صرّح دنجوان السينما المصرية الفنان أحمد رمزي قبل وفاته بشهور قليلة، بأن التمثيل والفن لم يخطر في باله، وأنه جاء بالمصادفة ولم يخطط له يومًا، وأن التمثيل مهنة شاقة للغاية يجعل الفنان يصل إلى الشيخوخة مبكرًا.
وأكد رمزي أن طريقة دخوله إلى الفن كانت بقصة طريفة جدًا وغريبة في الوقت نفسه، وأنه لم يكن يحلم أن يصبح ممثلًا، و لم يخطر في باله كيف سيكون ذلك.
وأفاد: "كان عمر الشريف صديقي جدًا وهو من فتح شهيتي للتمثيل، وكنت أذهب معه إلى جروبي، وأجلس معه بالساعات، وفي يوم كان هناك يوسف شاهين وجلست معه لساعات طويلة وبعدها لم أقابله، وفوجئت بعمر الشريف في يوم يخبرني بأن يوسف شاهين اختارني لبطولة فيلم صراع في الوادي، وكان ذلك عام 1954 ولكني فوجئت بأن شاهين أسند دوري لعمر، ووقتها لم أحزن لأن حلم السينما لم يكن يراودني".
وأضاف: "بعدها كنت جالسًا في إحدى صالات البلياردو، حيث كنت أهوى هذه اللعبة كثيرًا، فشاهدني المخرج حلمي حليم، وعرض عليّ العمل كممثل فوافقت كنوع من التجربة وقمت ببطولة أولى أفلامي وهو فيلم أيامنا الحلوة، وكان عبد الحليم حافظ وقتها وجهًا جديدًا في الفيلم، والطريف أن عمر الشريف كان معي في هذا الفيلم كبطل أيضًا، وكان هذا عام 1955، وتلك كانت بدايتي".
وتابع: "كان لأول يوم تصوير قصة مثيرة، قضيت يومين قبل ذلك أضع الماكياج وأنتظر في البلاتوه ثماني ساعات ثم أعود إلى البيت دون أن أفعل شيئًا، وفي اليوم الثالث خرج الجميع من البلاتوه بعد أن أدوا أدوارهم وبقيت أنا وزينات صدقي، وعرفت زينات أن هذه هي المرة الأولى التي أقف فيها أمام الكاميرا فراحت تطمئنني وتشرح لي المواقف وكيف تؤدى بصورة طبيعية لأن المتفرج يحب الطبيعة في كل شيء، وكان درس عدم التكلف هو سر نجاحي، فإذا كنت أذكر لحلمي حليم فضل أنه أعطاني أول فرصة، فإنني لا أنسى للفنانة العظيمة زينات صدقي أنها صاحبة فضل عليّ في أول يوم وقفت فيه أمام الكاميرا".
واعترف رمزي باعتزازه بفيلم " ثرثرة فوق النيل" لأنه يضم مجموعة من عمالقة الفن مثل نجيب محفوظ ، وحسين كمال، ونفى وجود مشاعر غيرة بينه وبين الفنان رشدي أباظة، كما أنه كشف أن أباظة كان متعدد العلاقات النسائية، وتحدث عن الفنان عادل أدهم وكيف أنه ساعده للدخول في الوسط الفني، مردفًا: "كان يعمل في الإسكندرية في البورصة واستقال وغادر الإسكندرية وتوجه إلى القاهرة، واقترحت عليه أن يشترك معي في فيلم فتاة شاذة، فكل فنان يحتاج إلى الخطوة الأولى فقط، ثم إن استمراره في التمثيل يتوقف على موهبته، وكان عادل أدهم موهوبًا بالفعل".
وأوضح أن كل الأعمال التي قدمها يعتز بها وقريبة من قلبه ولكن الأقرب إليه "صراع في الميناء"، مع فاتن حمامة وعمر الشريف، وكذلك فيلم "لن أعترف" مع فاتن وأحمد مظهر، و"أيام وليالي" مع عبد الحليم، و"الأخ الكبير" مع فريد شوقي وهند رستم، و"الأشقياء الثلاثة" مع سعاد حسني وشكري سرحان، وأكد أن فيلم "ثرثرة فوق النيل" أجمل ما قدمه للسينما المصرية.
وانتقل للتحدث عن قصة فيلم "الأنجيل"، ومنعه من الاشتراك فيه، وقال: "كنت سأعمل في هذا الفيلم بعد أن تقابلت مع مخرجه الذي يعد من أكبر المخرجين العالميين ورشحني ولكن حدثت بعض المعوقات سببها فتحي إبراهيم الذي كان يشرف على الإنتاج المشترك لأنه كان لا يحبني فقالوا لي وقتها هناك أوامر من فوق منعتك".
وبيّن رمزي أنه لم يعتزل الفن يومًا بل الفن هو الذي اعتزله، وأنه تم تجاهله من قبل المخرجين والمنتجين، وتحدث عن وفاة والده، موضحًا أنه مات إثر حزنه الشديد على ثروته الكاملة التي خسرها في البورصة وكان عمره وقتها (8 أعوام).
وكشف عن علاقاته النسائية، واعترف بتعدد علاقاته منذ سن الثامنة من عمره، وتحدث عن حبيبته الأولى والتي تدعى "باولا"، ولم ينس هذا الحب لأن الظروف العائلية فيما بينهما هي التي منعت ارتباطهما، وبعد ذلك تزوج رمزي من صديقتها "نيكولا" يونانية الأصل .
وأكد أنه تزوج ثلاث مرات الأولى كانت عطية الله الدرمللي وأنجب منها ابنته الكبرى باكينام، ثم تزوج الراقصة نجوى فؤاد لمدة ثلاثة أسابيع فقط وانفصلا، أما آخر زوجة فكانت سيدة يونانية تدعى "نيكولا" وأنجب منها ابنه نواف وابنته نائلة، وهي تعمل محامية.
وتطرق للحديث عن علاقاته بزميلاته في الفن أمثال هند رستم وقال: "ياريت كنت تزوجتها كما قالوا"، واعترف بحبه للفنانة فاتن حمامة من طرف واحد، وصرّح بأنه لم يطلب الزواج من الفنانة صباح يومًا ولم يفكر في ذلك.
واستطرد في الحديث عن أبنائه وأحفاده: "أولادي هم كل شيء في حياتي، فهم ليسوا أولادي فحسب بالقدر من أنهم أصدقائي، فأنا أعيش في منزل ابنتي نائلة، وهي وابنتي باكينام تأتيان لي بصفة مستمرة وتتصلان بي هاتفيًا كل يوم، أما ابني المعاق نواف 38 عامًا، تعلمت منه أشياء كثيرة جدًا مثل الصبر وعدم التسرع، وهو دائمًا هناك في لندن، لأن هناك تسهيلات أكثر للمعاقين، أما أحفادي فهم أغلى عندي حتى من أولادي، وأكون مستمتع جدًا عندما أشاهدهم يلعبون من حولي، خصوصًا حفيدي رمزي وهو 8 أعوام شقي جدًا يكسر كل قطعة في البيت واعشقه كثيرًا".
ويذكر أن أحمد رمزي ولد في محافظة الإسكندرية لأب طبيب مصري هو الدكتور محمود بيومي، وأم اسكتلندية هي هيلين مكاي، وشقيقه الفنان الكوميدي سيف الله مختار، واختار التمثيل وقدم العديد من الأفلام الكثيرة الناجحة، ولكنه في منتصف السبعينات قرر الاعتزال لسبب أنه شعر أن الأوان لم يعد له، مع بروز نجوم شباب مثل نور الشريف ومحمود ياسين ومحمود عبد العزيز، فاختار الابتعاد حتى تظل صورته جميلة في عيون جمهوره الذي اعتاد عليه بصورة معينة.
وكان الاعتزال الذي استمر لأعوام عدة أعقبها عودته بعد أن نجحت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في إقناعه بالعودة إلى التمثيل من خلال سباعية "حكاية وراء كل باب" التي أخرجها المخرج سعيد مرزوق.
وبعدها كان قرار أحمد رمزي بالغياب مرة أخرى، بسبب انشغاله في مشروع تجاري ضخم اعتمد على بناء السفن وبيعها وهو المشروع الذي استمر يعمل فيه طيلة عقد الثمانينات، وحتى بداية التسعينات حين اندلعت حرب الخليج الثانية وتأثرت تجارة رمزي إلى الحد الذي بات فيه مديونًا للبنوك بمبالغ ضخمة تم بمقتضاها الحجز على كل ما يملك.
وفي منتصف التسعينات كان قرار رمزي بالعودة إلى عالم التمثيل مرة أخرى من خلال أعمال عدة بدأها بفيلم "قط الصحراء" مع يوسف منصور ونيللي، وفيلم "الوردة الحمراء" مع يسرا، ومسلسل "وجه القمر" مع فاتن حمامة.
وتوفي عن عمر يناهر (82 عامًا)، إثر جلطة دماغية شديدة الحدة فور سقوطه على الأرضية بعد اختلال توازنه في حمام منزله في الساحل الشمالي أثناء توجهه للوضوء لصلاة العصر في الجمعة 28 أيلول / سبتمبر 2012، وشيعت جنازته بشكل بسيط جدًا في أحد مساجد الساحل الشمالي، ودفن هناك بشكل في غاية الهدوء بناءً على وصيته.
أرسل تعليقك