ينتظر موظفو قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 50 ألف موظف، تمَّ تعيينهم بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، رواتبهم عقب انقطاع دام عدة أشهر، خصوصًا أنَّهم تأمَّلوا صرفها من قبل حكومة التوافق الوطني التي تشكّلت في مطلع حزيران/ يونيو المنصرم.
ولا يختلف حال الموظفين عن أحوال باقي سكان القطاع الذي يعاني وضعًا اقتصاديًا مترديًا نتيجة إغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الإنشائية والمعدات، حيث لا زالت سلطات الاحتلال تواصل سياسة الحصار ومنع إدخال مستلزمات القطاع، وحول ما يشاع عن تسهيلات لغزة، فلا تزال بسيطة جدًا، تكاد لا تُذكر ولا تغطي حاجات القطاع.
وأكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، أنَّه لابدَّ من الفصل بين مرحلتين، مرحلة الانقسام البغيض وما بعده، قائلًا "لنصنع لأنفسنا شيئًا مختلفًا عمَّا مضى".
ووصف أبو مرزوق في تصريح على صفحته الشخصية في الـ"فيسبوك"، تصريحات رئيس الحكومة رامي الحمد الله، التي أعلن فيها التوصل لاتفاق مع دولة قطر بتنسيق مع الأمم المتحدة لتأمين صرف دفعة مالية قبل نهاية الشهر الجاري لعدد من الموظفين المدنيين في قطاع غزة، بالإيجابية.
وتابع أبو مرزوق: "رغم أنَّها مسؤولية الجميع إلا أنَّها تبدأ من رأس الهرم"، لافتًا إلى أنَّ تصريحاته وتصريح رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله، جاءت بعد الكلام
السلبي الكثير عن الأيام المقبلة، مبينًا أنَّها في الطريق الصحيح.
وأضاف "كثير أولئك الذين قرؤوا التفاهمات الأخيرة بين فتح وحماس بعين الريبة والتشكك، وللحقيقة أنَّ فقدان الثقة، وكثرة التصريحات المحبطة، وقلة التطبيق لما يتم الاتفاق عليه، عوامل لا يمكن تجاهلها".
وأشار إلى أنَّ الجميع يريد الكثير من النوايا الطيبة، والتفسيرات الايجابية، مضيفًا "يجب ألا ندير حواراتنا عبر الإعلام، وأن نحيي العدالة والمسؤولية الوطنية فيما بيننا".
ومن جهته أعلن وزير العدل الفلسطيني “سليم السقا” أنَّ الحكومة الفلسطينية ستصرف سلفة مالية بقيمة 1000 دولار لموظفي حكومة غزة السابقة المدنيين وذلك على حساب الراتب الشهري الجاري إلى حين تسوية أوضاعهم بالكامل.
وأوضح السقا في تصريحات صحافية مساء السبت، أنَّ هذه الخطوة تأتي طبقًا لتوصيات اللجنة الإدارية القانونية، مؤكدًا أنَّ الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله ستعقد اجتماعًا لها الخميس المقبل في قطاع غزة.
يُشار إلى أنَّ موظفي حكومة غزة السابقة المدنيين والعسكريين لم يتقلوا أي راتب أو سلف مالية منذ تولي حكومة التوافق مهامها بداية حزيران/ يونيو الماضي.
وأكدت مصادر خاصة لـ"العرب اليوم"، أنَّ الحكومة السويسرية تشرف على صرف رواتب موظفي غزة، مضيفة أنَّه تمَّ تحويل مبلغ 15مليون دولار إلى بنك فلسطين لتصرف لأكثر من 19ألف موظف مدني حيث أنَّ البنك ينتظر أوامر وزارة المالية بتوزيع المبلغ على فروع البريد المنتشرة في القطاع.
وبيّنت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أنَّ الحكومة السويسرية تدير الأمر بهدف إنهاء مشكلة موظفي غزة بشكل كامل، مشيرًا إلى احتمالية صرف رواتب منتسبي جهاز الشرطة بكل تفريعاته خلال دفعة الشهر المقبل.
وأشارت إلى أنَّه تم قطع شوط كبير بخصوص رواتب الموظفين العسكريين لمعالجة مشكلتهم بشكل نهائي أسوة بنظرائهم من المدنيين، متوقعًا أن تتكفل قطر والسعودية بدفع هذه المبالغ بإدارة المؤسسة السويسرية التي تسلَّمت كشوفات الموظفين بكامل بياناتهم.
ونوَّهت المصادر إلى أنَّ الحكومة السويسرية اشترطت لتسلم الملف، عدم خصم أيَّ مبلغٍ مالي من رواتب موظفي غزة لصالح أي قروض أو شيكات أو معاملات بنكية الأمر الذي وافقت عليه كل الأطراف.
من جانبه، أضاف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور محمود الزهار في تصريح صحفي: إنَّ التفاهمات التي اتفقت عليها حركتا فتح وحماس الخميس الماضي في القاهرة، الهدف منها تسيير عملية فتح معابر القطاع، وعودة موظفي غزة المصنفين على أنَّهم "غير شرعيين" إلى الحكومة كموظفين لهم كامل الحقوق.
وأوضح أنَّ بقية القضايا التي تمَّ نقاشها كانت ماولة للإجابة عمليًا عن بعض الاتفاقات السابقة بين "حماس" و"فتح" مثل تفعيل المجلس التشريعي، وأمور متعلقة بحكومة التوافق الوطني، لافتًا إلى أنَّ حركة "فتح" لم تكن تعترف بالموظفين المدنيين في حكومة حماس السابقة ولكنَّها اعترفت في الاتفاق الأخير معها.
وكشف الزهار، أنَّ دولة سويسرا هي "الجهة الدولية" التي ستُموِّل رواتب موظفي حكومة "حماس" السابقة في غزة، قائلًا "سويسرا هي الجهة الدولية التي ستموّل رواتب موظفي قطاع غزة المدنيين في هذه المرحلة".
وكان رئيس حكومة التوافق الفلسطينية، رامي الحمد الله، قال يوم السبت، إنَّ جهة دولية ستتكفل بدفع رواتب موظفي غزة المدنيين، خلال المرحلة المقبلة، رافضًا الكشف عن هذه الجهة.
ويُقدَّر عدد موظفي حكومة "حماس" السابقة، الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ شهر مايو/ أيار الماضي، لعدم إدراجهم في قائمة ديوان الموظفين الفلسطيني، بنحو 45 ألف
موظف، وتبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة 40 مليون دولار.
واتفقت حركتا "حماس وفتح"، مساء الخميس الماضي، عقب لقاءات وفدين من الحركتين في القاهرة على تنفيذ بنود اتفاق المصالحة الأخير، الذي وقع عليه في أبريل/نيسان الماضي، وتجاوز جميع العقبات التي اعترضت تطبيق بنوده، وتمكين حكومة التوافق الوطني من بسط سيطرتها على قطاع غزة.
وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام، وقعت حركتا "فتح" و"حماس" في 23 أبريل/ نيسان 2014، اتفاقًا للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وأعلن في الثاني من يونيو/ حزيران الماضي عن تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، حيث أدى الوزراء اليمين الدستورية أمام عباس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، إلا أنَّ هذه الحكومة لم تتسلم حتى اليوم المسؤولية الفعلية في القطاع.
من جهتها، أشادت نقابة الموظفين بصرف وزارة المالية في غزة سلفة للموظفين المحسوبين على حكومة غزة السابقة، بقيمة 200 دولار.
ودعا المتحدث باسم النقابة خليل الزيان، حكومة التوافق للاعتراف بشرعية الموظفين، وصرف رواتب حقيقية لهم، خصوصًا في ظل المعاناة التي يتعرضون لها.
وتابع "إنَّ أيَّ دور للتخفيف من معاناة الموظفين أمر مقدر، لكن المطلوب هو وضع حد لمعاناة الموظفين الممتدة منذ أشهر طويلة، والعمل على إنهاء المأساة التي ألمَّت بعوائلهم".
وأكدّ أنَّ الموظفين الذين يخدمون منذ أشهر بلا مقابل، ومن خدموا في ظل الحرب والدمار، هم موظفون شرعيون، ولا يجوز التلكؤ في حل مشكلاتهم.
أرسل تعليقك