أكدت وزارة الزراعة ان انشاء سد "اليسو" التركي سيؤثر سلبا على القطاع الزراعي، لافتة الى خسارة العراق نحو 50% من مياه نهر دجلة بعد اكمال السد التركي. ونقل بيان لوزارة الزراعة اليوم الأحد عن الوكيل الفني للوزارة مهدي ضمد القيسي قوله: أن انشاء السد التركي الجديد " أليسو" سيقلل من حجم الاطلاقات المائية الواردة لنهر دجلة، و سيؤثر سلبا على القطاع الزراعي بشقيه النباتي و الحيواني و الخدمي.
واضاف القيسي :ان وزارة الزراعة و منذ سنوات تعمل بجهد من اجل مواجهة ازمة المياه الناتجة عن بناء السد التركي على حوضي دجلة و الفرات و ان معالجاتنا تتم بالطرق العلمية من اجل توفير السلة الغذائية للمواطن العراقي، و من اهم تلك المعالجات اطلاق البرامج المتخصصة باستنباط و توفير النباتات و البذور المقاومة للملوحة و الجفاف و كذلك مشروع استخدام تقنات الري الحديث بالرش و التنقيط والذي اطلق ضمن المبادرة الزراعية لتقنين استخدام المياه و تقليل الضائعات و قلة الملوحة المتكونة.
وتابع: انه كان لبرنامج الاكثار من بذور الرتب العليا الاثر في زيادة غلة الانتاج في وحدة المساحة اما بالنسبة للثروة الحيوانية فكان لتربية الاسماك بالاقفاص العائمة اثره في الحفاظ على مستويات الثروة السمكية في ظل ازمة المياه المستمرة. وناشد " كلا من الحكومة و البرلمان العراقي للعمل وفق القنوات الدبلوماسية و القانونية من اجل الحصول على مستحقات العراق من الاطلاقات المائية لما لها من اثر في رفع مستوى الانتاج الزراعي و بالتالي انعكاسه الايجابي على حياة المواطن.
ويُقام سد "أيسو" التركي على نهر دجلة ويفترض أن ينتهي نهاية هذا العام 2016. وزير الموارد المائيّة حسن الجنابي حذر من كارثة عند تشغيل السدّ الجديد. ومن جانبهم حذر نواب في البرلمان من تأثير هذا السد على ديمومة الأهوار العراقيّة التي أُدرجت ضمن التراث العالميّ في تموز 2016.
الى ذلك سلطت صحيفة "مونيتور" الأميركية الضوء على هذه الأزمة واستذكرت أنه وعلى مدى فترات زمنيّة متعاقبة، كان قطع المياه عن نهر الفرات أيضاً من قبل تركيا، يتسبّب في كّل مرّة بأزمة إنسانيّة كبيرة ممّا دفع عشرات الأسر إلى النزوح من مناطق داخل محافظة الرمادي في الأنبار، حيث يمرّ نهر الفرات.
وذكر نواب من لجنة المياه والزراعة في البرلمان أن "هذا المنع الممنهج لتدفّق المياه إلى الأراضي العراقيّة من قبل تركيا، سوف يزداد، ويلحق أضراراً أكثر فداحة بالزراعة، وباكتمال السد التركي سوف يخسر العراق نحو 50% من مياه نهر دجلة.
ولبحث هذه الأزمة المرتقبة من المقرر أن يستضيف البرلمان وزير الموارد المائيّة بعد أيام لمناقشة الخطط والإجراءات، لمواجهة مخاطر إنشاء السدّ، وكيفيّة معالجة الآثار السلبيّة المترتبة عليه، كما يستضيف البرلمان مسؤولين في وزارة الخارجيّة لبحث السبل الدبلوماسيّة لكسب التحشيد الدوليّ ضدّ مشروع السدّ بحسب تصريحات نواب في البرلمان.
وأعد معهد الموارد العالميّة، في العام الماضي دراسة كشفت أنّ العراق يحلّ في المركز 21 في قائمة الدول المهدّدة بأزمة مائيّة، على الرغم من مرور نهرين في أراضيه. وفي العامين الأخيرين سيطر "داعش" على السدود والمشاريع المائيّة في غرب البلاد وشرقها، كما أنّ جوّ العراق الجافّ ودرجات الحرارة تزيد من معدّلات تبخّر المياه.
وأكد مكتب العبادي أن قضيّة المياه تشكّل جوهراً مهمّاً في السياسة الخارجيّة العراقيّة مع الجوار، وأنّ العراق يحاول إيجاد حلول مع تلك الدول لزيادة حصصه المائيّة”. وأحد هذه الحلول كما يراه بعض المختصين هو الضغط على تركيا اقتصاديّاً، لتنسيق إنشاء السدود والخزّانات التي تنوي إقامتها، وضمان تقسيم عادل للمياه فيما يقترح آخرون استخدام النفط الذي ينقل عبر الأراضي التركيّة كسلاح في وجه تركيا
وفي تنبيه إلى الخطر أيضاً، حذّر النائب في البرلمان عزيز العكيلي، عبر وسائل الإعلام، في 24 أيلول/سبتمبر 2016 من أنّ "سدّ إليسو الذي أنشأته تركيا سيؤثّر على ديمومة الأهوار العراقيّة التي أدرجت ضمن التراث العالميّ في 17 تمّوز/يوليو 2016".
وعلى مدى فترات زمنيّة متعاقبة، كان قطع المياه عن نهر الفرات أيضاً من قبل تركيا، يتسبّب في كّل مرّة، بأزمة إنسانيّة كبيرة ممّا دفع عشرات الأسر إلى النزوح من مناطق داخل محافظة الرمادي في الأنبار، حيث يمرّ نهر الفرات.
وهذه الحقيقة يؤكّدها رئيس لجنة المياه والزراعة في البرلمان النائب فرات التميمي، الذي قال "، إنّ "هذا المنع الممنهج لتدفّق المياه إلى الأراضي العراقيّة من قبل تركيا، سوف يزداد، ويلحق أضراراً أكثر فداحة بالزراعة، بعد اكتمال المراحل النهائيّة للسدّ التركيّ". وأضاف: "اعترض العراق على مشروع السدّ، من دون جدوى، وباكتماله سوف يخسر العراق نحو 50% من مياه نهر دجلة".
وكشف التميمي عن "مشروع لاستضافة البرلمان وزير الموارد المائيّة خلال شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، لمناقشة الخطط والإجراءات، لمواجهة مخاطر إنشاء السدّ، وكيفيّة معالجة الآثار السلبيّة على الريّ والزراعة، كما يستضيف البرلمان مسؤولين في وزارة الخارجيّة لبحث السبل الدبلوماسيّة لكسب التحشيد الدوليّ ضدّ مشروع السدّ".
وإذا كانت دراسة أعدّها معهد الموارد العالميّة، في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 كشفت عن أنّ العراق أيضاً يحلّ في المركز 21 في قائمة الدول المهدّدة بأزمة مائيّة، على الرغم من مرور نهرين في أراضيه، فإنّ المهندس المدنيّ قحطان خيال السلطاني الذي خدم في مشاريع الري في الوسط والجنوب، يضيف أسباباً أخرى للأزمة، فيقول إنّ "تنظيم "داعش" والجماعات المسلّحة سيطرت على السدود والمشاريع المائيّة في غرب البلاد وشرقها، كما أنّ جوّ العراق الجافّ ودرجات الحرارة تزيد من معدّلات تبخّر المياه، وهو ما يجبر الفلّاحين على ترك أراضيهم، لا سيّما وأنّ هناك تبذيراً واضحاً للمياه بسبب تقنيّات الارتواء البدائيّة وعدم وجود مشاريع تخزين مياه، حيث يذهب الجزء الأعظم منها إلى شطّ العرب، ثمّ الخليج، من دون الاستفادة القصوى منها".
وأحد هذه الحلول، كما يراه االنائب علي البديري هو في "الضغط على تركيا اقتصاديّاً، لتنسيق إنشاء السدود والخزّانات التي تنوي إقامتها، وضمان تقسيم عادل للمياه بين دول المنبع (تركيا وايران) ودول المصبّ (العراق وسوريا)". بل ويقترح البديري أيضاً "استخدام النفط الذي ينقل عبر الأراضي التركيّة كوسيلة إغراء لتركيا، طالما أنّها في أمسّ الحاجة إليه"
ولا يغيب الغرض السياسيّ من السدود التي تقيمها تركيا بحسب البديري، فيقول: "تتّبع تركيا سياسات مائيّة، لكي تؤثّر في الأزمات الإقليميّة في الدول المجاورة، ويظهر ذلك جليّاً في سعيها إلى التأثير على الأوضاع في سوريا والعراق، عبر التحكّم في المياه".
فيما الحلّ الآخر من وجهة نظر مدير عام الهيئة العامّة للسدود والخزّانات في وزارة الموارد المائيّة مهدي رشيد، هو في "إرساء تفاهمات مع الجانب التركيّ، حيث سيجري العراق مباحثات رسميّة معه عبر وزارة الخارجيّة والموارد المائيّة، في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، للحيلولة دون تأثير السدّ على الإطلاقات المائيّة للعراق".
واعتبر رشيد أنّ "سدّ إليسو سوف يخفّض الوارد المائيّ لنهر دجلة إلى ثمانية مليار متر مكعّب في السنة، وهذا سيؤدّي إلى تدهور القطاع الزراعيّ، ويزيد مساحات التصحّر في العراق بنسبة كبيرة، وسيؤثّر على توليد الطاقة الكهربائيّة من المنشآت الهيدروليكيّة القائمة على سدّ الموصل وسدّة سامراء".
وأخيراً، إنّ العراق سوف يتجاوز أزمته المائيّة عبر تطبيق المعاهدات الدوليّة التي يكفلها القانون الدوليّ، الذي ينظّم الحصص المائيّة بين دول المنبع والمصبّ للأنهر، وكذلك باستخدام تقنيّات الريّ والتخزين الحديثة، التي تكفل عدم ضياع المياه، وإرواء أكبر مساحة من الأرض بأقلّ كميّة من المياه.
أرسل تعليقك