بغداد – نجلاء الطائي
أثارت أطاحة مدير عام شركة " سومو" منذ الإعلان عنها، انتقادات من خبراء بالشأن النفطي العربي والعالمي، حتى أن البعض وصفها بالمتهورة، وذلك بحسب خبراء في الشأن النفطي الذين لم يستبعدوا ايضا أن تقف تسويات سياسية داخلية وراء تلك الاقالة التي لم تعرف أسبابها حتى الآن، فيما صدر أمر وزاري بعد ساعات من إعفاء العامري بتكليف علاء خضر كاظم الياسري بمهام مدير عام شركة تسويق النفط "سومو" وكالة بدلاً عن فلاح العامري الذي نقل الى الوزارة وتم تكليفه بمهام مستشار الوزارة لشؤون التسويق واستراتيجيات.
وكانت شركة تسويق النفط العراقية "سومو" أبلغت عملاءها في آب/أغسطس الماضي نيتها تغيير سعر القياس لخام البصرة في آسيا، إلى سعر العقود الآجلة للخام العماني في بورصة دبي للطاقة، من متوسط أسعار خامي دبي وعُمان على "منصة بلاتس"، اعتبارا من أيلول/سبتمبر المقبل، فيما هاجمت صحيفة "الرأي" الكويتية، قرار العراق القاضي بإعادة تسعير نفطه الخام في آسيا، واصفة إياه بأنه خطوة "متهورة وغير مدروسة"، فيما توقعت حدوث "أزمة" بين العراق وزبائنه في السوق الآسيوية.
وقال الخبير بالشأن النفطي ضرغام محمد علي لصحيفة "المدى " ، الى انه ومع كون خطوة تسعيرة "سومو" الاخيرة طموحة وجيدة، لكنها كانت تحتاج الى المزيد من العمل وليس بقرار فردي من العراق، وكان يجب أن تؤخذ على مستوى العالم من خلال آليات وليس بشكل اعتباطي، لذلك هي لم تكن موفقة بشكل كافٍ كي تقنع الزبائن من مشتريّ النفط العراقي، مما يؤكد أن التسعيرة الجديدة هي من أطاحت بالعامري بهذه السرعة وليس ملفات فساد كما يريد البعض القول.
وأردف بالقول: كما إن اقالة العامري جاءت للحفاظ على حصة العراق في الاسواق الآسيوية التي تعتبر المشتري الاساس للنفط العراقي خاصة إن هذه السوق يحدث بها نمو خلافا للسوق الاميركية والاوروبية التي قد تصل الى الصفر أحيانا، مما يعني أن مستقبل العمل في السوق الآسيوية هو أهم من السوق الاوروبية والاميركية.
ويرى علي أنه ومع تفرّد العامري في قرارات شركة "سومو"، يجب أن لا ننسى بان لديه خبرة وكفاءة، وعملية اختيار بديل له ستحتاج الى وقت طويل، مما لا يمكن الحكم على آلية استبداله اذا كانت صحيحة أم لا في هذا الوقت، مستطردا: ومن جانب آخر فان هناك استهدافاً واضحاً من قبل اطراف سياسية كون الشركة كانت حازمة مع الأكراد في بيع النفط الكردي، وبسبب ضغوط الحكومة على الكرد لبيع نفطهم من خلال شركة سومو، كان هناك توتر واضح بين شركة سومو والسياسيين الكرد، في وقت كانت آليات بيع شركة سومو محكمة ومعترف بها دوليا كما أن آليات التسعير مقبولة من قبل الزبائن.
وقد أهلّت العراق للدخول في منظمة مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية الأمر الذي انعكس ايجابا على مكانة العراق في السوق النفطية كونه أكبر عضو في هذه المنظمة، لكن يبقى القول أن اقالة العامري جاءت على خلفية تسوية سياسية وفي ذات الوقت هي ترضية لزبائن شراء النفط العراقي في السوق الآسيوية بعد رفض التسعيرة الجديدة، ومن المؤكد ان إقالته ليست عقوبة. وتفاقمت التحديات الأمنية بفعل الفراغ السياسي الذي حدث في أعقاب تنحي مسؤولين محليين كبار بعد إتهامهم بالفساد.
واستقال ماجد النصراوي محافظ البصرة الشهر الماضي وسافر إلى إيران بعدما بدأت هيئة لمكافحة الفساد تحقيقات في اتهامات بحقه. وفي يوليو/ تموز، ألقى القبض على صباح البزوني رئيس مجلس محافظة البصرة وأقيل من منصبه بعدما إتهمه جهاز رقابي بتلقي رشاوى وإساءة استخدام السلطة.
والفساد مبعث قلق رئيسي في العراق، لكن محللين يقولون إن الرجلين كانا ضحية صراع سياسي، مع استعداد الأحزاب من الأغلبية الشيعية في البلاد لخوض الانتخابات العامة في أبريل نيسان 2018. وينظر إلى البصرة على أنها الجائزة الكبرى بالنظر إلى ثروتها النفطية وإمكاناتها المتاحة للاستثمار. والبزوني، الذي ينتمي إلى إئتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، على خلاف مع النصراوي الذي ينتمي إلى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو حزب شيعي، حول إدارة المحافظة وترسية عقود الخدمات الأساسية وإعادة بناء البنية التحتية للبصرة.
وقال إثنان من السياسيين في البصرة طلبا عدم الكشف عن هويتهما إن الخلافات حول كيفية ترسية العقود الحكومية تصاعدت مع قيام كل حزب بنشر ملفات فساد لأحزاب أخرى منافسة. وأوضح المحلل جاسم البهدلي، وهو خبير في الجماعات الشيعية المسلحة "بالنسبة لبعض الأحزاب السياسية فإن الحصول على موقع النفوذ الأكبر في البصرة هو هدف رئيسي لتوسيع نفوذ هذه الأحزاب.
وقال مسؤولان لدى شركات نفطية أجنبية تعمل في الجنوب إن رحيل مسؤولين كبار أثار مخاوف من احتمال تفاقم النزاعات العشائرية. وأضاف أحدهما ويعمل بشركة نفطية أجنبية في البصرة طالبا عدم الكشف عن هويته "نحن نرغب برؤية وجود الحلول للتحديات الأمنية وذلك لتجنب العمل في بيئة صعبة".
أرسل تعليقك