عمان - العرب اليوم
دعا المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي يتم تطبيقها في الأردن خلال العقود القليلة الماضية و التي أدت إلى زيادة معدلات الفقر، مبينا إنها أسهمت في زيادة عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل، والذين ينتمي أغلبهم الى اسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل إضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.
وقال المرصد العمالي في بيان صحافي أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، الذي يصادف العشرين من تشرين الثاني "نوفمبر/تشرين ثان" من كل عام، انه رغم أهمية الجهود والبرامج والمشاريع التي تنفذها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في الاردن، الهادفة الى إعادة تأهيل الأطفال العاملين واعادتهم الى مقاعد الدراسة، وتحقيق بعض النجاحات في دمج الأطفال العاملين في النظام التعليمي، إلا أن مشكلة اتساع رقعة الأطفال المنخرطين في سوق العمل في تزايد مستمر.
وبين المرصد ان الاطفال العاملين ينقسمون الى شريحتين، تتمثل الاولى في الأطفال دون سن 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والشريحة الثانية تتمثل في الأطفال (الأحداث) الذين تتراوح أعمارهم ما بين (16-18) عاماً، ويسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة ووفق قواعد محددة.
ويقصد بالأعمال الخطرة تلك الأعمال التي تنطوي على استخدام الآلات والمعدات الخطرة واستخدام وتصنيع المتفجرات والعمل مع النار والغاز أو المواد الكيماوية والحراسة والأعمال التي تتطلب جهدا بدنيا والأعمال التي تجري في أجواء مغبرة وصاخبة والساخنة أو الباردة جدا، والعمل في المناجم وتحت الماء والعمل في الفنادق والمطاعم والنوادي والملاهي الليلية.
وتشير أحدث دراسة مسحية، أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل ومركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن، أن عدد الأطفال العاملين يبلغ ما يقارب 76 ألفا، أما الأطفال الذي تنطبق عليهم معايير عمالة الأطفال بلغت ما يقارب 70 الفا، وأن عدد الأطفال العاملين في أعمال خطرة يقارب 45 ألفا، ومعايير عمل الأطفال تتمثل في جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا، والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16-17 عاما يعملون لأكثر من 26 ساعة في الأسبوع، اضافة الى الأطفال الذين تقل أعمارهم 18 عاما ويعملون في أعمال خطرة.
وأرجع المرصد سبب الارتفاعات المتتالية في عمالة الأطفال في الأردن الى عدة أسباب منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن، وأسباب خارجية مرتبطة بوجود مئات آلاف اللاجئيين السوريين خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والإمعان بتنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة، وسياسات ضريبية غير عادلة، والذي أدى على أرض الواقع الى تراجع المستويات المعيشية لقطاعات كبيرة من الأسر الأردنية والتي برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء.
ولفت البيان الى تعرض الأطفال العاملين للعديد من المخاطر أثناء عملهم أبرزها الضرر من الآلات الثقيلة والأصوات العالية والإضاءة الضعيفة والتعرض للمواد الكيميائية، ولإصابات عمل عديدة بحكم عدم موائمة قدراتهم الجسمانية وطبيعة الأعمال التي يقومون بها، فضلا عن تعرضهم لسوء المعاملة والاهانات النفسية والجسدية أثناء عملهم، وفي العديد من الحالات الى اعتداءات جنسية.
وأكد المرصد العمالي أن بعض الأطفال العاملين، يعانون من مشكلات واضطرابات نفسية واجتماعية، ناهيك عن اصابات العمل التي يمكن أن تسبب لهم بعض الإعاقات، وغالبًا ما تترك الأعمال التي يمارس فيها سلوكيات استغلالية نفسية وجسدية، إلى زرع الإحساس بالدونية والظلم، الأمر الذي يدفع العديد من الأطفال إلى الانحراف والتمرد، على معايير وقيم المجتمع، هذا إلى جانب ارتفاع نسب العمالة غير الماهرة في سوق العمل، بسبب عدم خضوعهم للتدريب الممنهج، الأمر الذي يجعل إنتاجيتهم متدنية.
وأوصى البيان بتفعيل سياسات مكافحة الفقر الذي يشكل السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وتطوير شبكة حماية اجتماعية عادلة توفر الحياة الكريمة للفقراء بمختلف أنواعهم. واعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتوائم مع مستويات الأسعار المرتفعة في الأردن.
كما دعا الى تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم، وتشديد الرقابة من قبل المؤسسات الرسمية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال، والعمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمل الأطفال، فضلا عن وضع عقوبات رادعة لحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، هذا إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناتجة عن عمل الأطفال في المدارس والأسر، مع الاهتمام بتطوير قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها دوريا لعمالة الأطفال في الأردن.
أرسل تعليقك