بيروت ـ العرب اليوم
حمل وزير الطاقة والمياه في حكومة اللبنانية المستقيلة ريمون غجر إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تفاصيل المحادثات التي أجراها في العاصمة الأردنية عمان حول موضوع استجرار الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا إلى لبنان والتي أفضت إلى توافق على جدول زمني محدد لإعادة تفعيل الاتفاقات الموقعة بين الدول الاربع في العام 2009 بعد تقويمها واستكمال كل الاجراءات التقنية المتعلقة بها، ما يتطلب نحو 3 اسابيع في المرحلة الأولى.
المحادثات الأخيرة التي استضافتها عمان واكبها البنك الدولي. ومع انتهاء الاجتماعات إنطلق المسح من قِبل كل دولة لمنشآتها للتأكد من سلامتها ومدى قدرتها على استيعاب الغاز وجهوزيتها للتشغيل وتقديم تقرير بهذا الشأن. وبالتوازي، تقوم وزارة الطاقة والمياه اللبنانية بإجراء محادثات مع البنك الدولي والسلطات المصرية لتقويم العقود والاتفاقات التي ما زالت سارية وتحديد الكميات والاسعار والمدة الزمنية لكل اتفاق، مع الطلب من البنك الدولي المساعدة في ايجاد حلول لمسألة التمويل من خلال ضمان الدفع او الدفع لفترة قصيرة. كما طلب الجانب اللبناني من البنك الدولي المساعدة في الحصول على الاستثناءات الضرورية من الإدارة الأميركية لتسهيل السير بهذا المشروع وعدم تعرّض لبنان لأي عقوبات محتملة ومنها ما يتعلق بقانون "قيصر". وكان وفد الكونغرس الأميركي الذي زار لبنان أخيرا قد أكد لمن اجتمع بهم ان العمل مستمر مع الادارة الأميركية للخروج بنوع من الاستثناء لمصلحة لبنان يحميه من العقوبات الأميركية، وهو شبيه بالاستثناء الذي حصل عليه العراق لاستجرار الكهرباء والطاقة من إيران.
وبالفعل، تناولت المحادثات التي أجراها الملك الأردني عبدالله الثاني في الولايات المتحدة مع الرئيس جو بايدن، سبل تسهيل الإجراءات اللازمة لمساعدة لبنان في مجال الطاقة، وأحد تلك الإجراءات إمكان منح لبنان استثناء من العقوبات وحصوله على إعفاء منها وتحديدا ما يتعلق بقانون "قيصر".
في تفاصيل اعادة إحياء مشروع نقل الغاز المصري عبر الخط العربي، تلحظ المرحلة الاولى التحقق من الامور التقنية، فكل دولة عليها الكشف على منشآتها وأنابيبها وقدرتها على استيعاب الغاز او إمكان حصول تهريب ما، إضافة إلى القياسات وسلامة الغاز. أما بالنسبة للجانب اللبناني، فعلى وزارة الطاقة التأكد من جهوزية معمل دير عمار لاستقبال كميات الغاز التي قد يراوح حجمها ما بين 600 إلى 650 مليون متر مكعب لتأمين 450 ميغاواط من الكهرباء. وعملية استبدال خط الفيول بالغاز الطبيعي، من شأنه أن يوفر على لبنان سنويا ما بين 100 مليون إلى 120 مليون دولار. بعد ثلاثة اسابيع تقدم كل دولة تقريرها وتحدد ما إذا كانت بحاجة إلى مدة اطول للتجهيز. أما بالنسبة لموضوع التمويل وآلية دفع ثمن الغاز وهو منتج يسعّر بالدولار الأميركي، فهذا الامر يمر عبر البنك الدولي ومن الممكن خلال شهرين او أكثر التوصل إلى اقتراحات للحلول، على الحكومة اللبنانية الموافقة عليها. فالبنك الدولي دخل مع الجانب اللبناني لتمويل شراء الطاقة سواء الغاز من مصر أو الكهرباء من الأردن وذلك بدعم من الادارة الأميركية.
مشروع خط الغاز العربي يعد من أهم مشاريع التعاون العربي المشترك والذي تجسّد بشكل واضح على الأرض منذ العام 2003، وسوريا ولبنان ومصر ومن ثم الأردن هي الدول الأساسية التي وقّعت مذكرة التفاهم في العام 2000 والتي انضم إليها الأردن في العام 2001. الهدف الأساسي لهذا المشروع كان ضخ الغاز المصري إلى دول المشرق العربي ومنها إلى الأراضي التركية وصولا إلى دول الاتحاد الاوروبي. هذا المشروع كان من المفترض ان يكون نموذجا للمشاريع الاقليمية لكنه تبدد مع حلول العام 2011 واندلاع الحرب السورية. مشروع خط الغاز العربي يهدف إلى ضخ الغاز المصري عبر أنبوب موجود حاليا يمتد من العريش إلى طابا في مصر، ومن ثم إلى العقبة، ومنها إلى رحاب في الأردن، ومن رحاب مرورا بجابر إلى حمص بسوريا، فمنطقة دير عمار في لبنان، ويبلغ طول الخط 1200 كلم وقدرته الاستيعابية 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا يمكن ان تصل إلى 10 مليارات. وقدرت كلفة هذا المشروع بأكثر من مليار دولار.
تم تنفيذ خطة الغاز العربي على مراحل عدة. المرحلة الاولى من العريش المصرية إلى العقبة الاردنية عبر أنابيب بطول 265 كلم بطاقة استيعابية تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز. وللتذكير بدأت عملية توريد الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن في تموز من العام 2003 عبر هذا الخط. أما المرحلة الثانية فتمتد من العقبة في الاردن إلى منطقة رحاب في شمال الاردن وبطول 393 كلم، وتم البدء بتزويد الغاز لمحطات توليد الكهرباء في شمال المملكة الاردنية في شباط 2006، في حين تم استكمال المرحلة الثانية لخط الغاز العربي من رحاب ولغاية الحدود الأردنية - السورية بطول يصل إلى 30 كلم في آذار من العام 2008. ونفذ الجزء الجنوبي من المرحلة الثالثة للخط العربي داخل الأراضي السورية الممتدة من الحدود الأردنية - السورية إلى دير عليب في ريف دمشق ومنها إلى محطة الريان لضغط الغاز قرب مدينة حمص بطول 320 كلم. وفي العام 2008، وقّعت سوريا وتركيا إتفاقا لربط خط الغاز العربي مع شبكة الانابيب التركية لإيصال الغاز إلى تركيا ومنها إلى القارة الاوروبية. أما المرحلة الاخيرة التي انطلقت من محطة الضخ في الريان الاردنية إلى بانياس السورية وصولا إلى مدينة طرابلس شمال لبنان فتم يومها تسليم الغاز إلى محطة دير عمار لتوليد الكهرباء. يومها وصل الغاز المصري إلى لبنان عبر الخط العربي ولمدة 9 أشهر بدءا من تشرين الاول 2009، ولكن توقّف استجرار الغاز المصري إلى لبنان نتيجة اندلاع الحرب السورية ومشاكل أخرى.
قد يهمك ايضا
الحريري يُعلن اعتذاره عن عدم تشكيل حكومة جديدة في لبنان والفراغ السياسي يهدّد مستقبل البلاد
المحال التجارية تقفل أبوابها والمحتجون يقطعون عدداً من الطرق في بيروت
أرسل تعليقك