بلغت قيمة الاستثمارات في قطاع كفاءة استهلاك الطاقة في العالم 385 بليون دولار سنويًا، وتوقعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) أن "يصل مجموعها إلى نحو 5.8 تريليون دولار حتى عام 2030". وأفادت الوكالة في تقرير نشرته على هامش "القمة العالمية لطاقة المستقبل" في أبوظبي، بأن الكفاءة في استهلاك الطاقة من "أهم الحلول التي على دول العالم اللجوء إليها لمواجهة الزيادة اللافتة في الطلب على الطاقة".
وأطلقت القمة الأربعاء معرضًا متخصصًا بكفاءة استهلاك الطاقة، وأوضح منظّموها أن "الدورة الأولى من هذا المعرض ستُعقد عام 2017 على هامش القمة". وأشارت "آيرينا" إلى أن الاستثمار في المباني المقتصدة في الطاقة وحدها "سيصل إلى 125 بليون دولار بحلول عام 2020، لأن المباني من أبرز الشرائح المستهلكة للطاقة". وأعلنت أن منطقة الشرق الأوسط "ستحتاج إلى ضخ 555 بليون دولار في الاستثمارات الإجمالية في البنية التحتية لقطاع الطاقة بحلول عام 2030، لتلبية النمو السريع في الطلب على الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". إذ تشير التوقعات إلى "تضاعف هذا الطلب بحلول عام 2030" استنادًا إلى تقرير لبنك أبوظبي الوطني وجامعة كامبردج وشركة الاستشارات برايس ووتر هاوس كوبرز العالمية".
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة "مصدر" أحمد بالهول، أن التنمية المستدامة "تتطلب تحقيق الكفاءة في إدارة الطلب على الطاقة والمعروض منها، وينطبق هذا الأمر على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل أي منطقة أخرى في العالم". ولفت إلى "عزم الشركة مشاركة الآخرين في معرض كفاءة استهلاك الطاقة 2017 على هامش القمة، خلاصة تجربتنا المكتسبة من علاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ترشيد استهلاك الطاقة، وبما يشمل دور مدينة مصدر التي تشكل بصمة أبوظبي الخضراء في مجال التصميم الحضري المستدام"، إذ تستهلك طاقة ومياهًا "تقلّ 40 في المئة عما تستهلكه المناطق الحضرية التقليدية ذات المساحات المماثلة". وأضاف: "ستُتاح لدينا أيضًا فرصة لعرض ابتكارات مثل أداة المباني المستقبلية، وهي منصة إلكترونية على الإنترنت لمساعدة المهندسين والمعماريين والمقاولين في العثور على مصادر لتوريد مواد بناء ومنتجات رفيقة بالبيئة".
وشدد المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الاستراتيجية في مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني عبدالله الشامسي، على أهمية "الاستدامة باعتبارها أحد المبادئ التوجيهية لرؤية أبوظبي 2030، التي تكمن في أهداف المجلس بتطوير الإمارة". وأوضح أن "استدامة" هو برنامج حكومة أبوظبي الرسمي لتطوير إمارة مستدامة تلبي حاجات مواطنيها من الموارد حاضرًا ومستقبلًا، وحظي منذ إطلاقه عام 2008 باحترام دولي واسع.
واعتبر أن الإمارات والمملكة العربية السعودية "من الدول الرائدة في كفاءة استهلاك الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، إذ عدّلت الحكومة الإماراتية حديثًا دعم الوقود تماشيًا مع المؤشرات العالمية. فيما تهدف الحكومة السعودية إلى تحسين كفاءة استهلاك المركبات الجديدة للوقود بنسبة 20 في المئة، ورفع كفاءة استهلاك مكيفات الهواء للكهرباء بنسبة 35 في المئة بحلول عام 2020".
وأشار رئيس "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" سعيد العبار، إلى أن المباني المقتصدة في استهلاك الطاقة "تتمتع بواحد من أعلى الإمكانات للحد من انبعاثات الكربون وخفض تكاليف الطاقة، خصوصًا أن المباني تستهلك 80 في المئة من الكهرباء في الإمارات". وأعلن أن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تقلل من أحمال الكهرباء بنسبة خمسة في المئة، "يمكنها النجاح في توفير 190 مليون دولار سنويًا، استنادًا إلى مجلس أعمال الطاقة النظيفة".
ورأى رئيس "مجلس أعمال الطاقة النظيفة" ناصر السعيدي، أن "كفاءة استهلاك الطاقة واحدة من أقل الطرق كلفة وأكثرها فعالية لحل مشاكل الارتفاع الملحوظ في الطلب على الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". ولفت إلى أن معرض كفاءة استهلاك الطاقة 2017 "سيدعم التشريعات الحكومية الذكية التي تساعد في تغيير سلوكيات الاستهلاك لدى الشركات والأفراد، لتبني التقنيات المرشدة للطاقة". وأوضح رئيس شركة "ريد" للمعارض فريدريك تو، أن هذا المعرض "يهيئ القمة العالمية لطاقة المستقبل 2017، كي تكون أشد دورات القمة تأثيرًا مع استمرار تنامي الطلب العالمي على الطاقة".
ودعت "قمة الاقتصاد الأزرق" وفي إطار "أسبوع أبوظبي للاستدامة" التي استضافتها أبوظبي بالتعاون مع جمهورية سيشل واللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لهذه القمة، إلى "حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة".
وحضّ رئيس جمهورية سيشيل جيمس أليكس ميشيل في الافتتاح، على "اغتنام الفرص قبل تراجع الموارد الطبيعية لكوكبنا إلى مستويات تصبح فيها غير قابلة للاسترجاع أو الإصلاح، ما سينعكس سلبًا على مستقبل الأجيال المقبلة، والمساهمة في تعزيز جهود دعم الاقتصاد الأزرق دوليًا". وأكد رئيس إيسلندا أولافور راغنار غريمسون، "إمكان حماية الموارد البحرية، بالتزامن مع تأسيس قطاع صيد ناجح ومربح". وذكر رئيس جمهورية بالاو تومي ريمنغساو، أن الاقتصاد الأزرق "يرتكز على تنويع اقتصاداتنا المعتمدة على الموارد البحرية لضمان الأمن الغذائي محليًا واستفادة شعبنا من تنمية مواردنا البحرية وحفظ محيطاتنا".
واعتبر وزير الدولة المبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ في الإمارات سلطان أحمد الجابر، أن "القمة الناجحة الأولى عام 2014 ساهمت في زيادة اعتراف المجتمع الدولي بأهمية المحيطات والبحار بما في ذلك اعتماد جدول أعمال التنمية لعام 2030". وشدد المندوب الدائم للإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ثاني أحمد الزيودي، على أهمية دور المؤتمر "في إبراز الترابط بين الطاقة النظيفة وحلول الحد من تداعيات تغير المناخ، على الدول المطلة على البحار والمحيطات لضمان مستقبل مستدام".
واعتمدت القمة في ختام أعمالها "إعلان أبوظبي 2016"، الذي يؤكد أن مفهوم الاقتصاد الأزرق "أصبح فكرة أساسية وجزءًا لا يتجزأ من مفهوم التنمية المستدامة على الصعيد العالمي. وعلى هامش أعمال "أسبوع أبوظبي للاستدامة"، أعلنت "مبادرة أبوظبي متعددة الوجه للطاقة المتجددة" (مصدر)، تخصيص 1.7 بليون دولار لاستثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة. وأفادت بأن هذه المشاريع "ستنتج غيغاواطًا واحدًا من الطاقة النظيفة في الإمارات ودول أخرى في العالم".
أرسل تعليقك