أرسل منتج أميركي رسالة إلى العندليب عبدالحليم حافظ، ذات ليلة في شهر نيسان/ أبريل من العام 1967، يدعوه فيها إلى أداء دورًا في أحد أفلامه. وأضاف المنتج في رسالته: يسرني أن أبعث إليك بهذا السيناريو السينمائي الذي يحمل اسم "الرجل المسدس" وأرجو أن تقرأه وتخطرني إن كان يروق لك أن تلعب دور الشاب الإسباني "أميجو"؛ ولقد اقترحت اسمك على مخرج الفيلم مستر روبرت هاتون وقد وافق على اقتراحي، أنك يجب أن تغنى أغنية للفيلم.
وتابع: من المقرر أن تبدأ تصوير الفيلم في 12 حزيران/ يونيو 1967، ورأي الصريح يا عزيزي حليم أنَّ هذا الدور مهم جدا ومغري بل أني أؤيد المخرج في أنَّه يكاد يكون مرسوما لك.
وبدأت قصة ترشيح العندليب للفيلم العام 1965، عندما التقى عبدالحليم حافظ بمستر وليم موريس، الذي يتولى أعمال عمر الشريف واليزابيث تايلور وبورتون وأنطوني كوين، وأخذ الرجل يفحص عبد الحليم حافظ بعينه لمدة ربع ساعة دون أن يتبادل معه الكلام، ثم قال لسكرتيره: أرجو أن تحدد لي موعدًا غدًا مع مستر حافظ.
وعاد حليم في اليوم الثاني وجلس أمام وليم موريس وفتح وليم درج مكتبه واخرج منه أشرطة، وأخذ يقرأ على حليم المعلومات التي تلقاها من مكاتب شركته المنتشرة في أنحاء العالم والشرق الأوسط.
لقد كانت هذه الأشرطة تضم تاريخ حياة عبد الحليم منذ حفلة وجيه أباظة على مسرح الأندلس في احتفالات الثورة إلى آخر أفلامه "معبودة الجماهير"، الذي بيع في الدول العربية بثروة قدرت بمبلغ 95 ألف جنيه، بل إن الأشرطة حملت إليه الرقم الذي حققه آخر أفلامه في القاهرة والإسكندرية وهو مبلغ 25700 جنيه.
ويبدأ سيناريو الفيلم كما كتبه روبرت هاتون، بشابين يقومان بالسطو على أحد البنوك في تكساس ويطاردهما أحد رجال البوليس، فيطلق أحدهما الرصاص على الشرطي فيقتله، وعندما يجد اللصان مكانًا آمنًا، يعاتب احدهما زميله الذي قتل الجندي ويسأله لماذا قتله لقد كان يمكنك أن تصيبه فقط.
ثم يقرر الانفصال عنه ويطالبه بنصبيه لينصرف كل إلى طريقه ولكن القاتل لا يعطيه نصيبه، إنما يخرج مسدسه ويصوبه نحوه وبطلقة وهو يقول له هذا هو نصيبك.
ويهرب القاتل، ويطارده البوليس حتى يجتاز الحدود إلى المكسيك، بعد إصابته برصاصة في كتفه. وفى بيت أبيه؛ يُعالج ويعيش، ويكتشف أبوه كيس النقود، ويعتقد أنَّه اكتسبها بعرق جبيه، ثم يسافر الأب ويترك ابنه القاتل الهارب مع زوجته، التي يحاول أن يعتدي عليها.
ثم يظهر دور عبدالحليم حافظ "أميجو"، الذي يتقابل صُدفة مع القاتل، ويكتشف أنَّه هو الذي طلبت الشرطة توقيفه مقابل مكافأة قدرها 5 آلاف جنيه؛ ويواجهه حليم بالأمر، فيحاول القاتل أن يساومه إلا أنَّ حليم يُمسك بالمسدس ويوجهه ناحيته.
ويأخذ حليم، القاتل ويعبر به الحدود ويحاول أن يسلمه إلى السلطات لاستلام المكافأة، ولكن الأب يعود ويري ابنه وهو موجه له السلاح فيقتل الشخص الذي يهدد حياة ابنه ويموت عبدالحليم "أميجو".
وفى النزع الأخير يتغني بكلمات الأغنية ويقول: أنني أقاوم الشر بالشر ولكن، يوجد ناس كثيرون، يمكن أن يعالجوا الشر بالخير، ولا يموتوا بالرصاص مثلي.
الأغنية التي كان سيتغنى بها حليم هي أغنية باللغة الإنجليزية، ومأخوذة عن النغم الإسباني الشعبي المنتشر على ألسنة المطربين الرحالة المعروفين في إسبانيا ووسط أوروبا بـ"الغجر" وموضوع الأغنية هو "الخير والشر".
وبالرغم من أنَّ الإعلاميين والصحافيين في ذلك الوقت تمنوا من حليم أن يوافق على المشاركة في هذا العمل الكبير، وقال له الصحافي الراحل جليل البنداري "هذه هي فرصة عمره، فالطريق مفتوح الآن أمام عبدالحليم حافظ ليصبح واحدًا من نجوم العالم الذين يتخصصون في تمثل وغناء ألحان "الغجر"، فهي فرصة لا تعوض"، إلا أنَّ "النكسة" كتب نهاية الفيلم وجعلت من حليم صوت يحارب من أجل النصر.
أرسل تعليقك