دمشق-العرب اليوم
أوضحت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن الاقتصاد السوري تعرض نتيجة الأزمة لاختلالات جوهرية غير مسبوقة، حيث سُجٍّل تراجعًا في كثير من المؤشرات الاقتصادية، وقد ازداد هذا التراجع حدة مع تطور الأزمة وما شهده الاقتصاد الوطني من تدمير ممنهج طال مناحيه كافة، بحيث لا يمكن حالياً تقدير الخسائر المترتبة على هذا الأمر، إلا أن المؤكد أنها كبيرة جداً، وتحتاج إلى إمكانيات مادية وبشربة كبيرة لإعادة إعمارها من جديد، وخاصة أنها تشكل العصب الرئيس لإعادة إقلاع الاقتصاد، لافتة في هذا السياق إلى أن الأزمة سببت تراجعاً في القوة الشرائية للمواطن، وارتفاع معدلات البطالة وعدد العاطلين عن العمل كما تراجعت الصادرات وازدادت الحاجة للمستوردات لتلبية الطلب المحلي، بالتوازي مع تعرض البنية التحتية للتدمير الممنهج على صعيد تدمير الطرق والجسور والسكك الحديدية وخطوط نقل الطاقة الكهربائية وأنابيب نقل الغاز والنفط.
وعن الرقم التقريبي للخسائر التي تعرض لها الاقتصاد أوضحت المصادر عدم وجود أرقام دقيقة حول ذلك حالياً، في ظل استمرار الارهاب في تخريبه وإجرامه، وعدم تقييم الخسائر في العديد من المناطق التي ما زالت تعاني الارهاب، إلا أنها خسائر كبيرة جداً، ومما زاد من حدة هذه التأثيرات العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري والتي شملت جميع القطاعات الاقتصادية، والتي يمكن تبويبها بسبعة قطاعات.
ولفتت المصادر إلى أن أول القطاعات هو القطاع النفطي حيث تسببت الأزمة بتراجع حاد في إنتاج النفط نتيجة القيود المفروضة على التمويل والتأمين والصادرات، وقد أدى هذا الانكماش في قطاع الصناعة الاستخراجية إلى تراجع حاد في المصدر الرئيسي للقطع الأجنبي ما دفع الحكومة على استيراد النفط الخام لتغطية النقص الحاصل في المشتقات النفطية في السوق المحلية، بالتوازي مع تعرض حقول النفط لتخريب وإجرام العصابات المتطرفة المسلحة وسرقتها وتهريبها بدعم ومشاركة بعض دول الجوار وعلى وجه التحديد تركيا، أما ثانيها فهو القطاع المصرفي حيث كان الأثر ملحوظاً بسبب استهدافه المباشر بجزء كبير من العقوبات التي فُرضت على سورية، وقد واجهت معظم المصارف صعوبات بعدم توافر قنوات لتوظيف السيولة الفائضة لديها بالعملات الأجنبية في الخارج، كما أفرز الحظر توقف عمليات التحويل.
ووقف المصارف العالميّة جميع العمليات العائدة لسورية مهما كان نوعها ومصدرها مخالفين بذلك نصوص العقوبات ذاتها، ما أثّر على توافر توليفة من المواد الأساسية، وكذلك إيقاف الشركات العالمية استخدام البطاقات المصرفية "Visa،MasterCard"، وغيرها في سورية، بالتوازي مع امتناع عدد من المصارف الخارجية عن التعامل مع المصارف المحلية، وتعسف بعضها في تطبيق قرارات العقوبات الجائرة، ناهيك عن ارتفاع تكلفة فتح الاعتمادات والتحويلات والعمليات المصرفية نتيجة الحاجة إلى تنفيذها عبر أكثر من مصرف وما يترتب على ذلك من عمولات إضافية.
ووفقاً للمصادر فإن القطاع المالي هو الثالث ، فعلى صعيد السياسة المالية زادت متطلبات الإنفاق وانخفضت الإيرادات وتعطل ودُمِّر جزء كبير من القطاع الإنتاجي والبنى التحتية وغادر جزء من الاستثمارات الخاصة إلى الخارج، ما زاد الضغط على الموازنة العامة للدولة، مع تراجع الإيرادات العامة من الموارد الطبيعية، أما بالنسبة للقطاع الصناعي والإنتاجي فقد شهد القطاع الصناعي على وجه الخصوص تدميراً كبيراً طال المعامل والمنشآت الاقتصادية، ومثال ذلك المنشآت الصناعية في مدينة حلب والتي تعرضت لعمليات السطو والسرقة من قبل العصابات الإرهابية المسلحة، باعتبار حلب كانت تشكل المنافس الأول للصناعة التركية، وفيما يتعلق بقطاع التجارة الخارجيّة فقد تراجعت حركة التصدير، لأنّها تأثّرت سلباً بالعقوبات ، وبالوضع الذي تشهده عدد من الدول العربية والتي تشكل أسواقاً مهمةً للصادرات السورية، إضافةً إلى أنّ العقوبات المطبقة بحق الشعب السوري أدت إلى تراجع إضافي للصادرات ، ويُعزى هذا التراجع إلى التخريب الإرهابي الواسع الذي طال القطاعات الإنتاجية الأخرى، والعقوبات الاقتصادية، كما اقترن هذا التراجع بتغير في هيكلية الأسواق الرئيسية للصادرات السورية، حيث تراجعت حصة دول الاتحاد الأوروبي من حجم التبادل التجاري والتي بلغت نحو 32% في العام 2015 مقابل 61% في العام 2011، وبالمقابل ارتفعت نسبة التبادل مع الدول العربية إلى 24% في العام 2015 مقارنة بـ 16% في العام 2011.
أما قطاع السياحة فهو أكثر القطاعات تضرراً من الظروف الراهنة بسبب ارتباطه بالاستقرار بشكل مباشر، مع الإشارة إلى أن هذا القطاع شكل نسبة مهمة من الناتج المحلي الاجمالي في فترة ما قبل الأزمة، في حين يعتبر قطاع التأمين ذو حساسية عالية تجاه تطور حجم المخاطر وخاصةً تلك التي نشأت مؤخراً في سورية نتيجة الأزمة الحالية، إلى جانب العقوبات المباشرة التي فُرضت على هذا القطاع والتي حدّت من مساحة عمله وقدراته، ما أفرز ارتفاع أسعار التأمين على البضائع الواردة إلى سورية، وتوقّف بعض شركات التأمين العالمية عن اكتتاب تغطية النقل البري داخل سورية.
أرسل تعليقك