القاهرة - العرب اليوم
يضع "الخبز المدعوم" الحكومة المصرية بين مطرقة التضخم في حالة زيادة سعره، وسندان تفاقم عجز الميزانية العامة للدولة في حالة استمرار سعره الحالي البالغ 5 قروش للرغيف الواحد، والذي لم يتغير منذ ثمانينيات القرن الماضي، رغم وصول تكلفة الرغيف لـ80 قرشاً حالياً، في ظلّ ارتفاعٍ غير مسبوق لأسعار القمح عالمياً.
حالياً، يحصل حوالي 72 مليون مصري، أي نحو ثلثي عدد السكان، على خمسة أرغفة من الخبز يومياً للشخص الواحد، بما يثقل ميزانية البلاد بأكثر من 50 مليار جنيه سنوياً كدعم لهذه السلعة فحسب.ترى رضوى السويفي من "الأهلي فاروس" أن "الوقت غير مناسب الآن لزيادة سعر الرغيف المدعوم، في ظلّ قفزات أرقام التضخم. فلو تمّ الاقتراب من هذا الملف، سنشهد تأثيراً فورياً على أرقام التضخم بنحو 3% مرّةً واحدة.. القرار صعب والتوقيت أصعب".
قفز تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية، على أساس سنوي، إلى 8.8% خلال فبراير، وهو يُعدُّ المعدل الأعلى منذ نحو 3 سنوات، عندما بلغ 9.4% في يونيو 2019.اقتربت أرقام التضخم بقوة من مستهدف البنك المركزي المصري 7%، تزيد نقطتين مئويتين أو تنقصهما حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حرّرت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016.
قد تثير التعديلات التي يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي لإحداثها بنظام الدعم، لاسيما إعلانه أن الوقت حان لمعالجة سعر الخبز، تذمراً من قِبل المواطنين، لكن الاحتجاجات في الشارع محظورة ونادرة جداً."نقدر نستحمل زيادة سعر الرغيف حتى 10 قروش، لكن لن نستطيع التحمُّل أكثر من ذلك، فكل حاجة غلا ثمنها، كالأرز والمعكرونة وغيرها.. نجيب فلوس منين أو نعمل أيه؟"، بحسب أمال سعد (في العقد الخامس من عمرها) من مدينة شبرا.
يكلّف رغيف الخبز المدعوم الحكومة نحو 80 قرشاً، في حين تبيعه بخمسة قروش فقط، وفقاً لتصريحات وزير المالية محمد معيط في فبراير.ويبلغ دعم رغيف الخبز في موازنة السنة المالية الحالية 50 مليار جنيه، لكن معيط يتوقع أن يزيد مقدار هذا الدعم إلى 58 مليار جنيه بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للقمح.
قفزت أسعار القمح في الأيام الماضية بقوة مع اشتعال الأزمة الروسية - الأوكرانية، حيث إن البلدين من أهم مصدِّري القمح لمصر التي تُعتبر أحد أكبر مستورديه في العالم.وفّرت روسيا حوالي 50% من واردات مصر من القمح في 2021، في حين جاءت نسبة 30% من أوكرانيا، وفق بياناتٍ لقطاع الحبوب.
قال محللان، بشرط عدم نشر اسميهما نظراً لحساسية الملف، إن الأفضل أن ترفع الحكومة أسعار الخبز المدعوم "بدءاً من الآن وبشكلٍ فوري، لكن تدريجياً"، لأن الموازنة لن تستطيع تحمل تفاقم العجز أكثر من ذلك، معتبرين أن الحكومة "في موقف صعب، والقرار سياسي أكثر منه اقتصادي".
بلغ عجز الموازنة في مصر 7.4% للسنة المالية 2020-2021، في حين سجل العجز 4% في النصف الأول من السنة الحالية، مقابل 3.6% للفترة عينها من السنة الماضية. وتبلغ مستهدفات الحكومة للعجز بالسنة المالية الحالية 6.7%، لكن قد تتغير هذه النسبة في ظلّ المتغيرات العالمية وقفزات التضخم.
تتوقع دعاء سالمان، أستاذة الاقتصاد، قيام الحكومة "بخفض أعداد المستفيدين من نظام الدعم في مصر، من خلال إخراج من لا يستحق". وترى أن الحكومة ستتحمل ارتفاع الأسعار والفروقات بين التكلفة وسعر البيع حتى يونيو المقبل، "على أن يتمّ تحريك الأسعار في الموازنة المقبلة وفقاً للتطورات العالمية".
قد يهمك ايضاً
الحكومة المصرية تجري إجتماعًا خاصًّا بسبب الأزمة الرُّوسية الأوكرانية
أرسل تعليقك