واشنطن ـ العرب اليوم
كان العقد الماضي إيجابياً بالنسبة للبنوك الأميركية الكبرى، حيث نجحت تلك المصارف في مضاعفة أرباحها، وأظهرت جولة نتائج الأعمال المعلنة في الأسبوع الماضي أنه بالرغم من كافة المخاوف المتعلقة بالتنظيم ومعدلات الفائدة المنخفضة والاضطرابات التكنولوجية، إلا أن أكبر المصارف العالمية والاستثمارية مجتمعة قد ضاعفت من أرباحها في العام الماضي مقارنة مع عام 2009.ويطرح تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" للمحللين "روب أرمسترونج" و"لورا نونان" رؤية حول كيفية مضاعفة البنوك الأمريكية الكبرى أرباحها على مدى
العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.وتمكن "جي.بي.مورجان تشيس" من تسجيل أرباحاً بقيمة 36.43 مليار دولار في إجمالي عام 2019، وهو ما يعتبر أعلى مستوى في تاريخ البنك الأمريكي كما يمثل زيادة 12 بالمائة عن العام السابق له.وبالنظر إلى بنك "مورجان ستانلي"، فإنه سجل أرباحاً قياسية عند 9.04 مليار دولار في العام الماضي بدعم قفزة 46 بالمائة في الربع الرابع، ورغم تراجع أرباح "جولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا" في مجمل العام الماضي، إلا أن الربع الأخير من 2019 شهد تسجيل نتائج أعمال أفضل من المتوقع،
ويكمن المساهم الرئيسي لهذا الإزدهار في النمو الممتد للاقتصاد الأميركي، وهو اتجاه مستمر الآن في عامه الحادي عشر على التوالي.وتُعد أرباح البنوك إلى حد كبير بمثابة وظيفة الاقتصاديات التي تعمل فيها، كما أن البيئة الجيدة في الولايات المتحدة قد قلصت بشكل حاد خسائر القروض التي تتعرض لها البنوك (مثل القروض السيئة وفشل العملاء في سداد ديونهم)، والتي وصفها "جيمي ديمون" الرئيس التنفيذي لبنك "جي.بي.مورجان"مؤخراً بأنها أمراً غير مستدامًا، كما أن قانون خفض الضرائب الذي نفذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لم يؤدي إلى أضرار كذلك.واستحوذت البنوك الكبرى على حصة في السوق من البنوك الأصغر، وخاصةً فيما يتعلق بالودائع، وعلى سبيل المثال، شهد كل من "بنك أوف أمريكا" و"جي.بي.مورجان" زيادة في الودائع بنسبة 4 بالمائة و6 بالمائة على التوالي في عام 2019، حتى بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي.ويوجد عدد من الأسباب تجعل الحجم الكبير للبنوك عاملاً تسبب في التفوق: يمكن للبنوك الكبرى أن تنشر تكلفة الامتثال للوائح التنظيمية المفروضة بعد الأزمة على قاعدة أكبر من الإيرادات وأن يكون لديها المزيد من الأموال
لتنفقها على التكنولوجيا الجديدة.ويقول المحلل في بنك ويلز فارجو "مايك مايو" إن خنادق الحماية حول البنوك الكبرى عميقة كما كانت من قبل، ويرجع ذلك إلى التكنولوجيا ومهارات التسويق، كما ينسب إلى اللوائح التنظيمية الجديدة التي تتطلب درجة جيدة من النفقات العامة، وفقاً لما ذكره "مايو".وبشكل ملحوظ، فإن عوائد البنوك نسبة لحقوق المساهمين تظل قريبة من مستوياتها المسجلة قبل عقد من الزمن، رغم أن القواعد التنظيمية تطالبهم بالاحتفاظ برأس مال أكبر بكثير، ولعبت مبادرات السيطرة على التكاليف دوراً رئيسياً في هذا الشأن.ويعتبر
"بنك أوف أمريكا" مثالاً جيداً مرة أخرى، حيث بلغت التكاليف العامة للبنك الاستثماري في العام الماضي 65 مليار دولار، وهو ما يعتبر أقل بحوالي 10 مليارات دولار عن المتسوى المسجل قبل 5 أعوام، بالرغم من ارتفاع الإيرادات.وكذلك قبل عقد مضى، كان يوجد الكثير من المخاوف بأن الشركات المالية الناشئة وشركات التكنولوجيا الكبرى قد تغزو مناطق الصناعة المصرفية.لكن انتهى الأمر بالنسبة للجزء الأكبر من مقرضي الأسواق ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها من مجموعات التكنولوجيا، بالشراكة مع البنوك بدلاً من إزاحتها،
مثل شراكة جولدمان ساكس مع آبل في "آبل كارد"، حيث من الصعب طرد المصارف القائمة.ومع ذلك، من الأمور اللافتة للنظر، أن أداء أسهم البنوك الاستثمارية الخالصة مثل "جولدمان ساكس" و"مورجان ستانلي" كان أقل بشكل كبير للغاية مقارنة مع أسهم البنوك المتنوعة، التفسير يكمن في أمرين؛ أولاً، أن متطلبات رأس المال المرتفعة صارمة على أعمال التجارة الأساسية لبنوك الاستثمار.وثانياً، أن المستثمرين الذين تضرروا بشدة من الأزمة هم ببساطة أقل استعداداً للدفع لأعمال التجارة الحساسة للسوق مثل التداولات أو الاستشارات ذات الصلة بالاندماج.ومن ناحية أخرى، سوف يدفعون علاوة مخاطر، لشراء أسهم البنوك المتخصصة في الأعمال المملة والثابتة مثل الخدمات المصرفية للأفراد.ولكن لماذا تفوق "جي.بي.مورجان" في الأداء عن كافة البنوك الأخرى بمثل هذا الفارق الكبير؟، السبب أنه خرج من الأزمة بعدد من الثغرات في ميزانيته العمومية أقل من "سيتي" أو "بنك أوف أمريكا" وبدون أيّ فضائح كبرى على عكس "ويلز فارجو"، وفي القطاع المصرفي، فإن الكثير من رأس المال وعدد أقل من الأخطاء عبارة عن توليفة قوية وناجحة.
قد يهمك ايضا:
الأرجنتين تطالب البنوك الأميركية بتحرير الدفعات المجمدة
روسيا لا تعتزم فرض عقوبات على البنوك الأميركية
أرسل تعليقك