دخل قطاع التعدين السعودي، أمس، مرحلة جديدة مع انطلاق أعمال المسح الجيوفيزيائي في منطقة الدرع العربي بمحافظة الدوادمي (التابعة إدارياً للعاصمة الرياض)، وذلك للكشف عن المخزونات المعدنية على مساحة تصل إلى أكثر من 600 ألف كيلومتر مربع، والتي يعول عليها في جلب استثمارات جديدة في القطاع تسهم وبشكل مباشر في تحفيز الاقتصاد السعودي. وحلقت أولى الطائرات المتخصصة في عملية التمشيط، أمس الثلاثاء في سماء الدرع العربي، بحضور المهندس خالد المديفر، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، نيابة عن بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية، فيما ستعمل هيئة المساحة الجيولوجية على أرشفة وإدراج هذه المخرجات والتفسيرات والتقارير الفنية بقاعدة البيانات الوطنية لعلوم الأرض NGD لتوفير بيانات علوم الأرض للمستفيدين في مجالات متعددة من أهمها مجالات الاستثمار التعديني ومجالات البحث العلمي.
ويقدر إجمالي حجم الاستثمارات في مشاريع البنى الأساسية والمجمعات الصناعية التعدينية أكثر من 216 مليار ريال، أسهمت في توليد الفرص الوظيفية ورفع الناتج المحلي، ومنها 12 ألف وظيفة مباشرة في مدينة رأس الخير الصناعية، وأسهمت بـ35 مليار ريال من إجمالي الناتج المحلي، كما وفرت مشاريع وعد الشمال 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ورفعت نسبة إجمالي الناتج المحلي بـ24 مليار ريال. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية، المهندس عبد الله الشمراني، أن المملكة تُعد من أغنى دول العالم من حيث الموارد المعدنية، التي تُقدر قيمتها وفقاً لبيانات وزارة الصناعة والثروة المعدنية بنحو 5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار)، والثروة المعدنية التي ستكون ثروة اقتصادية ثالثة بعد النفط والبتروكيماويات، موضحاً أن بيانات المسح ستساهم في دعم الاستكشاف المعدني، مما سيؤدي إلى تحفيز الاقتصاد وتنويع الإيرادات السعودية من خلال جذب الاستثمار في قطاع التعدين تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030.
وتلعب المنتجات المعدنية دوراً في سلاسل القيمة المضافة، ومنها الألمنيوم الذي ينتج منه قرابة 840 ألف طن ليتجاوز الطلب المحلي، في حين تبلغ صادرات الأسمدة الفوسفاتية 5.8 مليون طن سنويا لتكون السعودية ضمن أكبر 15 دولة منتجة عالميا للأسمدة، في حين تتصدر المملكة المرتبة الثامنة في إنتاج الإسمنت بطاقة إنتاجية تفوق الطلب المحلي، حيث يجري إنتاج 61 مليون طن من الإسمنت وأكثر من 350 مليون طن من «الركام - الخرسانة». ولفتت الوزارة إلى استثمار السعودية أكثر من 150 مليار ريال في «سلاسل قيمة تعدين متكاملة» بالشراكة مع القطاع الخاص، فيما يسهم قطاع التعدين بقيمة 64 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، مشيرة إلى أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية NIDLP يوفر مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية في قطاع التعدين للشركات العاملة في القطاع مدعومة ببيئة تنظيمية قوية ممكنة، وشروط تنافسية، وسلاسل إمداد متنامية، وفرص للوصول إلى أسواق إقليمية ودولية.
وشهد قطاع التعدين نمواً متسارعاً في السنوات الأخيرة، مع تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مشروعات صناعة التعدين في عام 2016 بمدينة راس الخير، كذلك عدد من مناجم الذهب، في أنحاء المملكة ليصل عدد المناجم المنتجة إلى ستة، وبعد ذلك بعامين دشن خادم الحرمين الشريفين، المرحلة الثانية من مشروعات مدينة وعد الشمال التعدينية والتنموية، ووضع حجر الأساس للمرحلة الثالثة منها.
ولدعم القطاع، وفتح آفاق جديدة للاستثمار المحلي والأجنبي، وافق مجلس الوزراء في 2020 على نظام الاستثمار التعديني الجديد، الذي يحتوي على 63 مادة، تعزز الشفافية والاستدامة في قطاع التعدين، وحماية البيئة وتنمية المجتمعات المحلية، وخلق الفرص الوظيفية المتنوعة للمواطنين، وكذلك تطوير الخدمات التي تُقدّم للمستثمرين، السعوديين والدوليين، في مجال التعدين، وتوضيح وتيسير متطلبات الترخيص والأعمال لهم، مع تعزيز استدامة أعمال القطاع التي تتوافق مع الاستفادة من الثروات المعدنية وتطوير الصناعات فيها، وذلك بهدف زيادة إسهام قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وجعله الركيزة الثالثة للصناعة في المملكة إلى جانب صناعتي النفط والبتروكيميائيات.
وبالعودة إلى الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية، فقد قال إن الهدف من إطلاق أول طائرة للمسح الجيوفيزيائي في محافظة الدوادمي بمنطقة الرياض، يتمحور في عدة نقاط منها الحصول على البيانات الجيولوجية المتنوعة عالية الدقة للدرع العربي، والذي يغطي مساحة تصل إلى 600 ألف كم2 من مساحة المملكة العربية السعودية، كما أن هذه العمليات تهدف للكشف عن المخزونات المعدنية التي تزخر بها السعودية.
وتابع الشمراني، أن أعمال المسح الجيوفيزيائي الجوي تشتمل أعمالها على المسح الجيوفيزيائي المغناطيسي والإشعاعي الجوي لكامل الدرع العربي في السعودية، موضحاً أن الهيئة تستهدف كذلك من خلال هذه الأعمال للحصول على بيانات المغناطيسية الأرضية والطيف الإشعاعي بدقة عالية، إضافة إلى خرائط رقمية للمغناطيسية الأرضية والإشعاعية بالإضافة إلى التفسيرات الجيولوجية للخرائط المغناطيسية والإشعاعية التي تعكس أهم التراكيب الجيولوجية والسحنات الصخرية، ومن خلالها يتم تحديد وحصر أهم نطاقات بيئات التمعدن.
من جانب آخر، دعا المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين عادل الصقر، إلى تعزيز التحول الرقمي لدعم الاستدامة في قطاع التعدين بالدول العربية، وتعزيز قطاع التعدين بها بوسائل الابتكار والتقنيات الحديثة، لخلق جاذبية لتحسين مناخ الأعمال. وأكد المدير العام للمنظمة في بيان صادر عن المنظمة بالرباط اليوم، أن التحول الرقمي في قطاع التعدين يعد حافزاً لابتكار طرق ومناهج حديثة لبناء منشآت صناعية تعدينية ذكية، متصلة وفعالة، وذلك من خلال تصميم البنية التحتية الرقمية وتعزيز مكوناتها، بدءاً من الاستكشاف حتى الإنتاج.
وشدد على ضرورة تعزيز قدرات المؤسسات العاملة في قطاع التعدين من خلال خلق توأمة رقمية تسمح بتسجيل وإنتاج نسخة رقمية لعمليات البحث والتنقيب عن الخامات المعدنية، وتوفير البيانات والعمل على تحليلها. وأشار الصقر إلى دور المنظمة في مواكبة التوجهات العالمية الخاصة بالتحول الرقمي في قطاع التعدين، لتوفر منصة طلبات وعروض المنتجات الصناعية العربية كخدمة رقمية لدعم القطاع الصناعي والتعديني العربي، داعياً إلى الاستفادة من التجارب للدول العربية للنهوض بهذا القطاع وتعزيز مكانته الاقتصادية والاجتماعية.
قد يهمك ايضـــًا :
28 مليار ريال حجم استثمارات قطاع التعدين في السعودية خلال عام 2020
المملكة العربية السعودية تؤكد على تطوير قطاع التعدين في خطتها للإصلاح
أرسل تعليقك