تواصل أجهزة الإنقاذ البحرى بهيئة قناة السويس لليوم الخامس على التوالى وبلا توقف محاولاتها الحثيثة لإعادة تعويم سفينة الحاويات العملاقة إيفرجيفن التابعة للخطوط الملاحية العالمية "إيفر جرين لاين" والتى جنحت بالقطاع الجنوبى من قناة السويس لدى وصولها لنقطة الكيلو151 فى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الماضى وذلك أثناء إبحارها ضمن قافلة الجنوب قادمة من البحر الأحمر فى طريقها إلى البحر المتوسط بمسار رحلة بدأتها من الصين والمفترض أن تصل إلى ميناء روتردام الهولندى.
كانت السفينة العملاقة البالغة حمولتها 219 ألف طن وتنقل على متنها بطول 400 متر 20 ألف حاوية قد تعرضت إلى عطل إعتام تام أدى إلى توقف كل وسائل التحكم بها وخروجها عن السيطرة وتثبيت دفة التوجيه على زاوية انحراف قصوى، مما تسبب بخروجها عن مسارها المحدد بالمجرى الملاحى ووقوع الحادث على النحو الذى جرى، والذى شكل فيه بدن السفينة العالق بقاع القناة سداً بعرض مجراها، فى القطاع الحرج من القناة الذى لاتوجد أفرع ولا تفريعات موازية له ليمكن استخدامها فى تحويل حركة الملاحة عبرها.
ومع اللحظات الأولى لوقوع الحادث دفعت هيئة القناة بجانب من أسطول قاطراتها، وعدد من الجرافات البرية والأوناش الساحلية، حيث بدأت أكبر عملية من نوعها فى تاريخ القناة لإعادة تعويم السفينة، بمشاركة 8 من قاطرات الشد والإنقاذ تتصدرها القاطرة "بركة 1" البالغة قدرتها 160 طناً، وهى العملية بالغة الدقة المستمرة حتى الساعة لطبيعة حجم السفينة وحمولتها الكبرى.. والتى انضمت لها أمس القاطرة "عزت عادل" توأم بركة والكراكتان مشهور والعاشر من رمضان.
ووفق ما أفاد به خبراء ملاحون ومصادر من فرق الإنقاذ المتواجدة بموقع جنوح السفينة فإن الحادث هوالأخطر الذى يقع بقناة السويس منذ إعادة افتتاحها أمام الملاحة الدولية عام 1975 فى أعقاب انتصار أكتوبر، ولم يقع خلال الست وأربعين عاماً التى تلتها سوى حادث واحد اقترب فى خطورته من هذا الحادث حيث جنحت فى عام 2004 ناقلة البترول "تروبيك بريليانس" فى حادث متطابق أدى إلى سد لمجرى القناة بالعرض واستغرقت عملية إعادة تعويمها 3 أيام.. تم خلالها تخفيض حمولتها بتفريغ جانب منها فى ناقة أصغر.
وأشار خبراء إلى أن الفارق بين الحادثين هو فى نوعية السفينتين واختلاف طبيعة حمولتيهما، فمن ناحية كانت الناقلة التى تسببت بالحادث فى عام 2004 أصغر حجماً ولطبيعة حمولتها السائلة، كان ممكناً تخفيفها بنقل جزء من حمولتها إلى ناقلة أخرى، مما ساعد فى تسهيل مهمة القاطرات، أما فى الحادث الجديد فنحن نتعامل مع سفينة حاويات بطول 400 متر أو ما يوازي 3 أضعاف ارتفاع الهرم الأكبر، وحمولتها نفسها ذات طبيعة خاصة وليكون الأمر أقرب للفهم فهى تنقل 20 ألف حاوية أو تانكر، أى حمولة 20 ألف شاحة ثقيلة (سيارة نقل) وهذه الحاويات مرصوصة على ظهر السفينة فوق بعضها البعض، مما يشكل أدواراً تتجاوز فى ارتفاعها ارتفاع أبراج سكنية، وهوما يعنى أنها حمولة تحتاج لدقة فائقة للحفاظ على توازنها، فلا يمكن التعامل مع السفينة فى هذه الحالة سوى بأنماط شد أقل قوة وأكثر هدوءاً.
وشددت مصادر الإنقاذ على أن الأطقم الفنية العاملة بهيئة قناة السويس والتى تتعامل مع الحادث هى الأعلى تدريباً والأكثر كفاءة فى التعامل مع حوادث الإبحار بالممرات الملاحية الضيقة عالمياً، لافتة إلى أن ما يتم منذ جنوح السفينة، هوتطبيق عملى لحسابات علمية دقيقة جداً تستهدف سرعة الإنجاز مع الحفاظ على جسم السفينة وحمولتها، وقد نجحت حتى الآن فى منع تفاقم المشكلة وتجنيب السفينة وحمولتها أى اختلال بالتوازن.وأوضحت أن الأمر ربما يحتاج إلى الاستعانة بقاطرات بحرية ذات قدرات أكبر مما هو متوافر بأسطول قاطرات القناة من شركات عالمية، للمساعدة فى إعادة تعويم السفينة، إلى جانب عمليات التجريف الشاطئى والتكريك لرفع طبقات رواسب القاع المنحشر بها جسم السفينة من الأمام والخلف.
وأكدت المصادر أن إعادة تعويم السفينة "إيفر جريفن" هى عملية الانقاذ الأكبر التى تجرى لسفينة حاويات جانحة بممر ملاحى ضيق فى تاريخ حركة التجارة العالمية المنقولة بحراً، وهى الأولى من نوعها فى قناة السويس، ولكن الخبرات المتاحة بقناة السويس، قادرة على إنجازها بكل تفاصيلها، فقط يبقى عنصر الوقت مع مراعاة الدقة والأمان هى مصدر القلق، ونطمئن من لا يعرفون حجم الخبرات الوطنية المتراكمة لدى هيئة القناة بأن رجال مصر هنا هم الأفضل والأقدر.كما انضم إليهم فريق خبراء من شركة شميت الهولندية المتخصصة فى الإنقاذ البحرى، وتديرهم من موقع الحادث وبلا توقف خلية من الخبراء يترأسها على مدار الساعة الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس الذى لم يغادر الموقع منذ الثلاثاء.
عطل فنى
الحادث وقع نتيجة عطل فنى جسيم أدى إلى خروج السفينة عن مسارها ورصدت الأقمار الصناعية تحركا غير معتاد للسفينة "إيفر جيفن" أثناء وجودها بخليج السويس على طريق الاقتراب من القناة وقبيل وصولها للمجرى الملاحى.. حيث كشفت قيام السفينة بعدة مناورات دائرية باتجاه وعكس اتجاه عقارب الساعة غير دخولها فى مسار غير مستقر وهو ما يؤشر إلى احتمالية تعرض السفينة إلى عطب بأجهزة التوجيه حاول طاقمها إصلاحه واختبارها بمسارت دائرية خلال تواجدها بالمياه المفتوحة.
فى كل الأحوال تبقى قانوناً السفينة العابرة للقناة مسئولية قبطانها الأصلى وليس مرشد هيئة القناة. وليس لشركة ملاحية أن تطالب هيئة قناة السويس بتعويضات لتأخر عبور سفنها بدعوى تعرضها لخسائر نتيجة الحادث القهرى، وذلك وفقا للقانون البحرى الدولى.وتتحمل الشركة اليابانية المالكة للسفينة، غرامات وتعويضات تفرضها عليها قناة السويس وتعويضات لشركات النقل البحرى الأخرى التى تعطلت سفنها وتأخرت فى تسليم الشحنات المنقولة عليها جراء الحادث.طاقم الخبراء الهولندى من شركة شميت للانقاذ البحرى استقدمته الشركة المالكة للسفينة الجانحة بالتنسيق مع هيئة قناة السويس ولم يتجاوز دوره حتى الآن تقييم الإجراءات التى تقوم بها هيئة قناة السويس لإعادة تعويم السفينة وقد أشاد بدقة هذه الإجراءات.
وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية تقديم المساعدة لهيئة قناة السويس فى العملية الجارية لإعادة تعويم السفينة الجانحة، وأصدرت الهيئة بياناً ثمنت فيه العرض وأعربت عن صادق الامتنان لكل ما تلقته من عروض للمساعدة فى هذا الشأن. وتهدف أعمال التكريك التى تنفذها الكراكتان مشهور والعاشر من رمضان إلى إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة بكميات تكريك تتراوح من ١٥ إلى ٢٠ ألف متر مكعب من الرمال يتم طردها عبر خطوط طرد خارجية خاصة بالكراكة، للوصول للغاطس الملائم لتعويمها والذى يتراوح من ١٢ إلى ١٦ مترا
قاطرتا الإنقاذ "التوأم بركة1وعزت عادل" وهما الأعلى قدرة فى اسطول قاطرات قناة السويس دخلتا الخدمة فى تسعينيات القرن الماضى، والأكيد أن أسطول قاطرات قناة السويس يحتاج إلى دعم وتحديث ببناء وامتلاك قاطرات ذات قدرات مضاعفة لمواكبة التطور الحادث فى اسطول سفن الحاويات العالمية الذى تحول إلى بناء واقتناء سفن عملاقة خلال السنوات العشر الأخيرة.وتقدم هيئة القناة كل الخدمات الملاحية وغير الملاحية للسفن المحتجزة بالمجرى الملاحى وأطقمها البحرية، وهناك خطط لتحويل مساراتها وتعديل اتجاهات إبحارها حال اقتضت الضرورة.
تأثير الحادث
أدى الحادث إلى شلل حركة النقل البحرى التجارى وغير التجارى ما بين الشرق والغرب وفى منطقة المتوسط كلها. خسائر مباشرة لقناة السويس جراء توقف العائدات.. وتتدارك بفتح القناة أمام الملاحة الدولية خسائر مالية مباشرة لشركات النقل البحرى العالمى غرامات تأخير وزيادة فى تكلفة النقل تقترب من 500 مليون دولار يومياً.وتعطيل تدفق نحو 9.6 مليار دولار يومياً فى حركة التجارة العالمية المنقولة بحراً فى الرحلات بين الشرق والغرب.تأخر وخلل بمواقيت وصول الشحنات إلى وجهاتها وتأثر الأسواق والقطاعات الانتاجية الأوروبية نتيجة لتأخر وصول شحنات السلع وقطع غيار معدات التصنيع والآليات المستوردة من الشرق الأقصىوأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس أمس أن نسبة إنجاز أعمال التكريك المستهدفة بواسطة الكراكة مشهور لإزالة الرمال المحيطة بمقدمة سفينة الحاويات البنمية الجانحة بلغت نحو٨٧%، بمعدلات تكريك تقترب من ١٧ ألف متر مكعب من الرمال.
وأوضح رئيس الهيئة أن الكراكة مشهور بدأت الخميس العمل على بعد ١٠٠ متر من السفينة، واقتربت أمس حتى بعد ١٥ متراً، ومن عمق ابتدائى نصف متر وحتى عمق تكريك بلغ حاليا ١٥ متراً.وأكد رئيس الهيئة أن أعمال التكريك تتم بمراعاة أقصى معايير الأمان الملاحى وذلك بالحفاظ على مسافة آمنة تقدر عند أقرب نقطة مسموح بها للاقتراب من السفينة بحوالى ١٠ أمتار من السفينة، مشيرا إلى أنه لن نتمكن من التكريك بعد هذه المسافة ولكننا سنستعيض عن ذلك بالانهيارات الترابية التى ستتم من تلقاء نفسها.جدير بالإشارة، أنه من المقرر استئناف تجارب الشد بواسطة كل من القاطرة "بركة ١" والقاطرة "عزت عادل " فور انتهاء أعمال التكريك المستهدفة والتى تتراوح مابين ١٥ إلى ٢٠ ألف متر مكعب من الرمال.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
هيئة قناة السويس تعلن بدء مناورات "قطر" السفينة الجانحة بالمجرى الملاحي
نائب الرئيس اليمني يحذر من مخاطر الانقلابيين على الملاحة الدولية ويدعو المجتمع الدولي لإنهائها.
أرسل تعليقك