد أتعبت جيب المواطن البسيط الذي أصبح عاجزا أمام المضاربين، الذين يصفهم رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي بـ"عصابات الأسواق".
وقال زبدي لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد أثرت هذه الظاهرة على القدرة الشرائية سواء بالنسبة للطبقة المتوسطة أو الطبقة الفقيرة، وهو ما يفسر توجه الدولة للتعامل بحزم شديد مع "عصابات الأسواق". وتنص المادة 03/09 من قانون العقوبات على متابعة التجار المخالفين خاصة المضاربين الذين كثفوا من نشاطهم خلال جائحة كورونا. وتشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل أكثر من 70 ألف تاجر مخالف، وقد اختلفت التجاوزات من الإخلال في جانب النظافة إلى الغش وزيادة الأسعار وعدم العمل بالفواتير.
حماية القدرة الشرائية للمواطن ورغم التطمينات التي تلقتها الجزائر مؤخرا من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة حول استقرار القدرة الشرائية إلا أن الأمور لا تبدو مستقرة بالشكل المنشود. وأشار زبدي إلى استمرار ارتفاع الأسعار إلى غاية منصف عام 2022، وقال: "لا تزال الأسواق تعرف غياب التنظيم والرقابة وهو الأمر الذي يتسبب في زيادات رهيبة للأسعار، وهي زيادات غير مبررة مقارنة بالسعر الأصلي للمنتوج". ومؤخرا صنف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجزائر في "الخانة الزرقاء" ضمن البلدان المستقرة غذائيا، كما أوضح التقرير الأممي أن الجزائر هو البلد الإفريقي الوحيد المُستقر غذائيا، حيث لم تتجاوز فيها نسبة المجاعة معدل 2.5 في المئة من مجموع 811 مليون إنسان في العالم.
ورغم ذلك إلا أن الخبراء يحذرون من تداعيات تدهور القدرة الشرائية للمواطن على هذا الأمن الغذائي، مما يعني أن هذا الاستقرار هش مقارنة مع مؤشرات آخرى تشير إلى استمرار نسبة التضخم في الارتفاع. وقد أثنى الخبير الاقتصادي الجزائري فؤاد علوان على القرارات الأخيرة التي تتعلق بتشديد العقوبات من أجل استقرار السوق. وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "الردع بقانون العقوبات أمر مهم للحفاظ على الأمن الغذائي، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بشرط أن يتم تطبيق القوانين بشكل مدروس".
وللحفاظ على القدرة الشرائية لدى المواطن، اتخذت الحكومة أيضا قرارات داعمة، تضمنت تخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي، وذلك بعد تسجيل تراجع قيمة الدينار. وحسب الخبراء، فإن قرارات حماية القدرة الشرائية تحتاج إلى مزيد من الدعم من خلال مراجعة القيمة المضافة على السلع والتي تصل إلى 19 بالمئة وهي قيمة يدفعها المستهلك. كما أوضح علوان: "للحفاظ على الأمن الغذائي فنحن نحتاج أيضا لمراجعة القيمة المضافة على السلع". وحسب آخر مؤشرات صندوق النقد العربي، فإن الاقتصاد الجزائري يعتمد بنسبة 37.4 على الضريبة على القيمة المضافة، حيث تشكل تلك القيمة جزءا هاما من ميزانية الدولة، وهذه المؤشرات خلقت مناخا غير صحي للتجارة وفتحت الأبواب أمام المضاربين للسيطرة واحتكار الأسواق في مختلف المجالات خاصة المواد الغذائية الأساسية. وبالإضافة إلى عمليات الردع والحجز للسلع والمتابعات القضائية، فقد اتخذت وزارة التجارة قرارات آخرى لتنظيم السوق الجزائرية، وذلك من خلال دمج 31 ألف تاجر متنقل كانوا يعملون من دون سجل تجاري، حيث تم استحداث رموز جديدة بالنسبة للتجارة المتنقلة وذلك لضمان تمويل مستقر للسوق.
قد يهمك ايضا
تبون يوجه برسالة للجزائريين دعاهم فيها للانضمام إلى "مسار التأسيس لعهد واعد"
الجزائر تعرب عن قلقها البالغ إزاء تطور الأوضاع فى لبنان
أرسل تعليقك