بعد سيطرة القوات الأمنية على حقول نفطية عديدة اتخذها "داعش" مصدراً للتمويل، ابتدع التنظيم في العراق وسائل غير تقليدية لسد نفقات مقاتليه وإدارة شؤونه المالية.
وأفصحت محكمة التحقيق المركزية في مقابلة مع صحيفة "القضاء" الصادرة عن "المركز الاعلامي للسلطة القضائية" اليوم الخميس، عن بعض ما توصلت إليه بخصوص الآليات الحديثة لتمويل تنظيم "داعش"، مؤكدة أن الإجراءات التحقيقية قادت لكشف نحو 2500 بحيرة شمال العاصمة وبعض معارض السيارات في مناطق أخرى تدار من قبل الإرهابيين لغرض الحصول على المنافع المالية.
وقال قاضي المحكمة جبار عبد الحجيمي : "آلية تمويل المتطرفين في الوقت الحاضر تختلف عما كانت عليه قبل إعلان ما يسمى بدولة الخلافة قبل نحو عامين"، مبينا ان "بيت المال في التنظيم هو يشبه عمل وزارة المالية وموقعه في الموصل".
وأضاف الحجيمي ، أن "مصدر التمويل الرئيس للتنظيم على المستوى الدولي هي مصافي سورية، حيث يباع النفط إلى المهرّبين بمبالغ بعضها بخس".
أما في العراق، أوضح الحجيمي أن "الاعتماد حصل مؤخراً على الأراضي الزراعية في المناطق خارج سيطرة القوات الأمنية من خلال الضرائب المفروضة على الفلاحين، إضافة إلى ما يطلق عليها غنائم الغزوات العسكرية".
كما أشار إلى أن "داعش أعاد خلال المدة الماضية تشغيل المعامل الحكومية في مناطق نفوذه كالموصل للاعتماد على عوائدها المالية".
وأردف الحجيمي أن "التنظيم يقوم بتوزيع الأموال على المناطق خارج سيطرته من خلال مكاتب حوالة تذهب بالدرجة الأولى إلى أربيل ومنها إلى بقية محافظات العراق".
وأفاد بأن "واردات التنظيم ترحّل بنحو مباشر إلى بيت المال والذي بدوره يحدد مدخولات الولايات التابعة له ويقوم بأشبه بالموازنة ويرسل الأموال بحسب الحاجة".
وفيما أشار الحجيمي إلى أن "المعلومات التحقيقية تؤكد أن المسؤولين عن إدارة الملف الاقتصادي لما يعرف بدولة الخلافة يفرضون رقابة شديدة تمنع حصول حالات فساد مالي وإداري"، أكّد أن "التنظيم اصدر في بيانات له قرارات عن محاكمه بإدانة أشخاص سرقوا الأموال وهربوا".
وتحدّث عن "استحداث التنظيم منصب الأمير الاقتصادي المسؤول عن حصر إيرادات الولايات ضمن جداول ويقدّر حاجاتها المالية".
ونوّه قاضي المحكمة المركزية إلى أن "داعش يتعامل مع ولاية شمال بغداد على أنها ثقله المالي فهي مصدر التمويل الرئيس له في العاصمة على وجه الخصوص"، وكشف عن "اعتماد التنظيم على مئات البحيرات السمكية لتمويل عملياته".
وذكر الحجيمي أن "الاجراءات التحقيقية قادتنا مؤخراً إلى نحو 2500 بحيرة اسماك في مناطق شمال العاصمة مساحة الواحدة منها 500 متر تذهب عوائدها المالية إلى التنظيم"، لافتاً إلى أن "نسبة قليلة منها مجازة أما البقية فتعمل خلاف الضوابط".
وقال إن "قسماً من هذه البحيرات أنشأها التنظيم ووضع فيها عمال لغرض البيع، وأخرى لأشخاص تركوها بسبب الأحداث الأمنية وتم الاستيلاء عليها"، موضحاً أن "بعض أصحاب هذه البحيرات اتفق مع التنظيم على تقاسم الأرباح مقابل عدم التعرض إليهم".
وشدّد الحجيمي على أن "ورادات البحيرات تصل إلى مليارات الدنانير شهرياً، وبرغم قوله إن "هذه هذا المورد المالي يعتمد عليه التنظيم منذ العام 2007"، إلا انه افاد بأن "التوصل اليه حصل مطلع العام الحالي من خلال اعترافات أحد المتهمين".
وأورد أن "التنظيم يعتمد ايضاَ على اخذ نسبة 10% من كل شحنة دواجن يبيعها اصحاب الحقول في المناطق التي له نفوذ فيها، كما أنه يفرض نسب اخرى على التجار يستوردون البضائع لقاء عدم التعرض اليهم عند مرور شحناتهم في طرق تقع تحت سيطرته".
أما عن رواتب أفراد التنظيم، ردّ الحجيمي أن "تأتي تحت عنوان الكفالة، وهي كلمة ذات ارث اسلامي تعني التكفل برعاية المجاهد".
وزاد القاضي الحجيمي أن "مبلغ هذه الكفالة وصل بعد الإعلان عمّا يسمى دولة الخلافة في العام 2014 إلى 60 الف دينار شهرياً، كما تعطي مخصصات لأولاده عن كل طفل 35 الف دينار على إلا يزيد عددهم على اربعة".
واضاف بالقول إن "التنظيم يمنح مقاتليه مكافئات بين الحين والاخر كما حصل بعد في العيد الاول بعد احتلاله نينوى حيث منح كل مقاتل لديه الفي دولار".
ولدى بيت المال في نينوى قوائم مفصّلة بالكفالات، تحمل أسماء وكنى المقاتلين مثبت عليها تاريخ التسليم وهو الهجري، بسحب الحجيمي.
وأكمل الحجيمي أن "التنظيم لا يعاني من ضائقة مالية في الظرف الراهن كما حصل في العام 2009 عندما شن هجماته المعروفة على محال صاغة الذهب في مناطق البياع والشعب وبعض احياء ديالى".
من جانبه، ذكر القاضي الاخر ضياء جعفر في تعليقه إلى "القضاء"، أن "تنظيم داعش يتولى دفع بدلات ايجار سكن المنتمين اليه ممن ليس لديهم دار".
وتابع أن "الرواتب تصل في ولاياته إلى المسؤولين الإداريين في القواطع عن طريق حولات وتوزع على المفارز ومن ثم تصل إلى الافراد".
ويتفق جعفر مع الحجيمي في أن "واردات التنظيم اختلفت بعد سيطرته على بعض المناطق من خلال الافادة من آبار النفط، والمصارف الحكومية ومحطات تعبئة الوقود، إضافة إلى شركات الهاتف النقال".
ولفت إلى أن "داعش اقحم نفسه في التجارة لاسيما في المناطق خارج سيطرته فقام بشراء معارض لبيع السيارات ووضع إدارتها لأشخاص متعاونين معه لأجل الحصول على المنافع المالية وهو امر تم اكتشافه مؤخراً بعض القبض على بعض المتهمين".
ودعا جعفر إلى "فرض رقابة شديدة على شركات التحويل المالي حتى لا تكون وسيلة لنقل المبالغ التابعة للتنظيم بين المحافظات، وعلى أصحاب هذه الشركات التحقيق جيداً من هوية الزبون قبل التعامل معه".
أرسل تعليقك