أشاعت المعلومات الرسمية والمسرّبة من المحادثات الطويلة التي أجرتها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، مع ضيفها رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس، في برلين، الاثنين، انطباعاً أوليًا بنجاح الطرفين في التأسيس لتفهّم أفضل لوقائع البلدين، ويكون ذلك كمنطلق ضروري للعمل سويًا في الإطار الأوروبي، لطرح حلول تنقذ اليونان من أزمة ديونها المستعصية، وتُعينها على مواجهة الكارثة الاجتماعية فيها.
ويأتي ذلك بعدما وعدت مركل في مؤتمرها الصحافي الذي عقدته مع تسيبراس في نهاية المحادثات الرسمية بينهما في مقر المستشارية، بوضع فكرة صندوق الإنماء الألماني لليونان موضع التطبيق، وأشارت مذكرة إلى أنّ الفكرة طُرحت في عهد الحكومة اليونانية السابقة من دون تنفيذها.
وفي المقابل، أوضح تسيبراس أنّ مطالبة أثينا برلين بدفع تعويضات عن الحرب العالمية الثانية، يجب فهمها على أنّها "مطلب سياسي وأخلاقي في الدرجة الأولى"، في تلميح إلى استعداد حكومته لعدم التمسّك بدفع تعويضات مالية.
وفي وقت عكست غالبية الصحف اليونانية الصادرة، الثلاثاء، صورةً إيجابيةً عن أجواء المحادثات بين رئيسي وزراء البلدين، بدت الصحف الألمانية أقل حماسة وأكثر حذرًا وواقعية، لذا، اكتفى الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايفرت بالقول، إنّ "المحادثات التي بدأت من السابعة مساء عقب المؤتمر الصحافي، واستمرت حتى الثانية عشرة ليلًا، وتخللها عشاء عمل أيضًا، جرت "بالتفصيل وفي أجواء جيدة وبناءة حول وضع اليونان، وطريقة عمل الاتحاد الأوروبي والتعاون الألماني - اليوناني المستقبلي"، من دون أن يدلي بمعلومات أخرى.
وأبرز الناطق الرسمي باسم الحكومة اليونانية غابرييل ساكلاريدس، الثلاثاء، أن حكومته "تريد رفع برنامج الإصلاحات المقترحة منها إلى المؤسسات الدولية خلال الأيام المقبلة".
وأوضح ساكلاريس أنّ هذه الخطوة "ستُنجز حتى الاثنين المقبل على أبعد تقدير"، ونفى أن يكون تسيبراس أعطى للمستشارة خلال المحادثات، لائحة محددة ببرنامج الإصلاحات اليونانية، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن البحث تناول كل نقاط البرنامج، مؤكدًا أنّ البرنامج "لن يتضمن أية إجراءات من شأنها تحميل المواطنين أعباء مالية بل إصلاحات هيكلية".
ويعود قرار الموافقة على البرنامج أو رفضه إلى الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهي نقطة شددت عليها مركل أيضًا ردًا على سؤال خلال مؤتمرها الصحافي مع تسيبراس، مؤكدة أنّها غير قادرة على التحدث باسم هذه المؤسسات، وإنما باسم بلدها فقط، وإذا كان كلام مركل صحيحاً، فيمكن القول إن لموقف ألمانيا وفرنسا وزنًا كبيرًا في أي قرار ربما يصدر عن هذه المؤسسات المكلَّفة بإعطاء الضوء الأخضر لدفع الشطر المالي الجديد إلى اليونان، وقيمته 7 بلايين يورو.
وتشير مصادر إلى أن ما تملكه أثينا من سيولة حالياً، يكفيها حتى الثامن من الشهر المقبل فقط.
ونقلت صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية عن وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية ميشائيل روت، ارتياحه إلى الاجتماع بين مركل وتسيبراس، معتبرًا أن ما جرى "يؤسس لقاعدة من الثقة المتنامية" بين الحكومتين.
وفي حديث مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، أعطى رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز وهو ألماني بدوره، آمالًا "في الوصول إلى اتفاق مع اليونان حتى نهاية الأسبوع الحالي، يساعدها على التخفيف من أوضاعها المالية الضاغطة".
وتابع رئيس الحكومة اليونانية خلال زيارته لبرلين، الثلاثاء، واجتمع أولاً مع وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، ثمّ مع مسؤولين حزبيين وبرلمانيين عن حزبي اليسار و "الخضر" المعارضين قبل عودته إلى بلده.
ويُذكر أن حزبي المعارضة الألمانية يتعاطفان مع الحكومة اليونانية الجديدة، ويتفهمان المطالب اليونانية المتعلقة بتخفيف حدةِ إجراءات التقشف التي تطالب بها الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي.
وكشف ساكلاريدس أن تسيبراس وجّه إلى المستشارة الألمانية دعوة لزيارة اليونان من دون تحديد موعد لها.
أرسل تعليقك