أثار الهبوط غير المسبوق في قيمة الدينار العراقي أمام الدولار إلى أدنى مستوياته منذ العام 2006، موجة انتقادات للحكومة، التي أعلنت نيتها التدخل بقوة لإعادة التوازن إلى السوق عبر ضخ نسبة محددة من الدولار مع رواتب الموظفين والمتقاعدين لتعزيز العرض، فيما تخوّف مراقبون من أن تكون هذه بوادر لخلو الخزانة من النقد.
وشهدت أسواق بغداد والمحافظات ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع المستوردة نتيجة ارتفاع في قيمة الدولار ليصل إلى 1440 دينارًا للدولار، وبذلك يسجل الدينار أدنى مستوياته منذ العام 2006. وقد حرص المصرف المركزي العراقي على إيجاد آلية لتعزيز قيمة العملة المحلية عبر استحداث مزاد لبيع العملة.
وأفادت مصادر مطلعة بأنَّ الحكومة تعتزم التدخل بقوة لإعادة التوازن إلى أسواق صرف العملات، عبر ضخ 10 في المائة من رواتب القطاع العام والمتقاعدين بالدولار، فيما قرر المصرف المركزي إلغاء عطلة السبت واعتباره دوامًا رسميًا بهدف زيادة جلسات مزاد العملة وضخ كمية إضافية من الدولار إلى السوق.
وكشف عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، سلام المالكي،أنَّ "مثل هذه الأزمات لم تنجم عن أمور تتعلق بالعرض والطلب، لكنها مفتعلة وهناك جهات تعمل في الخفاء لإرباك الوضع الداخلي اقتصادياً، علينا الاعتراف بأن هناك إخفاقاً في إدارة السياسة النقدية من المصرف المركزي".
وأضاف المالكي: "إدارة المركزي تتذرع بالمادة 50 من قانون موازنة 2015 والتي حددت المركزي ببيع 75 مليون دولار يوميًا، والأخير طعن أمام المحكمة المركزية التي لم تبت في الأمر، لكنه استمر في البيع بفارق بلغ 86 مليون دولار يوميًا، الجزء الأكبر من هذه الأموال يخصص للحوالات الخارجية حصة السوق منها تتراوح بين ثلاثة وخمسة ملايين دولار، وهذا رقم لا يسد حاجة الأسواق من العملة الأجنبية يوميًا".
وأوضح، في حديث مع صحيفة "الحياة"، أن مجلس النواب في عطلة تشريعية حاليًا وهي تنتهي في نهاية الشهر الجاري، وعلى رغم ذلك هناك تحركات لبعض اللجان لعقد جلسات طارئة لبحث أسباب هذه المشكلة وسبل حلها.
وطالب عضو مجلس النواب، كاظم الشمري: "المصرف المركزي العراقي بوقف بيع العملة الصعبة إلى المصارف الأهلية وتحويلها إلى المصارف الحكومية"، محذرًا من وجود مافيا تعمل على سحب الدولار من المصرف المركزي بفواتير مزورة عن استيراد بضائع، وكانت سبباً في هبوط سعر صرف العملة المحلية.
وأضاف الشمري في بيان له، "خلال زيارتنا إلى الهيئة العامة للجمارك العراقية ذهلنا من وجود حالات فساد وتزوير تحصل خلال عمليات تحويل الأموال من المصارف الأهلية والبنك المركزي إلى التجار تحت عنوان شراء بضائع".
وتابع البيان: "هناك فواتير استيراد 60 مليون مكيف هواء، ما يعني مكيفين لكل عراقي إضافة إلى فواتير استيراد لحديد التسليح والتي إن دخلت فعلياً لكانت كافية لتغطية سماء العراق من شماله إلى جنوبه (...) نحن على قناعة بأن كل هذه الفواتير مزورة".
وقرَّر "المركزي" تقليص فترة إيداع المبالغ الخاصة بتغذية الحسابات الخارجية للمصارف، مبينًا أن تقليص الإيداع سيكون من عشرة أيام إلى خمسة اعتباراً من الأول من تموز/ يوليو المقبل.
وأكد الخبير وفيق السامرائي أن :الحرب الدائرة في العراق تحولت إلى استنزاف بشري واقتصادي"، مشيرًا إلى أن تراجع قيمة الدينار يمثل جزءًا من آثار هذه الحرب فضلاً عن الفساد، وطالب المصرف المركزي باتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ العملة الوطنية.
وكشف عضو اللجنة المالية النيابية، حسام العقابي، عن عقد اجتماع طارئ للجنة الأحد المقبل لتدارك أزمة سعر الصرف. وأصدر بيانا جاء فيه "ارتفاع صرف الدولار مقابل الدينار خاضع للعرض القليل والطلب المتزايد، والتعليمات التي جاء بها محافظ المصرف المركزي من ضريبة وجمارك، إضافة إلى زيادة سعر الصرف من بعض التجار للحصول على مكاسب مادية على حساب حاجة الحكومة والشعب"، وأوضح العقابي أن "معالجة هذه الأزمة تكمن في تشكيل خلية أزمة تعمل على خفض سعر الصرف".
وأفاد مصدر بأن "الحكومة اتخذت إجراءات للحد من ارتفاع سعر الدولار منها تحديد المبيعات النقدية للبنك المركزي ومضاعفة تحويلاته مع فتح منافذ في المصارف الحكومية لبيع الدولار" مبينًا أن "هناك مضاربات قام بها البعض أدت إلى خلق حالة من الإرباك في السوق ساهمت في رفع سعر الدولار مقابل الدينار".
وقال عضو مجلس محافظة بغداد، غالب الزاملي أنَّ، "ما يجري من ارتفاع ملحوظ لأسعار المواد الغذائية خصوصًا سببه ارتفاع الدولار مقابل الدينار العراقي،" مؤكدًا أن المصارف الأهلية هي السبب في هذا الارتفاع".
وأكد مصدر مصرفي، أنَّ لا علاقة للمصارف الأهلية في أزمة سعر الصرف لأن السوق محكومة بالعرض والطلب، وحالياً تتصارع 30 مؤسسة مالية يوميًا في المزاد لشراء ملايين لا تكفي الحاجة المحلية"، وبيّن المصدر وجود ارتفاع في الطلب على شراء الدولار من الأطراف كافة من دون وجود سبب واضح لذلك.
أرسل تعليقك