أكد مختصون أن إستراتيجية الدولة الاقتصادية جعلتها متوازنة على الرغم من هبوط أسعار النفط، مؤكدين، أن القرارات الحكومية الأخيرة، ومنها إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ودعمها للصناعات الكبرى، سيكون لها تأثير إيجابي على المدى البعيد وسترفع من حجم الاقتصاد الوطني، بحيث تدعم الاقتصاد في حال استمر النفط في عملية الهبوط. وأجمع الخبراء والمختصون على أهمية قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تأسيس هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كون المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي عصب الاقتصاد في كثير من دول العالم، وذلك لأنها تمثل حوالى 90 % من منشآتها الاقتصادية، وتوظف من 50 - 60 % من القوى العاملة في العالم. وأوضحوا أن المملكة في مأمن من تقلبات سوق النفط بسبب سياستها الجيدة، حيث ركزت أخيرا على البنية التحتية، وتراكم الاحتياطات الأجنبية، علاوة على تخفيض الدين العام.
وأبان الخبير الاقتصادي أحمد الجبير أن إنشاء الهيئة يؤكد مدى اهتمام المملكة بتلك المنشآت المهمة التي يعتمد عليها أكثر اقتصادات العالم، كون ذلك القرار سيسهل الأمور لدى المستثمرين.
وقال أحمد الجبير: "أتصور أن قرار الموافقة على إنشاء الهيئة الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، علاوة على قرار هيئة توليد الوظائف، أسهما كثيرا في تقدم المملكة إلى المركز 82 هذا العام طبقا لمعايير المنهجية الجديدة الذي أصدره تقرير البنك الدولي الخاص بممارسة الأعمال 2016 الموجه للمستثمر المحلي بمشاركة 189 دولة من ضمنها المملكة، وباعتقادي أن الدولة تستحق المراتب الأعلى بسبب توجهاتها الجديدة التي تواكب تطلعات العصر وتسهم في توسيع دائرة الاستثمار".
وأوضح المهندس منصور الشثري إن هذا القطاع يولد ثلثي الوظائف الجديدة على المستوى العالمي، بينما إسهامه في تشغيل السعوديين ما زال ضعيفا رغم أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يشغل ما يقارب 68% من أعداد العمالة الوافدة بالمملكة. وكذلك يعاني القطاع من عدم إقبال المرأة على الاستثمار فيه، حيث يشكل الرجال أكثر من 96% من ملاكه، وتبرز أهمية القطاع في أنه يشكل المورد المالي لشريحة كبرى من المواطنين تتجاوز أعدادهم 2.7 مليون مواطن، معظمهم في مستوى عمري من 40-55 سنة وتأهيل غالبيتهم شهادة الثانوية فما دون، مؤكدا أن الهيئة ستسهم في إصلاح البيئة الاستثمارية للقطاع بحيث يتمكن المواطن من الاستثمار، والعمل في القطاع الذي تعاني منشآته حاليا من سيطرة العمالة الوافدة بشكل يجعل من الصعب على المواطن الاستثمار والعمل في هذا القطاع الحيوي الذي يمتاز بانتشاره في كافة مدن وقرى المملكة.
وتوقع أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، أن تستمر مصروفات الدولة كرواتب الأجور والمشاريع والاحتياجات الأخرى، ما عدا المشاريع التي لا تحتاج إلى سرعة في التنفيذ، مشيرا إلى أن القرارات الأخيرة الصادرة عن الدولة والتي تبين مدى توجهها إلى الموارد غير النفطية سيكون لها مردود إيجابي مستقبلا.
من جانبها، أكدت مدير عام أول باب رزق جميل للتوظيف النسائي، رولا باصمد، أن وجود هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يصب في مصلحة الاقتصاد بشكل عام، مبينة أن ما يهم هو أن تقوم بأدوارها بشكل صحيح لإيصال صوتها إلى الجهات العليا بشكل رسمي، وبالتالي تفتح خطا مشتركا ما بين أصحاب تلك المنشآت مع الجهات الرسمية لإزالة العقبات التي تواجه تلك المشاريع فيما يتعلق باستخراج التصاريح وغيرها.
وبينت رولا باصمد أن الهيئة الجديدة ستنعكس إيجابا على هؤلاء الشباب والشابات، لتقديم مزيد من الإبداع والتطور وعدم الوقوف أو الرجوع إلى الوراء بسبب بعض الإجراءات التي تغيب عن أذهانهم، مشيرة إلى أن وجود هيئة لتقديم هذه الخدمات لأصحاب تلك المنشآت سوف يؤثر إيجابا على اقتصاد وموازنة الدولة وعلى المنتج السعودي بصفة خاصة لأنها سوف تزيد من العدد، خصوصا مع انتشار الفكر والوعي بالمشاريع الصغيرة.
وأكملت مدير عام أول باب رزق جميل للتوظيف النسائي: "مع هذه القرارات الجديدة التي تبين مدى توجهات الدولة للاعتماد على الموارد غير النفطية، نتمنى أن تمضي الدولة بالتركيز على الموارد النفطية وغير النفطية لتواكب العالم الذي أصبح يشهد تسارعا كبيرا".
وأوضح الخبير الاقتصادي عصام الزامل، أن الميزانية دائما ما تتحدد بتوقعات الدولة بخصوص الإنفاق والإيرادات واحتياجها لمستوى إنفاق معين، مبينا أن خيار التقليل في العجز والإنفاق بالميزانية سيؤدي إلى تباطؤ حاد في الاقتصاد، فكل 10 % تخفيض في الإنفاق الحكومي ربما يؤدي إلى انكماش بنسبة 3 % من الناتج القومي، موضحا أن من الجيد التقليل من الإنفاق والتركيز على تنمية القطاعات المنتجة مثل الصناعة وغيرها.
وبين عصام الزامل أنه لا يمكن الاستمرار في مستوى الإنفاق الحكومي في حال استمرار أسعار النفط في الانخفاض، لأنه بعد أكثر من 5 سنوات ستواجه المملكة مشكلة حقيقية، مؤكدا أن هناك استراتيجية جادة للاستمرار في الإنفاق على نفس المستويات تقابلها خطة حاسمة لبناء اقتصاد منتج يضمن مصادر دخل غير نفطية.
وذكر الزامل أن قرار إنشاء هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة سيحتاج إلى تهيئة الأرضية لنمو هذه الشركات وستحتاج إلى ثلاثة أعوام لكي يتم تفعيلها على أرض الواقع، وبالتالي ستكون محركا اقتصاديا، كونها ستتحول لاحقا إلى منشآت كبيرة تدفع بعجلة الاقتصاد وتزيد من حجم الناتج المحلي.
ويرى الدكتور توفيق السويلم أن قدرة الاقتصاد السعودي كبيرة على خلق الوظائف الجديدة خلال الفترة المقبلة مع تأسيس الهيئة الجديدة والقضاء على تشوهات سوق العمل والحد بشكل كبير من البطالة مع وجود مليون و971 ألف ترخيص للمنشآت والمعارض والمحلات التجارية الصغيرة في البلاد من المنتظر أن تكون قادرة على خلق وظائف للسعوديين.
وأكد عضو مجلس الإدارة بغرفة الرياض رئيس مجلس الأمناء بمركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة المهندس منصور بن عبدالله الشثري، أن الهيئة ستكون كمظلة مؤسسية واحدة تتكامل فيها جهود مختلف الجهات الحكومية والخاصة لدعم هذا القطاع الذي تشكل منشآته أكثر من 99 % من أعداد المنشآت التجارية في المملكة. وتوقع رئيس مجلس الأمناء بمركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة أن تتمكن الهيئة من إيجاد تعريف موحد للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوحيد وتطوير سياسات وأنظمة التمويل، والعمل على بناء آلية موحدة لتعاون الجهات الحكومية فيما بينها لدعم نمو منشآت هذا القطاع المهم، وتفعيل مبادرات العناقيد الصناعية والتجارية التي تحقق التكامل بين المنشآت الصغيرة والكبيرة.
من جهته، قال مدير دار الخليج للدراسات والاستشارات الاقتصادية الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السويلم، إن إنشاء هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة يأتي استشعارا من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لأهمية ودور هذا القطاع الحيوي والمهم، لافتا إلى أن هذا القطاع محليا يشمل مئات آلاف من المنشآت مع وجود أكثر من 850 ألف منشأة تجارية صغيرة في مقابل 30 ألف شركة تجارية.
أرسل تعليقك