كشف تقرير صحافي، الثلاثاء، عن أن المحكمة المتخصصة في قضايا النزاهة في بغداد ساهمت بإيقاف نزيف مالي كبير طال المصارف الحكومية والأهلية بعد عمليات سرقة وتلاعب مارسها موظفون متواطئون من خلال نظام "المقاصة الإلكترونية". وذكرت المحكمة أن عمليات سحب أموال طائلة بموجب صكوك لا تحمل أرصدة أدت إلى إفلاس بعض المصارف، مبينة أن إجراءاتها أسهمت في معالجة الخلل وإيقاف صرف نحو 800 مليار دينار.
ونقلت صحيفة "القضاء" الإلكترونية في تقرير لها عن قاضي أول محكمة تحقيق النزاهة في بغداد محمد سلمان قوله إن "القضاء العراقي ومن خلال إجراءاته عالج مشكلات المقاصة الإلكترونية لعمل المصارف سواء الأهلية أم الحكومية".
وأضاف القاضي الأول عن محكمة تحقيق النزاهة في بغداد محمد سلمان، أن "التعامل مع النظام تسبّب في ضياع أموال طائلة نتيجة الإفادة من الخروق التي كانت تحصل فيه".
وأوضح أن "مقدار ما تم إيقافه ومنع سرقته طيلة المدة الماضية يصل إلى 800 مليار دينار سواء من مصرف الرشيد أو الرافدين وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة"، مشيرًا إلى "القبض على العديد من الموظفين المتواطئين"، وأن "أحكامًا قضائية طالت متورطين بعقوبات وصلت في بعض الأحيان إلى السجن المؤبد". وفي مقابل ذلك، شدد على أهمية المقاصة الإلكترونية، وعدّها "من الأنظمة المتقدمة جدًا ويجري التعامل بموجها على الصعيد الداخلي فقط"، وتحدّث عن "إيجابيات كبيرة تحققه للنظام المصرفي العراقي، لولا تلاعب موظفين أدت إلى حدوث عمليات السرقة".
ويعرّف القاضي محمد سلمان، المقاصة الإلكترونية بأنها "نظام يمكّن المصارف المشاركة فيه وفروعها من تبادل أوامر الدفع فيما بينها بطريقة آلية، دون المرور بالإجراءات المعقدة والروتين السابق اختزالًا للوقت والجهد من خلال الاعتماد على التطور التكنولوجي". ولفت القاضي سلمان إلى أن "النظام المتقدم يستخدم لأغراض عدة: أهمها في تبادل الصكوك الإلكترونية المرمّزة بالحبر الممغنط". ويتم العمل بالنظام وفق سلمان من "خلال الاحتفاظ بالنسخة الأصلية من الصك في الفرع المودع فيه وإرسال صورة منه وبياناته إلى مقر الإدارة العامة للمصرف".
وأفاد القاضي العراقي، بأن "تشغيل المقاصة الإلكترونية بدأ فعليًا داخل العراق في أيلول/سبتمبر من العام 2006، للمساهمة في تحويل المبالغ بين الحسابات بنحو آلي دون اللجوء إلى التعامل المباشر بالنقد لاسيما إذا كانت المبالغ كبيرة ويتعذر نقلها مباشرة". وتابع سلمان أن "الإجراءات التحقيقية توصلت إلى حالات فتح حسابات جارية في الأغلب لدى المصارف الحكومية خالية من المبالغ اللازمة لتحويلها". واسترسل أن "شخصًا يعطي الصكوك لآخرين لغرض صرفها وقد يكون بينهم تعاملًا تجاريًا فعليًا أو تواطؤًا مع الساحب".
واستطرد "المستفيد من الصك يقوم بإيداعه لدى حسابه في أحد المصارف الأهلية أو الحكومية وبعد استلام قيمته يقوم المصرف بإرسال الصك الكترونيًا إلى مصرف الساحب" منوهًا إلى أن "الواجب يقع على عاتق المصرف بالتحقق من كون الساحب لديه رصيد يغطي مبلغ الصك من عدمه وإشعار المصرف المسحوب عليه بذلك".
ونبه سلمان إلى أن "الإشعار يجب أن يحصل خلال مدة ثلاثة أيام فإذا انقضت دون ورود جواب يعد الصك متحققًا لدى المصرف الذي يقدم إليه ذلك الصك، وهو ملزم بدفع المبلغ"، موضحًا أن "فوات المدة دون حصول جواب يعد دليلًا لدى المصرف الذي سيصرف الصك بتحقق الرصيد لدى المصرف المودع لديه وعدم حصول اعتراض وأنه سيحول المبلغ المطلوب لاحقًا".
وأشار القاضي محمد سلمان، إلى أن "الثغرة تنحصر في هذه المدة التي استغلها بعض الموظفين من المتواطئين مع سارق بنهب المال العام". وعن دور الموظفين، ذكر "أنهم يتعمدون تأخير إيصال الإجابة إلى المصرف الذي يعطي المبالغ بعدم وجود رصيد كافٍ لدى الساحب"، مبينًا أن "ذلك يكون باحتفاظهم بنسخة من الصك وعدم تحويله إلى الحساب الجاري لحين انتهاء مدة الأيام الثلاثة". ونوّه إلى أن "قسمًا من المصارف أعلنت إفلاسها، وأغلقت أبوابها بعد وقوعها فريسة أخطاء المقاصة الإلكترونية من خلال سرقة أموال ضخمة جدًا من أرصدتها بصكوك غير صحيحة".
وبيّن المدعي العام في رئاسة استئناف بغداد/ الرصافة القاضي حيدر هشام في تصريح إلى صحيفة "القضاء" العراقية، أنّ "الجريمة لن تتحقق دون تواطؤ يحصل من الموظف المسؤول عن المقاصة الإلكترونية للمصرف الذي يروم السارق السحب منه".
وتابع هشام أن "القضاء التفت إلى الخروق الموجودة في النظام واتخذ إجراءاته بحق المسؤولين عنها سواء السارق أو الموظفين الفاسدين"كاشفًا عن "اجراءات اتخذتها المحكمة أخيرًا أدت إلى اعتماد آلية جديدة وهي عدم إطلاق أي مبلغ من المصرف دون التأكد بنحو واضح بتوفر رصيد لدى من يحرر الصك".
وواصل القاضي العراقي حيدر هشام، أن "توصيات رئيس السلطة القضائية الاتحادية القاضي مدحت المحمود إلى القضاة تأتي مستمرة بمتابعة جميع ملفات الفساد وهدر المال العام وتلافي أي ثغرة يمكن أن تحصل ينفذ من خلالها المتواطئون ويقومون بنهب المبالغ".
ولفت المدعي العام في استئناف الرصافة، إلى أن "محاكم النزاهة في العراق حريصة على إدامة التواصل والتنسيق مع جميع الجهات المختصة بدعم النظام المصرفي في العراق لمعالجة أي أخطاء والحيلولة دون سرقة الأموال بأي طريقة كانت".
أرسل تعليقك