توقّعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، أنّ يبلغ متوسط تضخم أسعار الاستهلاك في المنطقة العربية نحو 6,1 خلال العام 2014، وأنّ يبق تأثير أسعار السلع الأساسية الدولية محدودًا، مع احتمال حدوث ارتفاع طفيف في أسعار المواد الغذائية.
وتنبأت اللجنة في تقرير لها أن يكون قطاع الإسكان في بلدان مجلس التعاون الخليجي، مصدرًا للمزيد من ضغوط التضخم، وقد تشهد مصر واليمن في العام 2014 ارتفاعًا في معدل التضخم، بسبب التوسع النقدي السريع، في ظل القيود الشديدة على العرض، وستؤثر الإصلاحات المالية المُقررة، إذا نُفّذت، في مستويات الأسعار، لاسيما في تونس ومصر.
وأكد التقرير: "إن أسعار الصرف في المنطقة العربية شهدت المزيد من الاستقرار خلال العام 2013 بالمقارنة مع العام 2012، عدا تونس، وسورية، والسودان، ومصر".
واشار تقرير اللجنة إلى مواصلة بلدان مجلس التعاون الخليجي ربط أسعار الصرف بالدولار، باستثناء الكويت التي ربطت عُملتها بسلّة من العملات الأجنبية، كما واصل الأردن وجيبوتي ولبنان ربط العملات الوطنية بالدولار.
واستكمل: "أبقت البنوك المركزية في تونس والجزائر وجزر القمر والعراق وليبيا والمغرب وموريتانيا واليمن على نظام التعويم الموجّه لأسعار الصرف الأجنبي، وتوقف التدهور في قيمة الجنيه المصري في حزيران/يونيو 2013 حين استقرت قيمته عند 7 تقريبًا للدولار الواحد".
وأضاف التقرير، الذي تناول التطورات الاقتصادية والاجتماعية للدول العربية خلال العامين 2013- 2014 أنّه لا تزال البلدان العربية التي تشهد تحولات اجتماعية وسياسية تواجه نقصًا حادً في التمويل، ولم تتعاف بعد آلية السوق التي ولدت الروابط الاقتصادية، ومكّنت البلدان من الاستفادة من آثار الانتعاش المُتسربة من بلدان مجلس التعاون الخليجي في العقد الماضي.
وتابع: "لا يزال الوضع هشًّا في البلدان المستوردة للطاقة في المشرق العربي والمغرب العربي وأقل البلدان العربية نموًا، بسبب ضعف الميزان الخارجي، فمستوى تدفقات الأموال غير كافٍ لتمويل العجز التجاري في معظم بلدان هذه المجموعات".
وأما حركة الاستثمار الخاصة سواء في حافظات الأوراق المالية أو الاستثمار الأجنبي المباشر، فظلّت ضعيفة بسبب عدد من العوامل الجيوسياسية.
وأفادت اللجنة بأن العام 2013 شهد ازدياد الحاجة إلى الدعم المالي الوارد من مصادر خارجية ثنائية ومتعددة الأطراف إلى بلدان المشرق والمغرب وأقل البلدان العربية نموًا؛ لتخفيف النقص في العملات الأجنبية، والحدّ من ضغوط التضخم، وتثبيت قاعدة سياسات التنمية المُستدامة على أُسس صلبة.
وأشار التقرير إلى أنّ معدلات البطالة المرتفعة لا تزال قضية مُلحة في البلدان العربية؛ حيث بات من الضروري إيجاد فرص عمل للمواطنين؛ فتوفير فرص العمل لا يزال من أهم أولويات السياسة العامة في المنطقة.
ومن المتوقع، أن يحقق القطاع غير النفطي في بلدان مجلس التعاون الخليجي نموًا كبيرًا في العام 2014، غير أن إيرادات صادرات الطاقة يحتمل أن تسجّل انخفاضًا طفيفًا.
كما يتنبأ بأنّ تشهد البلدان المستوردة للطاقة المزيد من الركود؛ لأنها لم تسجّل تحسنًا يُذكر في مواجهة عوامل الخطر غير الاقتصادية، بحسب التقرير.
وذكر أن العام 2013 سجّل تباطؤً في الانتعاش الاقتصادي في البلدان النامية، فيما ساهم ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية في استمرار النمو في البلدان المُصدرة لتلك السلع، ولكن حجم هذا النمو تقلّص ما إنّ استقر مستوى أسعار بعض السلع الأساسية.
وأضاف التقرير: "استمر النمو في اقتصادات البلدان النامية الرئيسة كالاتحاد الروسي، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، والصين، والهند، ولكن بعض علامات الضُعف ظهرت في العام 2013، مُنذرة بعدم القدرة على الاستمرار في النمو بمعدل مرتفع، ودفع تزايد ضغوط التضخم على البرازيل والهند إلى مزيد من التشدد في السياسة النقدية".
وكان انخفاض قيمة العملات الوطنية من الأسباب الرئيسة لضغوط التضخم، حيث أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الواردات، مما قد يدفع بالمزيد من الدول النامية إلى اتخاذ تدابير أكثر تشددًا في السياسة العامة للتحكم بالطلب.
وأوضح التقرير: "إنّ الاتجاه المُثير للقلق من المتوقع أنّ يستمر في العام 2014، ومن الأهمية أنّ تُنفذ الدول النامية سياسات تشجع النمو لتتمكن من تحقيق تطلعاتها الإنمائية، ولكن هذه السياسات قد لا تكون في متناول البعض بعد الخللّ الذي أصاب ميزانها الخارجي على أثر انخفاض قيمة عملاتها الوطنية".
ومن المتوقع أن يكون ضعف إمكانات التشغيل في اقتصادات البلدان المتقدمة والبلدان النامية أشدّ أثرًا على البلدان النامية؛ لأن الهجرة لم تعد منفذًا للبحث عن عمل في ظلّ ركود أسواق العمل في البلدان المتقدمة.
وأصبحت الدول المتقدمة والدول النامية حذرة في تطبيق تدابير مالية توسّعية، بعد أنّ قدمت مجموعة من الحوافز خلال الأزمة المالية العالمية.
وذكر التقرير أنّ هذا الموقف المالي الجديد يحدّ من إمكانات انتعاش القدرة على التشغيل على الصعيد العالمي.
وأكمل: "يبدو الاقتصاد العالمي أمام مجموعة من التحديات منها: الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن تغير سياسة المصرف الاحتياطي الفيدرالي على أسواق رأس المال الدولية، والميزان الخارجي للبلدان النامية وقيمة عملاتها الوطنية، وكذلك إمكانية التوسّع في السياسة المالية العامة المُتاحة للدول المتقدمة والدول النامية، والقدرة على الابتكار في إيجاد فرص العمل، وتجنب المزيد من التعثر في التشغيل على الصعيد العالمي".
مضيفًا: "شهدت المنطقة العربية تراجعًا في النمو الاقتصادي في العام 2013 مقارنة بالعام 2012، لا سيّما بسبب النمو المعتدل في الإيرادات النفطية في البلدان المصدرة للنفط، ومعظمها من بلدان مجلس التعاون الخليجي؛ فهذه البلدان تشهد حالة انتعاش ثابت، في ظلّ فوارق في الأداء الاقتصادي لا تزال كبيرة بينها وبين البلدان العربية الأخرى".
وسجّل عدد قليل فقط من بلدان المشرق والمغرب، وأقل البلدان العربية نموًا، بعض الانتعاش، بينما بقي معظمها يشهد ركودًا في الأنشطة الاقتصادية؛ بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية.
ولا تزال تداعيات الأزمة في الجمهورية العربية السورية تصيب البلدان المجاورة فتعوق النشاط الاقتصادي عبر الحدود، أي حركة التجارة والاستثمار والسياحة.
وبقيت وتيرة الانتعاش الاقتصادي في أوروبا من دون المستوى الكافي، للتأثير الإيجابي على الصادرات غير النفطية من بلدان المشرق والمغرب.
ولا تزال معدلات البطالة المرتفعة قضية مُلحة في البلدان العربية، بما فيها بلدان مجلس التعاون الخليجي، التي تحتاج إلى تأمين فرص العمل لمواطنيها.
وتابع التقرير: "يبقى استحداث فرص العمل من أكثر أولويات السياسة العامة إلحاحًا في المنطقة العربية".
وتشير التقديرات إلى انكماش في اقتصادات بلدان المشرق العربي بمتوسط قدره 0,6٪ في العام 2013، بعد نمو بلغ متوسطه 0,1٪ في العام 2012، ومن المتوقع أن تشهد هذه الدول ركودًا في العام 2014، وأن يبق معدل النمو فيها 2,9٪ باستثناء سورية لغياب البيانات.
وأضاف التقرير: :تطغى حالة عدم اليقين والمخاطر السياسية والجيوسياسية، التي تعوق الاستثمار على العوامل الإيجابية القليلة المتوافرة لتحقيق النمو الاقتصادي في هذه الدول".
ومن المتوقع أنّ يكون نمو الطلب المحلي والصادرات من خارج قطاع الطاقة ضعيفاً في جميع بلدان المشرق.
وفي المقابل، من المُستبعد أنّ تواجه هذه البلدان صعوبات في ميزان المدفوعات؛ نتيجة لتوافر الدعم من بلدان المنطقة إلى البلدان، التي تسجّل عجزًا في الحساب الجاري.
ومع استمرار التشدّد في السياسات المالية، تعتمد البلدان على السياسة النقدية، لاتخاذ التدابير المحفزة للنمو.
وفي العام 2014، من المتوقع أنّ يبلغ معدل النمو 2,4 ف٪ في مصر، و2,5٪ في لبنان، و2,6٪ في فلسطين، و3٪ في الأردن، و6,8٪ في العراق.
وتشير التقديرات إلى أقل نمو شهدته البلدان العربية بلغ متوسطة 3,4٪ في العام 2013، بعد أنّ كان 1,6٪ في العام 2012.
ويتوقع أنّ ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أقل البلدان العربية نموًا بمتوسط قدره 2,7٪، ولكن هذا النمو قد يتراجع في موريتانيا واليمن، بسبب تراجع نمو صادرات الطاق والموارد الطبيعية،
ووفقًا للتقرير، فإنه ستتوقف الآفاق الاقتصادية في جزر القمر وجيبوتي على الأوضاع الاقتصادية واحتمالات استقرارها في البلدان المجاورة.
ومن المتوقع أنّ يؤدِ التوسع في أنشطة المرفأ في جيبوتي إلى تسريع النمو الاقتصادي، وأنّ يشهد السودان استقرارًا في النمو، ومستوى إيرادات الصادرات النفطية، بينما يستمر النقص الحاد في العملات الأجنبية في إعاقة تقدم النمو، كما لا تزال إمكانات النمو في أقل البلدان العربية نموًا من دون المستوى الكافي للتخفيف من حدة الفقر.
وفي العام 2014، يتوقع أنّ يبلغ معدل النمو 2,5٪ في السودان، و2,6٪ في اليمن، ونحو 3,6٪ في جُزر القمر، ونحو 5,8٪ في جيبوتي، وحوالي 5,9٪ في موريتانيا.
أرسل تعليقك