موسكو - العرب اليوم
وضعت جملة اقتراحات عرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الخلافات الاقتصادية الحادة بين البلدين على سكة الحل، بعد أن تسببت في توتر تجاوز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأخذ يهدد تدريجيًا أسس العلاقات التحالفية بينهما. وكشف الرئيس لوكاشينكو في تصريحات نهاية الأسبوع الماضي عن اقتراحات واضحة عرضها عليه الرئيس بوتين، خلال محادثات هاتفية بينهما، تشمل الرؤية الروسية لتجاوز الخلافات الرئيسية، حول أسعار إمدادات الطاقة الروسية (النفط والغاز) إلى السوق البيلاروسية، وتعويض بيلاروسيا عن خسائرها نتيجة تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات النفط الروسي، في إطار خطة "المناورة الضريبية" لإلغاء تلك الرسوم حتى عام 2024.
وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، استهل محادثاته مع حاكم مقاطعة أرخان غلسك الروسية نهاية الأسبوع الماضي، بالكشف عن اقتراحات، قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرضها عليه خلال اتصال هاتفي، تضمنت خطوات لحل الخلافات حول صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا، ووصفها بأنها "اقتراحات لم تكن متوقعة"، موضحًا أنها شملت استعداد روسيا لتعويض بيلاروسيا عن خسائرها نتيجة المناورة الضريبية للقطاع النفطي الروسي، وقال بهذا الصدد: "لو افترضنا أن قيمة رسوم صادرات النفط الروسي التي حصلنا عليها العام الماضي مليار دولار، فإننا ونتيجة تخفيض تلك الرسوم (بسبب المناورة الضريبية) لن نحصل هذا العام على أكثر من 700 مليون دولار"، وأكد أن بوتين تعهد له: "سنعوضكم عن الخسائر بقيمة 300 مليون دولار". وفي تقديرات أكثر دقة قال إن الخسائر قد تصل إلى ما بين 420 و430 مليون دولار العالم الحالي.
يذكر أن المناورة الضريبية التي أقرتها الحكومة الروسية للقطاع النفطي الوطني، كانت من الأسباب الرئيسية التي فجّرت الخلافات مع بيلاروسيا. وبدأ العمل بموجب تلك المناورة منذ مطلع العام الماضي، وتنص على تخفيض تدريجي على رسوم صادرات النفط الروسي، حتى إلغاء تلك الرسوم في نهاية المناورة بعد 6 سنوات. وتشمل تلك المناورة، ضمن ما تشمل، تخفيض رسوم صادرات النفط الروسي، ومشتقاته، عبر الأراضي البيلاروسية أيضًا. وكانت بيلاروسيا تحتفظ لنفسها برسوم صادرات النفط الروسي عبر أراضيها، وتم الاتفاق بعد ذلك على أن تحتفظ سنويًا بحصة محددة من تلك الرسوم، وتعيد ما يزيد على تلك الحصة إلى روسيا. ومع بدء العمل بالمناورة الضريبية ستخسر الخزانة البيلاروسية دخلًا وفرته تلك الرسوم يُقدر بنحو 1.5 مليار دولار سنويًا، وهو ما أثار استياء القيادة البيلاروسية التي أخذت تطالب روسيا بتعويضها عن تلك الخسائر.
وأكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن الرئيس بوتين اقترح تعويض بيلاروسيا عن خسائر المناورة الضريبية، موضحًا أن الحديث يدور حول تخفيضات تراكمية على سعر صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا. وأشار إلى أن الاقتراح الحالي ينص على تخفيض "العلاوة" على السعر بقدر دولارين من كل "طن نفط"، في إشارة إلى "علاوة" تضيفها شركات النفط الروسية على سعر منتجاتها لمحطات التكرير البيلاروسية، ويتم تحديد قيمتها بموجب اتفاق بين الشركات الروسية والبيلاروسية.
وكان الرئيس البيلاروسي قال في وقت سابق إن الشركات الروسية تطالب بـ"علاوة" 12 دولارًا لكل "طن نفط"، زيادة على السعر العالمي، ووصفها بأنها "علاوة غير عادلة"، وكرر موقفه بأنه لا يطلب أي امتيازات، وأنه يريد شراء النفط الروسي لكن بالسعر العالمي. أما صندوق أمن الطاقة القومي الروسي فقد أشار إلى أن قيمة تلك العلاوة تتراوح بين 6 و10 دولارات للطن. وبالتالي؛ فإن روسيا، بموجب اقتراح بوتين، لن تدفع التعويضات "نقدًا"، وإنما على شكل إعفاء الخزينة البيلاروسية من جزء من "علاوة" سعر النفط، بحجم يعادل قيمة خسائرها نتيجة المناورة الضريبية.
وإلى جانب أنه قد يشكل المخرج المثالي من أزمة "التعويضات عن المناورة الضريبية"؛ فإن الاقتراح الروسي قد يشكل في الوقت ذاته خطوة إيجابية تمهد لحل الخلافات حول سعر صادرات النفط الروسي للسوق البيلاروسية. واتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو روسيا في وقت سابق بأنها تطالبه بسعر للنفط أعلى من السعر العالمي. وفشل الجانبان في توقيع اتفاقية جديدة حول صادرات النفط الروسي إلى بيلاروسيا للعام الحالي (2020)، مما أدى إلى توقف تلك الصادرات، باستثناء كميات قليلة حصلت عليها شركات بيلاروسية في الفترة الماضية، بموجب عقود مع شركات روسية.
وعلى ضوء توقف صادرات النفط الروسي إليها، توجهت بيلاروسيا لأول مرة نحو مصادر بديلة، واستوردت كمية محدودة من النفط النرويجي، وأكدت استمرار محادثات للحصول على النفط من دول أخرى، بينها كازاخستان وأذربيجان، ودول في الشرق الأوسط. كما دخلت الولايات المتحدة على خطة "أزمة النفط بين روسيا وبيلاروسيا"، وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال زيارته أخيرًا إلى مينسك، استعداد الولايات المتحدة لتوفير كامل احتياجات بيلاروسيا من الطاقة و"بأسعار منافسة". وسط هذه الأجواء، وفي وقت بلغت فيه الخلافات حول النفط والغاز بين البلدين ذروتها، جاء اقتراح الرئيس بوتين، الذي خلف ارتياحًا كما هو واضح لدى الرئيس البيلاروسي، ورأى فيه "خطوة نحو الأمام"، وأكد: "سنعمل على هذا الاتجاه"، موضحًا أنه كلف الوزراء المعنيين بدراسة الاقتراحات الروسية، للرد عليها. وقالت وسائل إعلام إنه كلف كذلك المسؤولين ببدء محادثات مع الشركات الروسية حول إمدادات النفط الشهر المقبل. وتوقع مراقبون أن يتوصل الجانبان في وقت قريب إلى حلول مناسبة للخلافات "النفطية" العالقة منذ العام الماضي، بناء على الاقتراحات الروسية الجديدة، وأن تستأنف روسيا صادراتها النفطية إلى بيلاروسيا الشهر المقبل.
قد يهمك أيضاً:
بوتين وإردوغان يتفقان على "تدابير عاجلة" للتنسيق في سورية
سفيرا تونس والمغرب يسلّمان أوراق اعتمادهما لبوتين
أرسل تعليقك