دبي سعيد المهيري
مع استمرار ارتفاع عدد السكان، لن يتوقف قطار تشييد المدن الجديدة والخدمات المرتبطة بها والمشاريع التجارية والصناعية التي تحمل معها مؤشرات إيجابية على الصعيدين المالي والاقتصادي، وكذلك حركة رؤوس الأموال والقدرة على جذب استثمارات خارجية، فضلًا عن الترويج للبلد على المستوى العالمي.
ونبّهت شركة "المزايا القابضة" في تقرير أسبوعي، إلى أن تسارع بناء المدن "سيحمل معه أيضًا أضرارًا بيئية في حال لم تؤخذ في الاعتبار متطلبات البيئة والتزام معايير المساحات الخضراء لتعويض التوسع السكاني في مناطق من العالم على حساب الغابات والمسطحات الخضراء، إذ لم يعد الحفاظ عليها سهلًا". وبات "التوسع الأفقي الخيار الأوفر ضمن المعطيات القائمة وتحديدًا في البلدان التي تحظى بغطاء أخضر طبيعي".
في المقابل "تتضاعف التحديات في المدن التي تُبنى في الصحراء والمناطق التي لا تتوافر فيها المياه الصالحة والمناخ المناسب لإنشاء المسطحات الخضراء والحفاظ عليها وتوسيعها". ولفت التقرير إلى أن دول المنطقة "تتقدم على بلدان العالم على مستوى سرعة التطور والحداثة وارتفاع عدد السكان ووتيرة الاستثمارات العقارية والتجارية والصناعية والمشاريع التنموية الطويلة الأجل، لذا يواجه التزام المعايير العالمية للمدن الحديثة تحديات كبيرة وارتفاع التكاليف وعدم وضوح المسؤوليات".
ويُعد التصميم والتخطيط العمراني "من أهم عوامل استقطاب المستثمرين إلى الأسواق العقارية وأساس المشاريع العقارية وتشييد المدن".
وتوقع التقرير "ازدياد مناطق الحضر في العالم في السنوات العشرين المقبلة؛ ما يشكل فرصة لبناء المدن الخضراء في دول العالم؛ لذا من شأن تخصيص مساحات للحدائق والأشجار عمومًا وعلى الأسطح تحديدًا أن يجعل المدن أقل تلوثًا، ويساعد على حماية النباتات خصوصًا في دول المنطقة وتلك الصاعدة، في مقدمها الصين والهند المتوقع نمو المدن فيها بسرعة كبيرة". ولفتت "المزايا" إلى أن كل "المؤشرات ترفع مستوى الضغوط والتحديات، في ظل توقعات ببلوغ عدد سكان المدن في العالم 4.9 بليون بحلول عام 2030، وستتوسع المساحات التي تغطيها المدن بنسبة لا تقل عن 150%؛ ما يشكل تحديًا في الحفاظ على المساحات الخضراء الحالية وتوسيعها في المدن الكبيرة جدًّا، وتتضاءل فيها فرص الحفاظ على المساحات الخضراء وفق المعايير العالمية، في حين تحظى المدن المتوسطة والصغيرة بفرص أفضل وقابلة للتحقق".
ولم يغفل التقرير أن المسطحات الخضراء "أصبحت تؤثر مباشرة في جاذبية المشاريع العقارية وأسعارها المتداولة في دول المنطقة؛ لأن المتطلبات الصحية والبيئية اندرجت في أولويات طالبي الوحدات السكنية الراقية، وبات التوسع بالمساحات الخضراء حول المباني مطلبًا اجتماعيا وبيئيا"؛ إذ تظهر مؤشرات الأسواق العقارية في مدن العالم أن أسعار العقارات "ترتبط بالمساحات الخضراء، وهي ترتفع كلما توسعت الأخيرة". كما يتمتع سكان المدن التي تضم مساحات خضراء كالمنتزهات والحدائق "بنوعية حياة أفضل، في وقت تستحوذ المدن الرئيسة في العالم على أكثر من 50% من سكان العالم؛ ما يعكس التأثيرات الإيجابية لتوسيع المسطحات الخضراء خلال التخطيط والتنفيذ".
ورصد التقرير "تطورًا لافتًا في مفاهيم التوسع في المساحات الخضراء في الإمارات، وهي تترافق مع التوسع العمراني المتسارع في كل الإمــارات"، إذ تورد البيانات أن المساحات الخضراء في دبي "توسعت بنسبة تجاوزت 35% خــلال عــام 2015 بهدف إضـافة مــزيــد من عوامل تجميل المدينة وتوسيع الرقعة الخضراء وبما يحقق التوازن وتحقيق مفاهيم المدينة الإستراتيجية وأهدافها". ومن شأن هذه الخطط أن "ترفع نصيب الفرد مــن المسطحات الخــضراء في المواقع العامة إلى ما يزيد على 13 مترًا مربعًا".
كما توسعت المسطحات الخضراء في أبوظبي "لتصل إلى 6.6 ألف هكتار العام الماضي، فيما تتواصل الجهود لتطوير مناطق البر الرئيس، بهدف مواكبة التطور والنهضة داخل المدن الرئيسة في الإمارة"؛ إذ "تتبع الجهات الرسمية المعايير العالمية والتقنيات الحديثة، وبما يتناسب مع الظروف المناخية وتقنين استخدام المياه للحفاظ على الاستدامة". وذكّر التقرير بأن " 64 مشروعًا مستقبليا للحدائق والمتنزهات الترفيهية ستُطرح خلال السنوات المقبلة؛ ما يوفّر بدائل وخيارات متنوعة أمام السكان".
وفي قطر "تتزايد الحاجة إلى دمج خطط توسيع المسطحات الخضراء ضمن الاستراتيجيات العمرانية والتنموية الجاري تنفيذها، من خلال تنفيذ استراتيجية زراعية للمناطق الخضراء في كل مواقع الدولة التي تعمل على تحقيق الاستدامة وإسهامها في مكافحة ارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عما تعنيه من إيجابيات للعقارات المجاورة للحدائق والمتنزهات العامة التي باتت تعطيها قيمة إضافية عن غيرها من المواقع".
أرسل تعليقك