بدأت التوقعات المتعلقة بفتح سوق الأسهم السعودية أمام المستثمرين الأجانب خلال الأشهر القليلة المقبلة تسري في الأوساط المالية في الخليج.
وإلى اليوم، يمكن فقط المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي دخول سوق الأسهم السعودي "تداول"، ولكن السلطات المعنية أجرت أخيرًا بعض التعديلات التي فتحت الباب أمام المستثمرين الأجانب للاستثمار في بعض أنواع الأسهم عبر "اتفاقات المبادلة"، على الرغم من بقائها ضمن قيود صارمة.
وحال استمر المخطط المقترح للسوق، الذي أعلن عنه الصيف الماضي، فيمكن أنَّ يظهر انفتاح السوق السعودية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في شكل ملموس ابتداءً من نيسان/ أبريل المقبل.
واعتبر رئيس قطاع البحوث في شركة "آسيا للاستثمار"، فرانسيسكو كينتانا، أنَّ "من الطبيعي أنَّ يترقب المجتمع المالي انفتاح السوق السعودية، إذ تبلغ القيمة السوقية للأسهم نحو 500 بليون دولار، أي نحو نصف القيمة السوقية لإجمالي الأسهم المتداولة في أسواق دول الخليج".
كما أضاف: "توفر السوق السعودية منفذًا إلى كبرى الشركات في مجالات الطاقة والتمويل والعقارات التي تهيمن على المنطقة وتتمتع بإمكانات للتوسع عالميًا، كما تتميز بحجمها الكبير والسيولة المتوافرة فيها، إذ تستحوذ حسابات المستثمرين الأفراد على 80 في المئة من حجم التداول اليومي، والسوق تشهد نشاطًا مكثفًا في عدد الاكتتابات العامة، بعضها كبيرة الحجم وتمت بنجاح العام 2014، ويتضح ذلك عند مقارنتها بنشاط الأسواق الأخرى في المنطقة، إضافة إلى أنَّ بعض القطاعات، مثل الخدمات المصرفية، تقدم تقييمات رخيصة حاليًا، بينما تستحوذ كبرى شركات الإنشاء والبناء على اهتمام المستثمرين، لاسيما الشركات التي تستطيع دخول المشاريع الحكومية في البنية التحتية والإسكان المخطط لها خلال السنوات القليلة المقبلة".
وأوضح كينتانا أنَّ "كل هذه العوامل عززت اهتمام المجتمع المالي في السوق السعودية، ويتوقع بعض الخبراء أن تدخل السعودية مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال للأسواق الناشئة (أم أسي سي آي) بحلول العام 2017، ما سيجذب تدفقات كبيرة من الأموال إلى المملكة، تشير التقديرات الأولية إلى 40 بليون دولار في البداية، من المستثمرين الذين لا يستطيعون دخول سوق الأسهم السعودية حاليًا".
كما أضاف: "التدفقات الناتجة من انفتاح السوق السعودية تثير مخاوف في الأسواق الأخرى في المنطقة، مثل أسواق الكويت ودبي والبحرين، بسبب الأموال السريعة التي ستدخل إلى السوق، ولكن كل هذه المخاوف لا أساس لها"، عازيًا ذلك إلى "مقياسين يؤثران في قرارات المستثمرين الكبار في توزيع أصولهم، الأول يحدده مؤشر "أم سي أس آي"، الذي يعتمد عليه المستثمرون لتتبع أداء المؤشر المعني، في حين تستحوذ الصناديق الاستثمارية على محافظ تتكون من مكونات المؤشر ثم تغير حصة توزيع الأسهم في المحفظة بهدف تحسين أدائه وتحقيق عوائد إضافية، ولذلك فإنَّ إدراج دولة في معيار هذا المؤشر يدفع العديد من الصناديق الدولية إلى الاستثمار في هذه الدولة لتكرار أداء هذا المؤشر الجديد".
ثم أوضح كينتانا أنَّ "المملكة العربية السعودية، جنبًا إلى جنب مع الكويت والبحرين والأردن وعُمان ولبنان وفلسطين و17 دولة أخرى، تشكل مؤشر "أم سي أس آي" للأسواق الحدودية الذي يمثل مجموعة أسواق الأسهم الأقل تقدمًا، وعندما تصل دولة ما إلى مستوى معين من التنمية، تُرقى إلى المجموعة الأعلى، أي مؤشر "أم سي أس آي" للأسواق الناشئة، وبما أنَّ عدد المؤسسات التي تتبع هذا المؤشر لاستثماراتها أكبر بكثير من عدد المؤسسات في المؤشرات الأخرى، يزيد انضمام دولة إلى المؤشر التدفقات إلى هذه الدولة، فعلى سبيل المثال، ارتفعت عائدات سوق الأسهم في قطر 55 في المئة وفي دبي 119 في المئة خلال سنة عقب إعلان انتقال السوقين من مؤشر "أم سي أس آي" للأسواق الحدودية إلى مؤشر الأسواق الناشئة.
وأضاف: "ينطبق نظام هذا المقياس على كبرى المؤسسات الاستثمارية، لاسيما صناديق الثروة السيادية، في قراراتها بتخصيص حصص استثماراتها بحسب التوزيع الجغرافي عبر فئات الأصول، وفي هذه الحالة، يجب تخصيص لكل دولة ما يعادل حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي".
ونظرًا إلى القيود السابقة التي لا تتيح للعديد من المستثمرين من دخول السوق السعودية، فإنَّ إعادة تخصيص الأموال في أسهم سعودية سيضر بلدانًا أخرى كانت ممثلة بحصة أكبر قبل دخول المملكة.
واختتم: "هناك أخطار إعادة التوزيع السريع والمفاجئ للأموال في كل أنحاء، ومن المنطلق ذاته فإنَّ إمكان تأثر أسواق أقل سيولة وأقل حجمًا بانفتاح السوق السعودية بات واقعًا، ولكن كل هذه المخاوف مبالغ فيها إذ أنَّ هناك عدد من العوامل الدورية تشير إلى أنَّ الأسواق الأخرى، حتى حال انفتاح سوق الأسهم السعودية ودخولها مؤشر الأسواق الناشئة، لن تتأثر بالضرورة من إعادة توزيع الاستثمار".
أرسل تعليقك