بيروت ـ العرب اليوم
أكد رئيس جمعية مصارف لبنان، جوزيف طربيه، أن إمكانات لبنان الحالية تؤكد قدرته على تغطية الاستحقاقات في آجالها المحددة، من دون التوسع في الدَيْن العام، مشددًا على أن الدولة ليست في خطر داهم، ولو أن الوضع كذلك لما استمر تدفق الودائع إلى القطاع المصرفي من الأفراد والمصارف الخارجية.
ولفت طربيه، في اللقاء الدوري الذي يعقده مع الإعلام الاقتصادي لعرض التطورات الاقتصادية والمالية، إلى أن الاقتصاد نما بنسبة ضعيفة قاربت 1%، وأن الإيجابيات تمثّلت في تراجع طفيف في أسعار السلع والخدمات، واستقرار مستوى الأجور ومعدّلات الصرف والفوائد، ملاحظًا حدوث اختلال متكرّر في المدفوعات الخارجية، إذ سجّل ميزان المدفوعات عجزاً بلغ 3.4 بليون دولار، رغم تدني العجز في الميزان التجاري بنحو بليوني دولار، ما يعني أن ثمّة انخفاضًا ملحوظًا في التدفقات المالية الوافدة وتحديدًا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأبرز أن القطاع المصرفي حقق نموًا في الودائع نسبته 5% ويعني هذا المعدَّل زيادة في الودائع قيمتها 7.3 بليون دولار خلال العام الماضي، مؤكدًا أن هذا الحجم أكثر من كافٍ لتغطية الحاجات التمويلية للاقتصاد بقطاعَيْه العام والخاص، والتي لم تتعدَّ في مجموعها 3.1 بليون دولار، وأن رؤوس أموال المصارف وأموالها الخاصة قاربت مستوى تاريخيًّا بالغة 16.7 بليون دولار، إذ أُضيف 937 مليون دولار خلال العام الماضي، وهذه الإضافة تتّصف بكونها موارد طويلة الأجل يمكن استعمالها في عمليات الإقراض المتوسط والطويل الأجل، مقدّرًا تجاوز معدل الملاءة في القطاع 14% وفقًا لمعايير "بازل 3".
وانسحب النمو أيضًا على نشاط التسليف، إذ أكد طربيه أن قروضنا للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم من دون احتساب التسليفات لمصارف الأعمال والاستثمار، قاربت 54.2 بليون دولار، أي بزيادة 3.3 بليون دولار ونسبتها 6.5% مقارنة بنهاية العام 2014، وأنه مع تراجع الاستثمارات الخاصة المحلية الوافدة، فإن التسليف المصرفي يصبح السبب الأول والأهم للنمو الاقتصادي ولو بنسبة ضئيلة.
وأضاف: لولا هذا النشاط التسليفي لكان الناتج المحلي نما سلبيًّا بحدود 1.5%، وأن القروض الشخصيّة زادت في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، بنسبة 7.5%، وتشمل تلك التعليمية (10.6%) والسكنية (8.3%)، فيما أمّن القطاع من خلال آليات الإقراض السكني مسكناً لنحو 112 ألف أُسرة لبنانية في المناطق، ما رفع حجم محفظة القروض السكنية إلى نحو 10.7 بليون دولار نهاية تشرين الأول أكتوبر الماضي، لافتًا إلى إضافة نحو 7 آلاف قرض جديد إلى هذه المحفظة خلال العام الماضي وحده، كدليل على أن الاستقرار الاجتماعي هو من أولويّات المصارف.
وذكر أن الإحصاءات تُظهر أن مجموع التسليفات المدعومة الفوائد بين العام 1997 ومنتصف العام 2015 وصل 9694 بليون ليرة "6.4 بليون دولار"،. وشكّلت حصة الصناعة 59% والسياحة 30% والزراعة 11%، وبلغت القروض للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة بضمانة شركة "كفالات" 93 مليون دولار خلال العام الماضي مقابل 110 ملايين العام 2014 ، استفادت منها 677 مؤسّسة في مقابل 838.
وأوضح طربيه أن النتائج الأولية تفيد بأن معدّل الربحيّة على الأموال الخاصة فاق 9% وبقيَ بحدود 1% على متوسط الموجودات، معتبرًا أن هذه المعدّلات جيّدة بالمقاييس العالمية والإقليمية، ومشيرًا إلى أن العام الماضي شهد إصدارين لسندات يوروبوند بقيمة 3.8 بليون دولار لآجال تراوحت بين 10 و20 عامًا، واكتتبت المصارف في جزء كبير منها، وباتت تحمل في موازناتها 70% من محفظة سندات يوروبوند، و54% من مديونية الدولة العامة بالليرة والعملات الأجنبية، وأن القطاع المؤلّف من 69 مصرفًا يساهم في 6% في الناتج، ويستخدم 24 ألف موظف.
ولم يغفل الحديث عن الإنجاز التشريعي الذي تحقّق والمتمثّل بإقرار مشاريع القوانين المالية الأربعة حول تبادل المعلومات الضريبية، وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال، والتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، واتفاق الأمم المتحدة المتعلّق بتجفيف مصادر تمويل التطرف، ورأى أنها توجّه رسالة قوية حول جدّية التزام الدولة اللبنانية والقطاع المصرفي على هذا الصعيد، وتعزّز تعامل القطاع المصرفي اللبناني مع الأسواق العالمية والمصارف المراسلة.
وأشار إلى أن إعلان مجموعة العمل المالي "غافي" استكمال القطاع كل الإجراءات المطلوبة، يعني أن لبنان قيد المتابعة، إذ بعد صدور هذه القوانين حصل على تنويه "غافي"، لافتًا إلى أن المصارف تتلقى سنويًّا جوائز تنويه من المصارف المراسلة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا للعمليات المصرفية المنجزة من دون أخطاء أو مراجعة فيها، كما تُعيد للبنوك جزءًا من العمولات التي تحصل عليها نتيجة عدم إرباكها، مبديًّا اندهاشه مما صدر من عناوين أخيرًا بشأن انسحاب "البنك الأهلي التجاري السعودي" من لبنان، وداعيًّا إلى عدم تعظيم الأمور بهذا الشكل لأنه إساءة للبنان، وأن المصرف مهم جدًا في بلده، فهو يملك فرعين صغيرين في لبنان وحجم الودائع فيهما 9 ملايين دولار، وأن الأمر لا يعبّر عن خروج سعودي من القطاع المصرفي اللبناني بل عن إرادة المصرف بأنه لا جدوى اقتصادية للبقاء في السوق اللبنانية.
أرسل تعليقك