دمشق ـ نور خوّام
أطلت النجمة السورية سلاف فواخرجي، في موسم دراما 2015 بثلاثة أدوار امتازت بالتنوع والابتكار، وقدمت عبرها أداء ملفتًا يخطف الأنفاس، فمن "شهيرة" التي أوقعت "أبو عبدو" أيمن رضا، صريعا لخشخشة أساورها في "حارة المشرقة"، واستخدمت جمالها حتى أقصى حد؛ لإيقاع الرجال في مصيدتها، انتقاما لبراءةٍ انتهكها زوج أمّها، وأنوثةٍ ازدراها زوجها "عيد" محمد حداقي.
وظهرت في "لمى" المرأة السوريّة التي تلمح بين مفردات حكايتها مأساة وطن "بانتظار الياسمين"؛ تفقد الزوج، والأمان، وتنزح إلى حديقة مع ولديها، تختطف ابنتها، وتجد نفسها ضحيّة للاغتصاب على سرير الخاطف "أبو الشوق" أيمن رضا، وبينما كانت ذاهلةً عمّا حولها؛ نسيت ألمها لتحتضن ابنتها قبل انهيارٍ ستتداعى صوره بذاكرتها المثقلة بالألم كثيرًا، فيما لا زال الأمل يراودها بخبر عن زوجها "تيم" جوان خضر الذي يقتل ذبحًا.
أما في "بسيمة" السيّدة الشاميّة البسيطة في "حرائر" تتمرد على سلطة قوانين عصرها الذكوريّة، تعلّم ابنتيها، وترفض التفريط في حقّهم بإرث والداهم، وتقف في وجه أخو زوجها المتوفى "صبحي" أيمن زيدان، وابتزازهه، واستضاعفه لها، ورغبته بضمّها لحريمه، ومنذ أعوام طويلة، آثرت فواخرجي أن يقتصر ظهورها التلفزيوني خلال رمضان على عمل واحد، أو عملين كحد أقصى؛ لكن تقديمها لثلاثة أعمال هذا العام كسر القاعدة، حيث اتخذت قرار المشاركة بـ "حرائر" إلى جانب "بانتظار الياسمين"، بعد أن اطمئنت لقرار عرض "حارة المشرقة" خارج الموسم الرمضاني.
وكان دورها الجديد تماما في مسيرتها، الذي ارتدت فيه رداء "السيدّة اللعوب"، واشتغالها على الدور بإبراز المبررات الإنسانية لمآل شخصيّة "شهيرة" وتلوين سلوكها بمفراداتٍ طريفة؛ الملمح الأهم بعملٍ غرقت معظم خطوطه بالثرثرة، وعانت من بطء الإيقاع، والأداء الباهت لمعظم الممثلين، يستثنى منهم أيمن رضا، وعبد المنعم عمايري، محمد حداقي، ومعتصم النهار؛ لكنّ متابعة تصاعد دور سلاف "لمى في بانتظار الياسمين" الذي بلغ إحدى ذراه في مشهد الاغتصاب؛ كفيلٌ بانتزاع الإعجاب حدّ الدهشة، بأداءٍ يحبس الأنفاس، صادقٍ، وخالٍ من النزوع نحو الإثارة المفتعلة، وضجيج الصراخ، وبعيدٍ كل البعد عن ابتذال مشاهد السرير في أعمالٍ أخرى هذا الموسم، وإمعانها باستثارة امتعاض المشاهدين، ودفعهم للغثيان.
أيضًا تعيد في دور "بسيمة" بطلة "حرائر" الاعتبار لصورة السيدّة الشاميّة، وفطريتّها، وبساطتها، وحسن تدبيرها، وقدرتها على اكتساب أسباب القوة من مجتمعها، لتكون "أخت رجال" بالمعنى الحقيقي لهذه العبارة، بعيدًا عن صورة المرأة "الشاضومة" و"المغناج" ومناكفاتها التي أمعن صنّاع أعمال البيئة الدمشقية، في إعادة استنساخها، وترسيخها بأذهان المشاهدين خلال الأعوام الماضية.
ويركز أداؤها على نصّ مختلف كتبته عنود الخالد، استطاع أن يشكّل خرقا لتلك الصورة النمطية البائسة، ويخرجه باسل الخطيب أحد شركاء نجاح النجمة السوريّة بأعمالٍ سينمائية، وتلفزيونية لا تنسى كـفيلم "مريم"، ومسلسل "حدث في دمشق"، ويسجّل لها في دور "بسيمة"، عدم الركون لمواصفات النجاح الكثيرة المتوفرّة في "حرائر"، واشتغالها على تقديم نكهةٍ ملائمة لهذه الشخصيّة على مستوى نبرة الصوت وضبط السلوك بحيث لا يخرق تمردّها صورة المرأة البسيطة المحافظة، وبراءة شكلها بما يعكس شفافيّة روحها.
أرسل تعليقك