الخرطوم – محمد إبراهيم
ارتفعت أسعار السكر في السودان بشكل غير مسبوق في الآونة الاخيرة خاصة في أسواق العاصمة الخرطوم بعد تحرير الأسعار، حيث قفز سعر الجوال الواحد "50 كلغ" إلى 630 جنيها بدلا من 590 جنيها فيما توقَّع مراقبون استمرار الزيادة بصورة أكبر بسبب ارتفاع سعر الصرف بصورة كبيرة في السوق الموازي مع عدم مقدرة الدولة على تغطية الاحتياجات الداخلية للمصانع من العملة فضلًا عن ارتفاع أسعار الجمارك ورفع الدعم عن السلع.
وتُشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن استهلاك ولاية الخرطوم من السكر بلغ حوالي 12 ألف جوال يوميًا، وأرجع مراقبون مسؤولية الأزمة إلى أن الدولة رفعت يدها دعم السكر بتحرير السلعة الاستراتيجية التي ظلت متبادلة بين تجار شركات السكر في ظل شكاوى متكررة من ارتفاع تكلفة الإنتاج، الأمر الذي برَّره التجار في حديثهم إلى "العرب اليوم" بارتفاع مدخلات الإنتاج، ودعت منظمات مجتمع مدني "حماية المستهلك" إلى قيادة حملة قوية لمقاطعة استهلاك السكر، وأكدوا أن السودان أقل الدول تكلفة لزراعة السكر في العالم حسب دراسات الجدوى لكن رغماً عن ذلك تشهد السلعة ارتفاعا، مطالبين بإجراء دراسات لمكوِّنات سعر السكر من حيث الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي ربما تقارب قيمتها السعر، وتشير الإحصاءات إلى أن الإنتاج الكلي للشركة للعام الحالي بلغ "275" ألف طن فضلًا عن أن اجمالي إنتاج شركات السكر في البلاد بلغ "800" ألف طن، مما يتضح جليًا أن الإنتاج لن يكفي حاجة البلاد حيث قدِّر العجز بحوالي "500" ألف طن، في وقت ارتفعت فيه أسعار السكر عالميًا
ويرى مراقبون أهمية إلزام الشركات باستيراد السكر ودعمها من قبل الدولة بطريقة غير مباشرة لحماية السلعة خاصة وأن الشركات العاملة في المجال ليست لديها القدرة على مضاربات الأسعار العالمية، وأكّد رئيس الغرف التجارية بولاية الخرطوم حسن عيسى لـ "العرب اليوم" : "نتوقع أن تواصل ارتفاع الأسعار في الأيام المقبلة، إضافة إلى جمود من المواطن في الشراء، الزيادة في السكر جاءت من قبل المنتج حيث بلغ سعر الجوال من كنانة 590 جنيها ويرتفع سعره إلى أكثر من 600 جنيه بسبب تكاليف الترحيل" مبيّنًا أن المواطن غير قادر على الشراء فضلا عن أن الحكومة لا تشغل نفسها بالزيادات في إشارة إلى حديث وزير المال "لا أهتم بقفة الملاح"، ولافتًا إلى أن الزيادة في تكلفة مدخلات الإنتاج التي تأتي شهدت زيادة هي الأخرى في الجمارك، جازما أن مبررات الزيادة جميعها موجودة، وأن الزيادة في السكر زيادة من منبع الإنتاج والواقع وليس من السوق، وأن السياسات التي وضعها بنك السودان المركزي ووزارة المال غير ماضية وبنك السودان لا يعطي أي جهة عملة الدولار الأمر الذي قاد إلى ارتفاع سعر في السوق الموازي إلى 19 جنيها.
ووصف الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي، الخطوة الحالية بغير الموفّقة وتعويم الجنيه وخفض قيمته، مضيفًا: "سبق أن حُذِّر منها باعتبار أنها كارثية لذلك مازالت الأسعار ترتفع" وأشار إلى أن الناتج من عملية تعويم الجنيه تشمل كافة مناحي الاقتصاد"، موضحًا أن السكر مثله مثل بقية السلع في ظل فقدان الجنيه، بسبب الإجراءات الأخيرة، فقد أكثر من 80% من قيمته السابقة الأمر الذي أوجب تعويض القيمة المفقودة في القوى الشرائية نتيجة للقرارات الخاطئة المتزامنة مع بعض من خفض الجنيه ورفع الدعم، ولافتا إلى أن مصانع السكر تستورد مدخلات الإنتاج بالعملة الصعبة التي تم تسعيرها بالسوق الموازي، تم تسغير الدولار بـ 16 جنيها ووصل إلى 19 جنيها في السوق الموازي الذي لديه القدرة على أن يصل بالسعر إلى 25 جنيها لتظل الحكومة في تسابق معه"، وأن بنك السودان ليس لديه القدرة على دخول هذا المضمار في السباق، فما كان ينبغي أن يُدخل نفسه فيه، ومتوقّعًا زيادة جميع المنتجات التي تدخل مدخلات الإنتاج بالعملات الصعبة .
أرسل تعليقك