أفادت مصادر في القطاع النفطيّ ووثائق، أن العراق سيضطر إلى تعويض شركات النفط العالميّة، إذا فرض أيّ قيود على إنتاجها من الخام، وهو ما يقلص احتمالات انضمامه إلى أيّ اتفاق، تتوصل إليه "أوبك" لكبح إنتاج المنظمة، في وقت تتجه أسعار خام برنت إلى تحقيق أول مكاسبها الأسبوعيّة، في خمسة أسابيع، يوم الجمعة، مدعومة بتجدد الآمال بأن تتفق "أوبك" على تخفيضات للإنتاج، لكن ارتفاع الدولار الأميركيّ حدّ من المكاسب.
ومن شأن التعويض المنصوص عليه في العقود، أن يزيد حدّة الضرر المالي الناجم عن فقدان بعض إيرادات بيع الخام، التي تشتدّ إليها الحاجة، إذا استجاب العراق الذي يعاني من أزمة سيولة، إلى دعوات "أوبك" لكبح إنتاج البلاد.
ويدفع العراق العضو في "أوبك" إلى مطوري الحقول النفطيّة رسومًا ثابتة بالدولار عن كل برميل يجري إنتاجه في جنوب البلاد، -حيث توجد أكبر احتياطياته النفطية- وذلك بموجب عقود الخدمة الفنيّة المبرمة بين شركات النفط العالميّة وشركة نفط الجنوب المملوكة للدولة.
وتضمن العقد الذي وقعته الوزارة مع شركة بي.بي في 2009 لتطوير حقل الرميلة، الذي يحوي 20 مليار برميل، أنه فور صدور إشعار من شركة نفط الجنوب، بخفض الإنتاج، فعلى الطرفين أن يتفقا على آلية للتعويض الفوريّ الكامل للمقاول في أقرب وقت ممكن.
وقد يتضمن التعويض وفقًا للنصّ العقد الذي اطلعت عليه رويترز وتابعته "العرب اليوم"، تعديل الإطار الزمنيّ لإنتاج الحقل أو تمديد المدة، أو تعويض المقاول، عن كلّ الدخل الذي فقده أو جزء منه.
وينطبق الشرط ذاته، على الحقول الأخرى، التي يجري تطويرها بموجب عقود الخدمة الفنيّة في الجنوب، بما في ذلك حقول تطورها "شل" البريطانيّة الهولنديّة وشركة "إكسون موبيل" الأميركيّة الكبرى و"إيني" الإيطاليّة وفقا لمصادر بالقطاع.
وقالت متحدثة باسم "شل" إنها لا تعلق على العقود، وامتنعت "إكسون موبيل" عن التعقيب، ولم ترد إيني على الفور على طلب للتعليق.
وقال مسؤول نفطيّ كبير في شركة نفط الجنوب إلى "رويترز"، إن بلاده لا ينبغي لها أن تقلق من البنود المتعلقة بتقليص الإنتاج، لأنه لا نيّة لديها للحدّ من الإنتاج، وأضاف طالبًا عدم نشر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث علنا، "على عكس ذلك تشجّع الشركات الأجنبيّة على زيادة الإنتاج بقدر ما تستطيع".
واتفقت منظمة البلدان المصدّرة للبترول في أواخر أيلول/ سبتمبر في الجزائر على الحدّ من إجمالي إنتاجها النفطيّ، إلى ما بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميًا. وبلغ إنتاج المنظمة مستوى قياسيًا عند 33.64 مليون برميل يوميًا في تشرين الأول/ أكتوبر تشرين الأول.
وطلب العراق إعفاءه من قيود الإنتاج بحجّة أنه ما زال يحاول استعادة حصته السوقيّة، التي فقدها حين فرضت عليه عقوبات في التسعينيات خلال فترة حكم صدام حسين، وأنه يحتاج إلى الإيرادات النفطيّة للاستمرار في معركته المكلفة ضد تنظيم"داعش".
وقال مسؤول حكوميّ كبير، مقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى "رويترز" إن على "أوبك" أن تسلم بحقيقة أن العراق يجب أن يظلّ بعيدا عن أيّ اتفاق بشأن خفض الإنتاج، لأنه في خضمّ حرب صعبة، ويحتاج إلى كل دولار كي يبقى واقفًا على قدميه.
وقدّر العراق إنتاجه من النفط عند 4.77 مليون برميل يوميًا في تشرين الأول/ أكتوبر/ ويقول إنه لن يخفض الإنتاج مجددًا إلى أقل من 4.7 مليون برميل يوميًا.
وقال فلاح العامري، مندوب العراق لدى "أوبك"، ورئيس شركة تسويق النفط "سومو" الحكومية، إن ذلك لن يحدث من أجل "أوبك" أو غيرها.
مع ذلك لا يوجد يقين بشأن ما ستتمخض عنه المناقشات، في اجتماع "أوبك"، في الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال مصدر في قطاع النفط إلى "رويترز"، إنه نتيجة لذلك فإن وزارة النفط العراقيّة وشركات النفط، لن تستطيع استكمال خطط إنفاقها لعام 2017 إلا بعد الاجتماع، كي يكون لديها وضوحًا كافيًا للمسار الذي سيتخذه العراق، في ما يخص طموحاته الإنتاجيّة في الأمد القريب.
ويبذل العراق جهودا مضنية لضمان تسديد مستحقات شركات النفط سريعا، فيما أعطى وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي، أولوية لزيادة الإنتاج في البلاد.
وقالت جيسيكا بروير، المحللة المتخصصة في شؤون التنقيب عن النفط في الشرق الأوسط، لدي وود ماكنزي، ومقرها المملكة المتحدة "العراق أحد بلدان المنطقة، التي لا تمتلك احتياطيات أجنبيّة كبيرة لذا فإنه سيرغب في الاستمرار في تعظيم إيراداته."
وأضافت أنه بينما يخضع كل أو معظم إنتاج دول الشرق الأوسط الأعضاء، في "أوبك" لإدارة شركات نفط وطنية، إلا أن العراق أحد البلدان القليلة التي تعتمد على شركات النفط العالميّة، في غالبية الإنتاج.
وفي الشأن ذاته، تتجه أسعار خام برنت إلى تحقيق أول مكاسبها الأسبوعيّة في خمسة أسابيع، يوم الجمعة، مدعومة بتجدد الآمال بأن تتفق "أوبك"، على تخفيضات للإنتاج، لكن ارتفاع الدولار الأميركي حدّ من المكاسب.
وبحلول الساعة 1101 بتوقيت غرينتش لم يطرأ تغيّر يذكر على سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي، مزيج برنت لتستقر عند 46.49 دولار للبرميل.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي سبعة سنتات إلى 46.35 دولار للبرميل وتتجه لتحقيق أول مكسب أسبوعي في أربعة أسابيع.
وقال مصدر مطلع إلى رويترز إن أعضاء "أوبك" اقترحوا أن تكبح إيران إنتاجها النفطي عند 3.92 مليون برميل يوميا في إطار اتفاق لتقييد إنتاج المنظمة بكاملها.
وبينما لم تردّ إيران على الاقتراح بعد إلا أنه يعني أن أعضاء أوبك ربما يقتربون من التوافق على مستوى الإنتاج الإيراني.
وأرسلت إيران إشارات متباينة في السابق قائلة إنها ستقبل تثبيت إنتاجها عند ما بين أربعة ملايين و4.2 مليون برميل يوميا.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، الجمعة، بعد اجتماعه مع أعضاء "أوبك"، إنه ازداد ثقة في إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج بين موسكو والمنظمة للمساهمة في دعم أسعار النفط.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أمس الخميس، إنه متفائل بشأن توصل "أوبك" إلى اتفاق على تقييد الإنتاج، وأشار إلى الحد الأدنى لنطاق مستهدف جرى الاتفاق عليه مسبقا عند ما بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميًا.
لكن محللين يقولون إنه ما زالت هناك عقبات أمام المنظمة يجب التغلب عليها قبل أن تتوصل إلى اتفاق. ومن المقرر أن تعقد أوبك اجتماعها القادم في الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال جيسون جاميل من بنك الاستثمار الأميركي جيفريز إن هناك حاجة لخفض الإنتاج بواقع 700 ألف برميل يوميًا لإعادة التوازن إلى السوق في النصف الأول من 2017.
وأثّر ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته منذ 2003 أمام سلة من العملات، يوم الجمعة، بشكل سلبي على أسعار النفط. ويجعل ارتفاع الدولار النفط المقوم بالعملة الأميركية، أكثر تكلفة على المشترين من حائزي العملات الأخرى.
وارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له في 13 عامًا ونصف العام، بفضل تصريحات لرئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جانيت يلين، بشأن إمكانية رفع أسعار الفائدة في وقت "قريب نسبيًا"، بما يشير إلى تزايد فرص رفع أسعار الفائدة في كانون الأول/ ديسمبر.
أرسل تعليقك