الولايات السودانية تشهد موجة مِن الزيادة في أسعار السلع الأساسية
آخر تحديث GMT09:54:50
 العرب اليوم -

​منذ بداية تطبيق الموازنة العامة 2018 في كانون الثاني

الولايات السودانية تشهد موجة مِن الزيادة في أسعار السلع الأساسية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الولايات السودانية تشهد موجة مِن الزيادة في أسعار السلع الأساسية

الحكومة السودانية
الخرطوم - العرب اليوم

تشهد معظم الولايات السودانية حاليا موجة من الزيادة في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية منذ بداية تطبيق الموازنة العامة 2018 في يناير/ كانون الثاني الحالي، التي تضمنت زيادات في أسعار الدولار الجمركي بنسبة 300 في المئة.

وبينما تحمّل الحكومة السودانية، دائما، السماسرة وشبكات التجار مسؤولية رفع الأسعار للسلع التي تنتج محليا، تدخلت رئاسة الجمهورية أخيرا لحسم الزيادات التي طالت كذلك مواد البناء وعددا من السلع الغذائية والاستهلاكية والضرورية، عن طريق بعض القرارات التي حاولت معها الحكومة تخفيف الضغوط المالية على المواطنين.

يأتي هذا في الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطن السوداني جني ثمار رفع العقوبات الأميركية عن السودان، التي استمرت 20 عاما، بينما يواجه الاقتصاد مشكلات عدة، ترجو الحكومة السودانية تقليلها بقرارات مالية جريئة.

وطلب المهندس عبدالوهاب يحيى، تعديل قيمة أعمال إنشائية كان اتفق عليها مع زبائنه قبل تحرير الجنيه السوداني، بعد توقفه عن العمل أسبوعا كاملا لاختلال ميزانية المشروع، بسبب زيادة سعر طن الإسمنت من 2000 إلى 5200 جنيه (نحو 122 دولارا)، بالإضافة إلى مواد البناء الأخرى.

لم يجد يحيى، المتخصص في البناء، أي رد لزبائنه على توقفه عن العمل، سوى عدم علمه بموقف الزيادات في أسعار مواد البناء، هل تستمر أم يحدث تراجع؟ بعد تحرير العملة، بيد أن غدا غير معلوم كم سيكون السعر.

ووجه الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير في اجتماع عاصف بمجلس الوزراء بعد تلك الزيادات الجنونية، وزراء المال والتجارة ومحافظ بنك السودان المركزي، باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الموقف، وتحقيق استقرار اقتصادي في هذه المرحلة، التي يجب فيها أن يجني السودان مكاسب رفع العقوبات الأميركية.

ووفقا لتوجيهات الرئاسة السودانية، دفعت وزارة التجارة بفرق للرقابة والتفتيش في الأسواق والمراكز التجارية، لبحث الأسباب الحقيقية للغلاء وارتفاع الأسعار غير المبرر لبعض السلع، خصوصا التي لا ترتبط بسعر الصرف، والمنتجة محليا، والمستوردة المعفاة تماما من الرسوم الجمركية والقيمة المضافة، ودشنت وزارات المال في العاصمة عدة أسواق للبيع المخفض، التي تباع فيها السلع بأسعار التكلفة فقط.

ووجهت الرئاسة أصحاب المصانع عامة بفتح نوافذ بيع مباشر للجمهور في مواقعها ومراكز التجمعات والأسواق التجارية، تفاديا لدخول السماسرة، كما وجهت وزارات المال بالعاصمة بفتح المزيد من أسواق البيع المخفض، التي تُباع فيها السلع بأسعار التكلفة فقط.

كما وجهت الرئاسة السودانية بنك السودان المركزي بضبط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني والسيطرة على منافذ البيع وشراء الذهب المنتج في البلاد عامة، الذي بلغ العام الماضي نحو 105 أطنان، يهرب أكثر من نصفه ويباع خارج القنوات الرسمية، على أن قرارا أخيرا اتُّخِذ في هذا الصدد لتأهيل مصفاة الذهب لتدير العملية التسويقية وإنشاء بورصة عالمية للذهب.

وخلفت الزيادات الكبيرة في أسعار السلع الضرورية في السودان عقب تطبيقها لميزانية العام 2018، آثارا اقتصاديا سالبة، زادت من أعباء المعيشة، نتج عنها سلوكيات إنفاقية جديدة، أقرب ما توصف بـ"التقشف المعيشي"، التي سادت أوساط معظم قطاعات محدودي الدخل والعمال والموظفين والطلاب في السودان.

ووفقا لاستطلاع أجرته "الشرق الأوسط" وسط فئات مختلفة من المواطنين، فإن الزيادات التي حدثت لأسعار السلع الضرورية والأساسية خلال الأسبوعين الماضيين، أخلت ببرامج صرفهم على احتياجات الفرد وأسرته، حيث لم تقابل هذه الزيادات أي زيادة في المرتبات والدخول أو المصروف اليومي للأسرة، واضطروا إلى التقشف المعيشي.
وتتنوع وسائل التقشف المعيشي، من تقليل مكونات الوجبات الرئيسية الثلاث المعروفة في السودان، بأن تلغي مشاركة اللحوم مثلا، وكذلك الاكتفاء بطبق أو طبقين بدلا من مائدة كاملة، إضافة إلى التخفيف من المجاملات والدعوات، وتقليل نفايات المنازل.
وتقول حليمة عبدالله عاملة في إحدى مؤسسات الدولة إنها تتقاضى مرتبا ضعيفا قد يصل إلى 750 جنيها، وهو لا يكفي لحاجاتي، ولدي أسرة من خمسة أفراد، فبعد هذه الزيادات أصبحنا غير قادرين على توفير أبسط مقومات الأكل والشراب.

وتضيف أن سعر الخبز ارتفع بنسبة 100 في المئة، و"زادت اللحوم بنسبة 50 في المئة، وكذلك الزيت والبصل وغيرها من السلع الضرورية للبيت في اليوم"، وقالت إنها لا تدري إلى أين تسير الأوضاع؟ و"مصابة بالحيرة إذ كيف أقوم بتربية أبنائي الخمسة وأكبرهم لم يتعدّ الخامسة عشرة". وتختتم بقولها: "على الحكومة التدخل وبأسرع وقت وإن لا أصبح الوضع كارثيا".
وتقول المعلمة سعاد أحمد التي تعمل في مدرسة حكومية في أحد أحياء العاصمة الخرطوم الجنوبية إن مرتبها لا يتجاوز 2000 جنيه، وهي تعول أسرة متوسطة تتكون من ثلاثة أبناء منهم من هو في الجامعة والبقية في الثانوي العالي: "إن الأمور كانت مستورة خلال الفترة الماضية، إلا أن بداية العام الحالي، تأثرنا كثيرا من الغلاء وارتفاع الأسعار، حيث أصبحنا لا نقدر على توفير كل مستلزمات اليوم بالمنزل وتجاوزنا كثر من الأشياء لعدم توفر المال".

وأضافت أن زوجها رجل معاشي ولا يعمل حاليا، فقط يصرف المعاش الذي لا يتجاوز 600 جنيه شهريا، وهو "مبلغ ضعيف جدا وهذا الوضع الاقتصادي بالطبع سيترك آثارا سلبية علي حياتنا"، موضحة أن كثيرا من المعلمين خاصة الرجال، ربما يفكرون في ترك العمل بالتدريس لأنه "لم يعد يمكن لرب الأسرة من إعالتها في ظل ضعف المرتبات وزيادة الأسعار".
وتتسابق أجهزة الدولة في تنفيذ حملات وإطلاق مبادرات لحماية المستهلكين من الزيادات التي تحدث في الأسعار وطالت جميع السلع الضرورية والأساسية ومواد البناء.

وتتوعد الحكومة بعقوبات رادعة ضد المتسببين في رفع الأسعار، الذي طال الكثير من السلع المحلية والمستوردة بعد تطبيق ميزانية عام 2018، التي لم تحمل أي زيادة في أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية التي ارتفعت بجنون، بل إن الميزانية تضمنت إعفاءات من الجمارك والرسوم لنحو 63 سلعة غذائية ومواد خام للزراعة والصناعة.

وقالت الحكومة إنها ستتخذ عددا من الإجراءات القوية في مواجهة استرداد الموارد المالية بالعملة الأجنبية، وذلك بالمضي في شراء الذهب والعملة الأجنبية من السودانيين العاملين في الخارج بسعر مجزٍ، والسيطرة على هذه الموارد وإحكام البنك المركزي عليها، لإيقاف المضاربات التي تحاول إحداث عدم استقرار للاقتصاد بالبلاد.

وأيد الاجتماع التشاوري لوزارة التجارة وديوان الحكم الاتحادي مع وزراء المالية بالولايات السودانية، استمرار مراقبة الأسواق وضبط الأسعار واتخاذ التدابير اللازمة للحد من الفوضى التي ضربت الأسواق خلال الفترة الماضية، مؤكدين تفهم المواطنين لذلك.

وأصدر الدكتور فيصل حسن إبراهيم وزير ديوان الحكم قرارا بمنع تحصيل الرسوم للسلع الواردة عبر الولايات إلى الخرطوم أو موانئ التصدير، لكن القرار أبقى على حرية حركة التجارة العابرة دون فرض أي رسوم عليها من قبل الولايات.

وشرعت الجهات الرقابية بولاية الخرطوم في تنفيذ حملات على الأسواق لتطبيق قانون تنظيم التجارة وحماية المستهلك بولاية الخرطوم، حيث تم تنفيذ حملة على المخابز من خلال مراجعة 20 مخبزا بمحلية الخرطوم. وتم إيقاف مخبزين عن العمل واتخاذ الإجراءات القانونية بواسطة نيابة حماية المستهلك.

وثمّن الخبير الاقتصادي، الكندي يوسف لـ"الشرق الأوسط"، الجهود التي ظلت تبذلها ولاية الخرطوم لتخفيف أعباء المعيشة على المواطنين مثل إنشاء هذه أسواق بأسعار مخفضة.
وتوقع الكندي أن تلعب هذه الإجراءات دورا كبيرا في كبح جماح أسعار السلع الأساسية ومحاربه الغلاء، "لأن السلع طرحت في هذه المواقع بكميات كبيرة، كما أن هذه المواقع تم اختيارها في مناطق استراتيجية مما يسهل حركة انسياب وإقبال المواطنين عليها"، مشيرا إلى خطة ولاية الخرطوم التوسعية في هذه المواقع والتي قد تصل إلى 250 موقعا خلال المرحلة المقبلة.

وعلى الرغم من الدور المعول على جمعيات حماية المستهلك في هذه المرحلة إلا أن الدكتور نصر الدين شلقامي رئيس جمعية حماية المستهلك قال إنه دعا الجمعية للاجتماع مع الأجهزة المختلفة مناشدا وزراء المالية بالولايات تنشيط دور حماية المستهلك واللجان القومية لحماية المستهلك.

ووفقا لعاملين في حملة وزارة التجارة لكبح الأسعار في السودان، فإن الحملات الأولى حققت نتائج خلال أيامها الأولى، وهناك انخفاض ملحوظ في أسعار السلع الأساسية، مقارنة بأسعارها في الأسواق الأخرى.
وانتشرت مبادرات، في الخرطوم، لتجويد الخدمات وتخفيف أعباء المعيشة في إطار الجهود المحلية للارتقاء بالخدمات المقدمة وتفعيل المعالجات الاقتصادية بالوحدات الإدارية.​

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولايات السودانية تشهد موجة مِن الزيادة في أسعار السلع الأساسية الولايات السودانية تشهد موجة مِن الزيادة في أسعار السلع الأساسية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab