توقع محللون مختصون تفوق الولايات المتحدة الأميركية على السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط السائل في العالم، في إشارة إلى ما يمكن أن تؤدي إليه طفرة إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما سيؤدي إلى إعادة تشكيل قطاع الطاقة.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" أمس الثلاثاء، حيث استند التقرير إلى أنه خلال شهر حزيران (يونيو)، وكذلك خلال آب (أغسطس)، كان إنتاج النفط والسوائل المرتبطة به، مثل الإيثان والبروبان، يسير بخطى متقاربة للغاية بين الولايات المتحدة والسعودية، بمعدل يبلغ نحو 11.5 مليون برميل في اليوم، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، الجهاز الرقابي الذي تدعمه البلدان الغنية. ومع استمرار الطفرة في الإنتاج الأميركي، فإن من المتوقع أن يتجاوز إنتاج الولاياتُ المتحدة إنتاج السعودية هذا الشهر أو الشهر المقبل للمرة الأولى منذ عام 1991.
وأوضحت الصحيفة أن السعودية أكدت أن صعود الولايات المتحدة لن يؤثر سلبا في دورها الحيوي في أسواق النفط. وتقول إن لديها القدرة على زيادة الإنتاج بمعدل 2.5 مليون برميل في اليوم إذا دعت الحاجة من أجل الموازنة بين العرض والطلب.
وفي وقت مبكر من هذا الشهر، قال الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، إن المملكة هي "البلد الوحيد الذي تتوافر لديه قدرة إنتاجية احتياطية قابلة للاستخدام".
لكن حتى المسؤولين السعوديين لا ينفون أن صعود الولايات المتحدة لتصبح أكبر منتج للبترول في العالم– وتكتسب تقدماً أكثر حتى من ذلك إذا أُدخِلت أرقام الإنتاج من الوقود الحيوي، الذي يبلغ نحو مليون برميل في اليوم– يلعب دوراً حيوياً في تثبيت الاستقرار في الأسواق.
وتراجعت أسعار الخام العالمية في السنتين السابقتين، على الرغم من الاضطرابات في سورية والعراق، والاقتتال في ليبيا، ونزاع روسيا مع أوكرانيا. لكن في الأسبوع الماضي، سجل النفط الخام أدنى مستوى له منذ أكثر من سنتين، عند نحو 95.60 دولار للبرميل، هبوطاً من 125 دولاراً للبرميل في أوائل عام 2012. وخلال تلك الفترة، كان النمو في الإنتاج الأمريكي بأكثر من 3.5 مليون برميل في اليوم مساوياً لكامل الزيادة في إمدادات العالم من النفط.
وأشار التقرير إلى أن تغير وجه الصناعة في الولايات المتحدة بفضل ثورة النفط والغاز الصخري، يرجع إلى التقدم الكبير في تقنيات التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، وهو ما عمل على تمكين استغلال حقول النفط، خصوصاً في ولايتي تكساس ونورث داكوتا، وهي حقول كانت تعتبر لوقت طويل أنها غير صالحة للإنتاج على المستوى التجاري، حيث إن أسعار الخام التي تعتبر عالية بمقاييس العقد الماضي أو ما قبل ذلك جعلت من المربح للشركات استخدام هذه التقنيات من أجل استخراج النفط.
وفي وقت مبكر من هذا الشهر، سجل الإنتاج الأمريكي معدل 8.87 مليون برميل في اليوم، ارتفاعاً من خمسة ملايين برميل في اليوم في عام 2008، وهو في سبيله إلى اختراق مستوى تسعة ملايين برميل قبل نهاية العام الحالي، حيث أدى ارتفاع إنتاج النفط والغاز إلى تقلص العجز التجاري الأمريكي في مجال الطاقة، وأثار موجة من الاستثمار في المواد البتروكيماوية وغيرها من الصناعات الأخرى ذات الصلة.
وبين التقرير أنه من المتوقع أن تزود الواردات ما نسبته 21 في المائة من استهلاك الوقود السائل في الولايات المتحدة، بعد أن كان 60 في المائة في عام 2005. ورغم أن تراجع الاعتماد على الواردات لم يؤد إلى توقف انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أنه شجع دعوات بتقليص الالتزام العسكري نحو المنطقة.
كذلك عمل صعود الصين، باعتبارها من البلدان المستوردة للنفط بمعدل أكبر من الولايات المتحدة، على زيادة اهتمامها في الشرق الأوسط، الذي ظهرت دلالاته في أول زيارة تقوم بها سفينة حربية صينية إلى إيران هذا الأسبوع.
وأوضح التقرير أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة كان في آب (أغسطس) لا يزال أقل من إنتاج السعودية، التي أنتجت 9.7 مليون برميل في اليوم، أو روسيا، التي أنتجت 10.1 مليون برميل في اليوم، إلا أن الزعامة الإجمالية للولايات المتحدة في مجال البترول تفسر بارتفاع إنتاجها من سوائل الغاز الطبيعي مثل الإيثان والبروبان، اللذين لديهما محتوى طاقة أقل، وغالباً ما يستخدمان على شكل لقيم في صناعة البتروكيماويات بدلاً من استخدامهما على شكل وقود ومن ثم، بحسب الاتجاهات العامة الحالية، يمكن للولايات المتحدة أن تلحق بالسعودية وروسيا من حيث إنتاج الخام وحده بنهاية العقد الحالي.
أرسل تعليقك