هبط سعر صرف الدولار يوم الأربعاء إلى أدنى مستوى له أمام اليورو في نحو سبعة أسابيع، عقب تصريحات تميل إلى التيسير أدلت بها رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جانيت يلين، التي أرجأت توقعات توقيت الزيادة المقبلة في أسعار الفائدة.
فقد ارتفع اليورو إلى 1.1364 دولار، مسجلا أعلى مستوى له منذ 11 فبراير/شباط، في حين بلغ الدولار أدنى مستوياته في أكثر من خمسة أشهر أمام الفرنك السويسري ليسجل 0.9592 فرنك.
وهبط مؤشر الدولار - الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية - إلى أدنى مستوى له خلال 12 يوما ليصل إلى 94.588 بعدما تكبد أكبر خسائره اليومية بالنسبة المئوية منذ 17 مارس/آذار يوم الثلاثاء الماضي.
ويتجه الدولار إلى تسجيل أكبر خسائره الفصلية بالنسبة المئوية في خمس سنوات، وسجل في أحدث المعاملات هبوطا نسبته 4% في الربع الأول.
وانخفض الدولار 0.2% أمام العملة اليابانية في أحدث المعاملات ليصل إلى 112.45 ين بعدما لامس أدنى مستوى له في ثمانية أيام عند 112.02 ين في وقت سابق.
وفي تقرير اقتصادي، أشارت جريدة "الشرق الأوسط" إلى أن المستثمرين اعتادوا شراء الين باعتباره ملاذا آمنا لاستثماراتهم في حال انخفاض الدولار٬ خصوصا بعد خفض توقعات رفع الفائدة ونبرة الحذر التي شهدها المستثمرون من مجلس الاحتياطي الفيدرالي أول من أمس.
وارتفع الدولار إلى أعلى مستوى في أسبوعين أمام سلة من العملات الكبرى في بداية الأسبوع بدعم من سلسلة من التصريحات التي تنبئ برفع أسعار الفائدة٬ ما أعطى المستثمرين الانطباع بأن أسعار الفائدة الأميركية قد ترتفع مرتين هذا العام٬ وأن الزيادة الأولى ستكون في أبريل/نيسان .
إلى ذلك، جاء حديث جانيت يلين٬ إيجابيا على الأسواق أمس٬ لتستمر ردود الأفعال الداعمة لمعنويات المستثمرين في الأسواق المالية٬ وهذا بعد أن زادت التوقعات برفع سعر الفائدة الأميركية. وشددت على الحاجة إلى توخي الحذر في رفع أسعار الفائدة وتسليط الضوء على المخاطر الخارجية التي من بينها تدني أسعار النفط وتباطؤ النمو في الخارج.
وافتتحت "وول ستريت" جلستها الاربعاء مرتفعة مع انحسار المخاوف بشأن رفع الفائدة٬ وقد هدَّأت جانيت يلين المخاوف بشأن وتيرة رفع أسعار الفائدة هذا العام في حديثها أول من أمس في النادي الاقتصادي لنيويورك٬ في أول حديث لها بعد اجتماع تثبيت سعر الفائدة في وقت سابق من الشهر الحالي.
وارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنحو 65.2 نقطة بنسبة 0.37 في المئة٬ ليصل إلى 17698.31 نقطة٬ كما صعد مؤشر "ستاندر آند بورز 500" بواقع 0.39 في المئة٬ أي ما يعادل 8.30 نقطة ليحقق 2063.04 نقطة٬ وزاد مؤشر "ناسداك" المجمع إلى مستوى 4874.39 نقطة بنحو 0.57 في المئة٬ أي ما يعادل 27.77 نقطة.
وفي استجابة سريعة للأسواق الأميركية٬ أول من أمس٬ شهد مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ارتفاعا إلى أعلى مستوى له في 2016 بعد أسوأ أداء في يناير الماضي منذ 2009 مكتسبا 0.55 في المئة.
ولكن السؤال الذي دار في المقابلة التي سعت فيها يلين لطمأنة السوق من خلال حديثها إذا كان الاقتصاد الأميركي يبلي بلاء حسنا على مدار العامين السابق والحالي٬ فلماذا يقلص مجلس الاحتياطي خططه لرفع أسعار الفائدة هذا العام٬ بالإضافة إلى سؤال آخر ماذا سيعود على المستثمرين من وراء هذا التشديد في السياسة النقدية؟
وحاولت يلين تفسير موقف البنك بأن تباطؤ النمو العالمي تسبب في اضطراب الأسواق المالية في بداية العام الجاري٬ ما أدى إلى استنتاج المستثمرين أن البنك سيخفف من وتيرة رفع الفائدة هذا العام٬ الأمر الذي دفع الاحتياطي إلى طمأنة الأسواق٬ مما ساعد على تحقيق الاستقرار والحفاظ على التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي٬ ومما دفع المستثمرين في النادي الاقتصادي إلى التشكك مرة أخرى في توقعات المجلس حول الفائدة ما ردت به يلين حين قالت إن الأمر يبدو كأنه تحول في ردود فعل المجلس وأكد أنه في واقع الأمر ليس كذلك.
يشار إلى أن البنك الفيدرالي اتخذ سياسة الحمائم لاسترضاء الأسواق المالية والإبقاء على سعر الفائدة٬ لينهي العام عند 0.75% بدلا من واحد في المئة هذا العام.
وأرجعت يلين أن تباطؤ الاقتصاد الصيني٬ وانهيار أسعار النفط٬ أديا إلى تأخر رفع سعر الفائدة في كل من شهري يناير ومارس٬ ورغم ذلك توقعت يلين أن تكون هناك زيادات تدريجية في الفائدة عندما يكون هناك ما يبرر ذلك في المستقبل.
وأكدت أن توقعات النمو الاقتصادي ليست خطة سيتم تنفيذها بغض النظر عن التطورات الاقتصادية٬ فالسياسات النقدية كما هي الحال دائما٬ عليها أن تستجيب للتقلبات في الاقتصاد العالمي٬ غير أننا ما زلنا في بيئة اقتصادية متقلبة.
وأوضحت رئيسة البنك أن أهداف معدلات التوظيف والتضخم هي أهداف محددة لنا من قبل الكونغرس٬ غير أنها توقعت نموا أضعف مما كان يعتقد سابقا٬ وأكدت على تلبية وتحقيق الأهداف المرجوة.
وأكدت يلين أن الحذر مبرر٬ خصوصا أن الاحتياطي الفيدرالي يستجيب للاضطرابات الاقتصادية٬ رغم أن درجة هذه الاستجابة ما زالت منخفضة. ورغم السياسة الحذرة التي تتبعها يلين فإن كثيرا من أعضاء المجلس ما زالوا مصرين على الاتجاه المعاكس والنهج الأكثر قوة لرفع سعر الفائدة٬ فيتخذ كل من رؤساء الاحتياطي في فيلادلفيا٬ باتريك هاركر٬ وأتلانتا٬ دنيس لوكهارت٬ موقفا داعما لرفع أسعار الفائدة أكثر من مرتين خلال هذا العام٬ على الرغم من تقلب الأسواق العالمية٬ مبررين ذلك بزخم البيانات الاقتصادية خصوصا ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل ثلثي النشاط الأميركي بزيادة قدرها 0.1 في المئة في فبراير الماضي.
ويرى مايك إيدن٬ الخبير الاقتصادي٬ إن دلالات التحفظ الشديد في حديث يلين لها تأثير قوي على الأسواق٬ واصفا محاولات يلين لتكييف السياسات النقدية للمركزي مع التقلبات التي شهدتها الأسواق خلال الأسابيع الماضية بأنها تحاول التواصل بين جميع الأطراف لحصد أكبر المكاسب للاقتصاد الأميركي.
ويؤكد إيدن أن اجتماع المركزي الشهر المقبل سيشهد كثيرا من المناقشات حول رفع سعر الفائدة بين الصقور والحمائم ومهمة التواصل مع التقلبات في السوق٬ ليكون اجتماع يونيو والمقرر فيه إعلان الفائدة حاسما لسياسة المركزي الأميركي.
أرسل تعليقك