يصنع السينمائيون أفلامهم ويتطلعون لتوقيت عرض مناسب لها، وقد لا يحالفهم الحظ في ذلك، ويفقد الفيلم جانباً مهماً في ترويجه، لكن فيلم «تماسيح النيل» الذي بدأ عرضه بدور السينما بالقاهرة، يبدو أنه جاء في توقيته المناسب تماماً لتزامنه مع إجازة منتصف العام الدراسي، فهو فيلم عائلي بسيط، لا يطرح قضايا أو أزمات، ويبدو أبطاله وكأنهم في نزهة بالفعل، وقد حقق البرومو الرسمي له قبل إطلاقه أكثر من مليون مشاهدة بمجرد طرحه، كما حققت أغنية «تماسيح النيل» للمطربة الشعبية نعوم، ومطرب المهرجانات أورتيجا نجاحاً لافتاً.
ينتمي فيلم «تماسيح النيل» لنوعية أفلام «Light Comedy»، ويقدم قصة بسيطة ومشاهد مبهجة، واستعراضات راقصة، ومواقف ضاحكة، ويحمل رسالة أخلاقية، ومناسب للأسر؛ إذ لا يتضمن مشاهد لا تليق بالصغار، ما يجعله ملائماً لأجواء إجازة منتصف العام الدراسي، حيث يشد الطلاب والأسر الرحال إلى مدينتي الأقصر وأسوان بجنوب مصر، في رحلات تنظمها المدارس والجامعات؛ بحثاً عن الدفء والشمس المشرقة، بعد أيام سادت فيها أجواء شديدة البرودة، وهبطت فيها درجات الحرارة إلى أدنى مستوياتها.
على غرار أفلامه السابقة «الحارة»، و«الفرح»، و«الليلة الكبيرة»، وحتى فيلمه الذي يصوره حالياً «ليلة العيد»، يحشد المخرج سامح عبد العزيز أعداداً كبيرة من الممثلين والممثلات في فيلم «تماسيح النيل»، من بينهم بيومي فؤاد، وسليمان عيد، ومحمد ثروت، وبدرية طلبة، ونجوم مسرح مصر: مصطفى خاطر، وحمدي الميرغني، وويزو، وكريم عفيفي، إلى جانب الفنان خالد الصاوي، والفنانة السورية سوزان نجم الدين، وهنادي مهنا، وشريف حسني، ولما كتكت، في فيلم من إنتاج راني مسحال، نجل المنتجة الفلسطينية الراحلة مي مسحال التي أنتجت عدداً من الأفلام المصرية منها «ليه يا بنفسج»، و«30 مارس».
فكرة البطولة الجماعية بهذا الحشد قد تثير أزمات حول ترتيب أسماء أبطال الفيلم، لكن المخرج يحلها بعدم ذكر أسماء الممثلين على الأفيش مكتفياً بصورهم، ويفعل الشيء نفسه في «تيتر» المقدمة أيضاً.
ورغم أن عنوان الفيلم يوحي للبعض بأن أبطاله مثل التماسيح يصارعون مغامرات في النيل، فإن المخرج سامح عبد العزيز اعتمد في اختياره هذا الاسم على «إفيه» يأتي على لسان أحد الممثلين، لكن تم حذفه خلال مرحلة المونتاج. بحسب صناع العمل.
يصحبنا الفيلم في أجواء رحلة نيلية يقطعها مركب سياحي إلى مدينتي الأقصر وأسوان، حيث تبدأ المشاهد الأولى داخل المركب السياحي، يكشف عدد من المسافرين عن أسباب سفرهم هذه الرحلة، ومنهم الدكتور رأفت (خالد الصاوي) الأستاذ الجامعي لمادة الفلسفة الذي يحتضن ابنته الشابة (لما كتكت) ويذكرها أنه اصطحبها لهذه الرحلة لتنسى ما حدث، ونفهم أنها تخلصت لتوها من قصة حب فاشلة، في حين تأتي معهما شقيقتاه، بدرية طلبة وويزو، وزوجاهما محمد ثروت، ومحمد جمعة، اللذان يسعيان للاستفادة من ثراء شقيق زوجتيهما.
يظهر نجوم «مسرح مصر»، مصطفى خاطر وحمدي الميرغني وكريم عفيفي، ضمن طاقم العاملين بالمركب السياحي، في حين تجسد هنادي مهنا شخصية المطربة «فرح»، وتقدم عدداً من الأغنيات والاستعراضات برشاقة وحضور لافت، وتغني «الأقصر بلدنا» بالملابس الصعيدية، بينما يجسد مصطفى خاطر شخصية المطرب «هشام» ويؤدي أغنية ناجحة بصوته.
يتعرض الدكتور رأفت لعملية نصب داخل المركب يشارك فيها «هشام» الذي يدعي مرض طفلته الوحيدة، وحاجته إلى نقود لإجراء جراحة لها، ويتقرب لرأفت الذي يقدمه الفيلم كشخص يتسم بالطيبة الشديدة، يهدد هشام بالانتحار لفشله في علاج طفلته، ويقدم صورها للأستاذ الجامعي حتى يقرر منحه كل ما يحتاج إليه، مؤكداً له أن المال لعنة الإنسانية في كل زمان ومكان.
وبينما ينشغل رأفت بـ«نادية» التي تجسدها (سوزان نجم الدين) المرأة الجميلة التي يلحظها على المركب، ويسعى للتعرف عليها، ويتابعها باهتمام، تتكشف الأحداث عن تورطها في عملية النصب، وكأن الجميع تكالبوا عليه للاستيلاء على ثروته، غير أن نادية تنسحب بعدما تشعر بعاطفة نحوه وتعترف بذلك في رسالة تتركها له، وتغادر المركب، ويتعرض رأفت لخدعة كبيرة لكنه يكشفهم جميعاً، ويلقنهم درساً مهماً في أن السعادة ليست في الأموال.
مشاهد معدودة يظهر فيها بيومي فؤاد بشخصية قبطان المركب، الذي لا يجيد العوم ولديه فوبيا من النهر؛ ما يثير الضحك من مواقف تجمعه ومساعده سليمان عيد.يقدم المخرج رؤية بصرية مبهرة عبر التصوير الخارجي، الذي يسيطر على أغلب مشاهد الفيلم، ويضفي حيوية كبيرة بكاميرا مدير التصوير جلال الزكي، التي تلتقط مشاهد رائعة لنهر النيل باتساعه، والمعابد الأثرية بمدينتي الأقصر وأسوان، على ضفتيه، بينما تقل المشاهد الداخلية وتكتسب شكلاً مغايراً داخل المركب السياحي، سواء داخل الغرف الأنيقة أو في مساحات خارجية والمركب يتحرك وسط النيل.
مخرج الفيلم سامح عبد العزيز كان وراء فكرة الفيلم، فقد أراد أن يصور فيلماً في الأقصر وأسوان، وقد طلب من كاتب السيناريو لؤي السيد، كتابة فيلم يجمع بين هؤلاء النجوم ويصور بالأقصر وأسوان. ويقول السيد : «كتبت الفيلم وفي ذهني كل ممثل؛ وهذا سهل علي الأمر، فأضفت بعضاً من ملامح كل فنان على دوره، وقدمت نجوم الكوميديا عبر قصة إنسانية بسيطة وإطار كوميدي خفيف، نحن لا نقدم فيلماً كوميدياً خالصاً، بل فيلماً إنسانياً به مواقف كوميدية تثير الضحك، وهذا ما أحرص عليه في كل أفلامي، ففي ظل طغيان المادة وسيطرتها على عقول الناس نقدم شخصية تملك الثروة لكنها تؤمن أنها ليست سبباً للسعادة إلا إذا ساعدت بها الآخرين».
قد يهمك ايضا
بيومي فؤاد يعتذر للشعب السعودي بسبب إعلان
بيومي فؤاد يشارك أحمد فهمي وهنا الزاهد في مسرحية "جوازة معفرتة"
أرسل تعليقك