أعلن محافظ مؤسسة "النقد العربي السعودي" فهد بن عبدالله المبارك، أنَّ الهدف من إنشاء مجلسين للشؤون السياسية والأمنية إلى جانب مجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية هو تعزيز فاعلية اتخاذ القرار وتنسيق الجهود والمهام في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
ويرى المبارك أنَّ القرارات التي اتخذها الملك سلمان بن عبدالعزيز في الأسبوع الأول من توليه مقاليد الحكم تأتي لمواصلة السياسات التنموية التوسعية التي حققت إنجازات ضخمة وشاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.
جاء ذلك خلال ورشة عمل عن السياسات الاقتصادية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة، أقيمت في معهد الإدارة العامة في الرياض.
وأضاف المبارك أنَّ دور السياسات الاقتصادية يأتي في المقدمة، وأنَّ أكثر ما يمكن أن يؤثر على التنوع في السياسات هو السياسة المالية والسياسية النقدية إلى جانب السياسة البترولية للمملكة.
وأكد محافظ البنك المركزي السعودي "مؤسسة النقد" أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية مع اشتراط وجود المرونة للتعامل مع التقلبات التي تحدث في أسواق النفط والمال العالمية.
وأوضح المبارك أنَّه "من المعروف عن المملكة أنَّها تسعى دائما لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد ويخدم مصالح الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل".
وأشار المبارك إلى أنَّ سياسات السعودية الاقتصادية ركزت على أربعة مجالات حيوية في مقدمتها تنمية وتطوير القوى البشرية الوطنية، وتحديث وصيانة مشاريع البنية التحتية، وإطفاء الدين العام، وبناء الاحتياطيات المالية للدولة بهدف مواجهة الدورات الاقتصادية والتطورات غير المواتية في الأسواق العالمية.
وتابع "تجاوبا مع هذا التوجه، شهدت السياسة المالية توسعا مستمرا وكبيرا في السنوات العشر الماضية، وتضاعف إجمالي المصروفات الفعلية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، وهذه أطول فترة انتعاش يشهدها الاقتصاد الوطني في تاريخه، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بمتوسط سنوي نسبته 7.5%.
واستطرد "في المقابل، سعت السياسة النقدية إلى اتخاذ عدة إجراءات احترازية للحد من أثر التوسع المالي على مستويات التضخم خلال العام 2007م ومعظم العام 2008م، إلا أنها اضطرت إلى إتباع سياسة نقدية توسعيه في الربع الأخير من العام 2008م للتعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار المالي، ودعم النشاط الاقتصادي المحلي عبر تعزيز السيولة. وبفضل الله، تجاوز القطاع المالي تداعيات تلك الأزمة، وبدأت معدلات التضخم في الانخفاض المستمر لتبلغ في العام 2014م نحو 2.7%".
وتحدّث بإسهاب عن السياسات المالية والنقدية للسعودية، تحدث عن الإنجازات الاقتصادية في المملكة خلال العقد الماضي، موضحًا أنَّ "من أبرز ما تم تحقيقه تضاعف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع الخاص بأكثر من الضعفين، وكذلك الصادرات غير النفطية بنحو ثلاثة أضعاف خلال نفس الفترة.
وجاء ذلك نتيجة الإنفاق السخي للدولة على تطوير البنية التحتية للاقتصاد وتنمية الموارد البشرية، كما تراجعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 1.6% في نهاية العام 2014م.
وعلى الصعيد النقدي والمصرفي، تضاعفت السيولة المحلية بنحو ثلاثة أضعاف ونصف، كما زادت مطلوبات المصارف من القطاع الخاص بنحو أربعة أضعاف.
ونتيجة لهذه التطورات، تحسن تقييم المملكة في التقارير العالمية مثل تقرير التنافسية وتقرير مزاولة الأعمال، كما رفعت مؤسسة فتش العالمية تصنيفها الائتماني للمملكة في عام 2014م من –AA إلى AA مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وتحققت هذه الإنجازات على الرغم مما يعصف بمنطقة الشرق الأوسط من أزمات متنوعة لم تشهد لها مثيلا في تاريخها الحديث".
أما التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي فسردها المبارك على النحو التالي، مبيَّنًا أنَّ "أبرز هذه التحديات الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل والقاعدة الإنتاجية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، فرغم استمرار نمو ناتج القطاع الخاص بشكل مستمر وملحوظ منذ أكثر من ربع قرن، ومن التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، تواضع توطين القوى العاملة المحلية في القطاع الخاص".
وأضاف محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي إلى التحديات السابقة تحديًا جديدًا وهو ضرورة رفع مستوى كفاءة الاستخدام الداخلي للطاقة والمياه ويرى المبارك أن ذلك يتطلب إعادة النظر في سياسة دعم الأسعار واستبدالها بشكل تدريجي مدروس.
وعن التحديات التي قد تواجه الاقتصاد السعودي على المدى القصير: "تراجع أسعار النفط بشكل كبير مثلما حدث خلال الأشهر الماضية مما أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية التي تشكل نسبة عالية من إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة، وكما تبين في إعلان الميزانية العامة للدولة، من المتوقع أن ينتج عجز في هذا العام، وكما ذكرت آنفا أن الدولة قد انتهجت أسلوب بناء الاحتياطيات المالية لمواجهة مثل هذه التقلبات في أسعار النفط، والخيارات مطروحة الآن للنظر في المناسب منها لتمويل هذا العجز إما من السحب من هذه الاحتياطيات أو الاقتراض من السوق المالية المحلية التي تتسم بتوفر السيولة وانخفاض معدل تكلفة الإقراض، أو ربما من الاثنين معا".
أرسل تعليقك